جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 12 يوليو 2016

(7)مِنْ جَوَامِعِ الأَدْعِيَةِ

روى أبوداود في «سننه» (1552)عَنْ أَبِي الْيَسَرِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى 
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي، وَأَعُوذُ 
بِكَ مِنَ الْغَرَقِ، وَالْحَرَقِ، وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَعُوذُ 
بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا».والحديث صحيح.

في هذا الحديث الاستعاذة من  ثمان خصال
(مِنَ الهَدْمِ)أي هدم البناء .
(وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي)قال القاري في «مرقاة المفاتيح» (4/1731) أَيِ: السُّقُوطِ مِنْ مَكَانٍ عَالٍ كَالْجَبَلِ وَالسَّطْحِ أَوِ الْوُقُوعُ فِي مَكَانٍ سُفْلِيٍّ كَالْبِئْرِ.اهـ.
(وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ) بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرُ غَرَقَ فِي الْمَاءِ .
(وَالْحَرَقِ) أَيْ: بِالنَّارِ .
وَإِنَّمَا اسْتَعَاذَ مِنَ الْهَلَاكِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ نَيْلِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا مِحَنٌ مُجْهِدَةٌ مُقْلِقَةٌ لَا يَكَادُ الْإِنْسَانُ
يَصْبِرُ عَلَيْهَا وَيَثْبُتُ عِنْدَهَا، فَلَعَلَّ الشَّيْطَانَ انْتَهَزَ فُرْصَةً مِنْهُ فَيَحْمِلُهُ عَلَى مَا يُخِلُّهُ وَيَضُرُّ بِدِينِهِ اهـ من «مرقاة المفاتيح» .
(وَالْهَرَمِ)قال الشوكاني في «تحفة الذاكرين» (417): هُوَ الْبلُوغ فِي الْعُمر إِلَى سنّ تضعف فِيهِ الْحَواس والقوى ويضطرب فِيهِ الْفَهم وَالْعقل وَهُوَ أرذل الْعُمر.اهـ.
 وأرذل العمر قال تعالى عنه :{ وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ}.وقال تعالى:
{ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا}.يعود إلى حالة لا يعرف
 الضار من النافع  كالطفل بل أسوء حالًا وأشد نسأل الله العافية.
وهذه الحالة تذكِّرُنا بمراحل عمرالإنسان
من طفولة وشباب وكهولة وشيخوخة حتى وصل إلى الهرم ثم يأتيه الموت إذا انتهى 
أجله فهذه نهاية الحياة . ونستفيد أن الحال لا يدوم  .
فهنيئا لمن تزوَّد ليوم رحيله ، واستعدَّ ليوم معاده .
(يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ)وهذا من عداوة الشيطان لابن آدم أنه يسعى بكل جهده في إغواء ابن آدم حتى آخر لحظة من أنفاسه.
والشيطان أحرص ما يكون على التخبط عند الموت بالوسوسة والإغواء لأنها آخر فرصة له أعاذنا الله منه .
وقد ذكر الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (10/341)أنه رُوِيَ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ  بن أحمد ويروى عن صالح أيضا أنه: حين احتضر أحمد جَعَلَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: لَا بَعْدُ، لَا بعد، فقلت: يا أبة ما هذه اللفظة التي تلهج بِهَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّ إِبْلِيسَ وَاقِفٌ فِي زَاوِيَةِ الْبَيْتِ وَهُوَ عَاضٌّ عَلَى أُصْبُعِهِ وَهُوَ يَقُولُ: فُتَّنِي يَا أَحْمَدُ؟ فَأَقُولُ لَا بَعْدُ لَا بَعْدُ- يَعْنِي لا يفوته حتى تخرج نفسه مِنْ جَسَدِهِ عَلَى التَّوْحِيدِ .اهـ.
 (وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا)أي الفرار يوم الزحف وهذا كبيرة من الكبائر ومن الموبقات.

(وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا)اللديغ هو الذي تلدغه ذوات السموم كالحية والعقرب .