جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 5 فبراير 2023

(2) اختصار درس روضة الأفهام في شرح بلوغ المرام

 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ، وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ.

الحديث صحيح.

من الفوائد:

-  أن الماء طاهر مطهر.

-هذا الحديث مخصوص بما إذا وقعت النجاسة في الماء وغيَّرت أحد أوصافه الثلاثة، فإنه ينجس.

-ظاهره طهورية الماء المتغيِّر؛ لطول مكثه. وقد نُقِل الاتفاق على عدم كراهته إلا ما جاء عن ابن سيرين.«المجموع» (1/91) للنووي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ»أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ.

وَلِلْبَيْهَقِيِّ: «الْمَاءُ طَهُورٌ إِلَّا إِنْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ، أَوْ طَعْمُهُ، أَوْ لَوْنُهُ بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهِ».

« إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ» هذه الزيادة من طريق رِشدين بن سعد، وقد كان صالحًا في دينه مغفلًا في روايته. والإجماع على هذه الزيادة، أنه إذا وقع في الماء نجاسة وتغير أحد أوصافه الثلاثة بسبب النجاسة؛ فإنه ينجس. نقل الإجماع ابن المنذر في «الإجماع» والبيهقي في «السنن»(1/393).

فمثلًا: هذا الماء الذي في هذه القارورة لو وقعت فيه نقطة بول فالماء طاهر، إلا إذا تغير أحد أوصافه، إما ذوقه أو لونه أو رائحته، فإذا ذاقه، فوجد ذوقه تغير يكون نجسًا، لكن هذا من غير الموسوسين، الموسوس لا حكم له.

وإذا ظنَّ أو غلب على ظنه أنه يستعمل النجاسةَ؟

إليكم فتوى والدي رَحِمَهُ الله:

الطالب: إذا حدثت النجاسة ولم يتغير الماء؟

الشيخ: ولم يغيِّر الماء؟

الطالب: نعم.

الشيخ: ولا يظن استعمال النجس باستعمالِهِ أم يظن؟

الطالب: كيف يظن أنه استعمل النجاسة؟

الشيخ: المسألة ظنِّيَّة ولا شيء، -أنت تظن-وقعت قطرة بول بين إناء قدر صاع، فهل أنت تظن أنك تستعمل هذه القطرة؟

الطالب: لا، أستعمل الماء.

الشيخ: تستعمل الماء، إذا كان المُهم المسألة بالظن وإلا فلا، إذا تغير أحد أوصافه بنجاسةٍ تحدث فيه.

المرجعمراجعة تدريب الراوي» لوالدي رَحِمَهُ الله.

مسألة: إذا تغير الماء بسبب رائحة نجاسة بجواره؟

إذا كان بجواره نجاسة، كجيفة ميْتة وأنتنت، فأثَّرت رائحتها في الماء هذا لا ينجس، «إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ».

مسألة: حكم تنقية مجاري المياه هل ينفع هذا في تطهيرِها؟

إليكم ما ذكره الشيخ البسام رَحِمَهُ الله في «توضيح الأحكام»(1/126): أمَّا مجلس المجمع الفقهي الإِسلامي لرابطة العالم الإِسلامي، في دورته الحادية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409 هـ الموافق 19 فبراير 1989 م، إلى يوم الأحد 20 رجب 1409 هـ:

فقد نظر في السؤال عن حكم ماء المَجَارِي بعد تنقيته، هل يجوز رفع الحدث بالوضوء والغُسْل به؟ وهل تجوز إزالة النجاسة به؟

وبعد مراجعة المُختصِّين بالطرق الكيماوية، وما قرَّروه من أنَّ التنقية تتم بإزالة النجاسة منه على مراحل أربع، وهي: الترسيب، والتهوية، وقتل الجراثيم، وتعقيمه بالكلور، بحيث لا يبقى للنجاسة أثرٌ في طعمه ولونه وريحه، وهم مسلِمون عدولٌ، موثوق بصدقهم وأمانتهم.

قرَّر المجمع ما يأتي: أنَّ ماء المجاري إذا نُقِّيَ بالطرق المذكورة وما يماثلها، ولم يبقَ للنجاسة أثرٌ في طعمه ولا في لونه ولا في ريحه صار طهورًا، يجوز رفع الحدث وإزالة النجاسة به؛ بناءً على القاعدة الفقهية التي تقرِّر أنَّ الماء الكثير الذي وقعت فيه نجاسة يطهر بزوال هذه النجاسة منه؛ إذا لم يبق لها أثره فيه، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ»، وَفِي لَفْظٍ: «لَمْ يَنْجُسْ» أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ.

الحديث حسن.

« قُلَّتَيْنِ» تثنية قُلَّة، والقُلَّة: الجرة الكبيرة من الفخَّار، ويكون أسفله واسع وأعلاه ضيق. وذكر الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في «شرح بلوغ المرام» أنها تسمى بالزير.

ويقال لها في اللغة العربية: الحنتم.

«لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ» يفسره الرواية الأخرى: «لَمْ يَنْجُسْ» أي: لا يقبل النجاسة.

من الفوائد:

-أن الماء الذي يبلغ قلتين إذا وقع فيه نجاسة لا ينجس. وهذا مقيد بما إذا لم يتغير أحد أوصافه بالنجاسة، أما إذا تغير أحد أوصافه بالنجاسة فإنه ينجس ولو بلغ قلتين.

-مفهوم الحديث أن الماء إذا كان دون قلتين ووقعت فيه النجاسة فإنه ينجس.

 وهذا المفهوم يعارضه حديث منطوقٌ، أن النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال: «إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ».

وإذا تعارض منطوق ومفهوم قدم المنطوق.

فإذا كان الماء أقل من قلتين ووقعت فيه نجاسة فهو طاهر إلا إذا تغير بالنجاسة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَغْتَسِلْ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

 وَلِلْبُخَارِيِّ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ».

 وَلِمُسْلِمٍ: «مِنْهُ».

 وَلِأَبِي دَاوُدَ: «وَلَا يَغْتَسِلُ فِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ».

الماء الدائم: الساكن الذي لا يجري، وهذا مثل: برك الماء، والأحواض، ومستنقعات الأمطار.

الجُنب: من وجب عليه الغسل بالجماع، وخروج المني.

-في هذا الحديث: النهي عن الاغتسال في الماء الدائم لمن عليه جنابة، وهذا ليس لأجل تنجيسه، ولا لأنه مستعمل، ولكن لتقذيره، كما ذكر شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللهُ.

وفي حكمه الحائض، بل أشد؛ لأنها حدثها أعظم، ولِمَا يُخشى من نزول نجاسة الدم فيه.

وهل يشمل إذا أراد الغسل لتبريد الجسم، أو نظافته، أو غسل مستحب؟

قال بهذا بعض أهل العلم؛ لأنه إذا نهي الجنب عن الاغتسال في الماء الدائم مع حاجته للماء، فغيره من باب أولى. وهذا قول الشيخ ابن عثيمين.

أما الوضوء، يغسل أعضاء وضوئِهِ في الماء الدائم الراكد، فهذا جائز، لا كراهة فيه.

-ونستفيد من مفهوم الحديث: جواز الاغتسال في الماء الجاري سواء للجنب أو الحائض أو غيرهما.

والرواية الثانية: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ»، وَلِمُسْلِمٍ: «مِنْهُ». الاغتسال فيه أي: يدخُل في الماء ويغتسل، أما ويغتسل منه فالمراد يتناوله تناولًا، يعني: من غير أن يدخل فيه.

وهذا فيه استبعاد من النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لهذا الفعل، كيف يبول في الماء الدائم ثم يغتسل فيه أو يغتسل منه.

 فنستفيد النهي عن البول في الماء الدائم، فإن هذا يسبب استقذاره، وقد تتراكم النجاسة فتؤثر في طهورية الماء.

الأصل في النهي أنه للتحريم، ولا يقال بالكراهة إلا إذا وُجد صارف.

-عموم هذا الحديث مخصوص بالماء المستبحِر-وهو: الذي ماؤه كثير كالبحر-فأجمعوا على جوازه، وتركه أولى.

ونقل ابن دقيق العيد الإجماع أيضًا أن النجاسة لا تؤثر في الماء المستبحر.

ومن المسائل: النهي عن الغائط في الماء الدائم، الحديث يتناوله؛ لأنه أخبث وأغلظ.