مخالطة المردان
كان والدي رَحِمَهُ الله يحذِّر من مخالطة المردان، وتكرار النظر إليهم؛ سدًّا لذرائع الفتن.
وكان يقول: إن الشيطان قد يتسلَّط على بعض طلبة العلم بما لا يقع في بال الآخرين من العوام. ثم ذكر عند أن كان في الشغل في مكة- حرسها الله- كانوا مجموعة ينامون في غرفة واحدة، ولا يلتفت أحدهم إلى هذا، ولا يدخل في أذهانهم شيء.
الأمرد: الغلام الذي لم تنبت لحيته بعد.
وأصل هذه المادة من الملاسة؛ فسمي الأمرد لملاسة وجهه. اهـ المراد من «تهذيب الأسماء واللغات» (3/ 137) للنووي.
قلت: وفي هذه المسألة يقول الحافظ ابن كثير في تفسير سورة النور رقم الآية(30): وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَوْنَ أَنْ يَحُدَّ الرَّجُلُ بَصَرَهُ إِلَى الْأَمْرَدِ.
وقال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (21/251): من كرر النظر إلى الأمرد ونحوه أو أدامه، وقال: إني لا أنظر لشهوة: كَذَبَ في ذلك؛ فإنه إذا لم يكن معه داع يحتاج معه إلى النظر، لم يكن النظر إلا لما يحصل في القلب من اللذة بذلك.
وقال ابن القيم في «روضة المحبين» (104): وفوائد غض البصر وآفات إرساله أضعاف أضعاف ما ذكرنا، وإنما نبهنا عليه تنبيهًا، ولا سيما النظر إلى من لم يجعل الله سبيلًا إلى قضاء الوطر منه شرعًا كالمردان الحسان، فإن إطلاق النظر إليهم السم الناقع، والداء العضال.