جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 31 يوليو 2019

(137)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله


        استعداد المضحي قبل دخول عشر ذي الحجة



عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» .

وفي رواية ( فَلَا يَأْخُذَنَّ شَعْرًا، وَلَا يَقْلِمَنَّ ظُفُرًا )رواه مسلم (1977).

استنبط والدي الشيخ مقبل رحمه الله من هذا الحديث:أن من عنده أُضحية فلا يأخذ من شعره ولا ظفره ولا بشره شيئًا حتى يذبح أُضحيته.

واستفدنا منه رحمه الله أن :النهي في الحديث نهيُ كراهة تنزيه.



المضحَّى عنه

استفدنا من والدي رحمه الله أن النهي في حديث أم سلمة السابق يتناول أيضًا المضحَّى عنه فلا يأخذ من شعره ولا ظفره ولا بشره شيئًا.

وكان أيضا ينهانا عن ذلك،لأنه يرى أن المنع عام سواء ضحَّى أو ضُحِّي عنه.




[معنى:وَبَشَرِهِ شَيْئًا.البشره الجلد فلا يأخذ شيئًا من جلده كالختان،وإزالة الجلد الميت من القدم.ينظر كلام الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع7/488].

الثلاثاء، 30 يوليو 2019

(4) مُلَخَّص في الحج والعمرة


                   الاشتراط عند الإحرام

يستحب الاشتراط عند الإحرام للمريض  والخائف ومن يخشى من عائق يمنعه من إتمامه نسكه.

لحديث عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهَا: «لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الحَجَّ؟» قَالَتْ: وَاللَّهِ لاَ أَجِدُنِي إِلَّا وَجِعَةً، فَقَالَ لَهَا: " حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي ". رواه البخاري (5089)،ومسلم (1207).

أما إذا لم تدعُ الحاجة إلى الاشتراط فلا يشترط ،لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يأمر الذين ليس عندهم عائق أن يشترطوا.

ومما تدعو إليه الحاجة إذا خشيت المرأة أن تطول مدة الحيض  فيتعذر عليها إتمام نسكها هذه لها أن تشترط.

وقد أفتى بذلك الشيخ ابن عثيمين في «لقاء الباب المفتوح»وقال:هذا الاشتراط لا يُسَنُّ إلا إذا كان هناك خوف مِن مرض أو امرأة تخاف من الحيض..  

وفائدة الشرط  عند الإحرام أمران كما قال ابن قدامة في المغني رقم المسألة (2293):

 أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إذَا عَاقَهُ عَائِقٌ مِنْ عَدُوٍّ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ ذَهَابِ نَفَقَةٍ، وَنَحْوه، أَنَّ لَهُ التَّحَلُّلَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَتَى حَلَّ بِذَلِكَ، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا صَوْمَ اهـ.

ومن لم يشترط عند الإحرام ثم أُحصر بمرضٍ أو عارضٍ منعه عن الإتمام فيفعل كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لَمَّا أُحصر بالحديبية ومُنِع من دخول مكة وقد جاء محرمًا بعمرة  فحلق رأسه ونحر هديه وأمر أصحابه بذلك .

روى البخاري (2731) عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ قَالا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ الحديث وفيه :فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الكِتَابِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا» ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ، اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا ..الحديث.

قال الشيخ ابن باز في «مجموع الفتاوى»(18/7): إذا لم يشترط ثم حصل له حادث يمنعه من الإتمام:

 إن أمكنه الصبر رجاء أن يزول المانع ثم يكمل صبر.

 وإن لم يتمكن من ذلك فهو محصر على الصحيح، والله قال في المحصر:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}. 
والصواب أن الإحصار يكون بالعدو، ويكون بغير العدو كالمرض. فيهدي ثم يحلق أو يقصر ويتحلل، هذا هو حكم المحصر، يذبح ذبيحة في محله الذي أحصر فيه، سواء كان في الحرم أو في الحل، ويعطيها للفقراء في محله ولو كان خارج الحرم، فإن لم يتيسر حوله أحد نقلت إلى فقراء الحرم، أو إلى من حوله من الفقراء، أو إلى فقراء بعض القرى ثم يحلق أو يقصر ويتحلل، فإن لم يستطع الهدي صام عشرة أيام ثم حلق أو قصر وتحلل.اهـ

ومن لم يشترط عند الإحرام فقد فاته،فلا ينفعه فيما بعدُ أن يشترط.




السبت، 27 يوليو 2019

(3) مُلَخَّص في الحج والعمرة


                        المواقيت

المواقيت نوعان:

مواقيت زمانية وهي أشهر الحج،ويقال:أشهر الإحرام وهي:

شوال ،وذوالقعدة ،وذو الحجة.

ولا يصح الإحرام بالحج في غير هذه الأشهر.


كما أنَّ من اعتمر في رمضان لا يعد متمتعًا بالعمرة إلى الحج،لأنه لم يأتِ بالعمرة في أشهر الحج.

والمواقيت الزمانية خاصة بالحج قال تعالى:﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾[البقرة:197].


 وأما العمرة فتؤدى في أي وقتٍ إذ ليس لها وقت معيَّن.


مواقيت مكانية

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ، فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ». رواه البخاري (1524)، ومسلم (1181).


اشتمل هذا الحديث على أربعة مواقيت:

ميقات أهل المدينة:ذوالحليفة.

ويسميه بعض العوام أبيار علي.وهذه تسمية باطلة.

قال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى»(26/99):ذُو الحليفة،وَتُسَمَّى وَادِيَ الْعَقِيقِ،وَمَسْجِدُهَا يُسَمَّى مَسْجِدَ الشَّجَرَةِ. وَفِيهَا بِئْرٌ تُسَمِّيهَا جُهَّالُ الْعَامَّةِ " بِئْرَ عَلِيٍّ " لِظَنِّهِمْ أَنَّ عَلِيًّا قَاتَلَ الْجِنَّ بِهَا وَهُوَ كَذِبٌ. فَإِنَّ الْجِنَّ لَمْ يُقَاتِلْهُمْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَعَلِيٌّ أَرْفَعُ قَدْرًا مِنْ أَنْ يَثْبُتَ الْجِنُّ لِقِتَالِهِ وَلَا فَضِيلَةَ لِهَذَا الْبِئْرِ وَلَا مَذَمَّةَ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا حَجَرًا وَلَا غَيْرَهُ.اهـ

وذو الحليفة أبعد المواقيت من مكة.

ميقات أهل الشام :الجحفة. ويقال:مَهْيَعَةُ جاء هذا عند مسلم(1182)عن عبدالله بن عمرأن النبي صلى اله عليه وسلم قال:وَمُهَلُّ أَهْلِ الشَّامِ مَهْيَعَةُ، وَهِيَ الْجُحْفَةُ.

قال الشيخ ابن باز في «التحقيق والإيضاح»(20):الجحفة ميقات أهل الشام ،وهي قرية خراب تلي رابغ،والناس اليوم يحرمون من رابغ، ومن أحرم من رابغ فقد أحرم من الميقات، لأن رابغ قبلها بيسير.

ميقات أهل نجد:قرن المنازل.

ويُسمى اليوم السيل،ووادي المحرم.قال البسام في«توضيح الأحكام»(4/44):وادي محرم:هذا هو أعلى قرن المنازل..

ميقات أَهْلِ اليَمَنِ: يَلَمْلَم.قال النووي في«الإيضاح في مناسك الحج والعمرة»(117):ويقالُ: أَلمْلَم وهُوَ ميقاتُ الْمُتَوَجِّهينَ مِنْ تِهَامَةَ ،وَتهامَةُ بَعْض من اليمن فَإِن اليمن يَشْمَلُ نَجْدًا وتهَامَةَ.اهـ

ويسمى الآن السعدية. قال البسام في«توضيح الأحكام»(4/44):يلملم فيه بئر تمسى السعدية، نسبة إلى امرأة حفرتها تسمى:"فاطمة السعدية".اهـ


وجاء ميقات خامس:ذات عرق لأهل العراق.جاء في حديث عائشة عند أبي داود وغيره.

قال الشيخ ابن عثيمين في «مناسك الحج والعمرة»(19): ويسمى عند أهل نجد الضريبة.اهـ

هذه المواقيت لأهل هذه البلدان المذكورة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ».فلا يجوز تجاوزها من غير إحرام لمن أراد الحج والعمرة.

وقوله:«هُنَّ لَهُنَّ»أتى بنون الإناث في لهن لأن المراد هذه المواقيت لهذه البلدان.وجاء في رواية لمسلم(1181)«هُنَّ لَهُمْ»أي:لأهل هذه البلدان.

  


الخميس، 25 يوليو 2019

(5)أسئلة في الحج والعمرة


تقول:تريد العمرة ثم الحج وقد تمر بالميقات وهي حائض فكيف تعمل؟

ج:تغتسل إذا مرت بالميقات ثم تحرم كما يفعل غيرها.

لحديث جابر الطويل في حجة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:خَرَجْنَا مَعَ النبي صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ:«اغْتَسِلِي، وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي»رواه مسلم (1218).

ولا  تعتمر حتى تطهر لأن الطواف لا يصح من الحائض.

وإذا كانت المرأة متمتعة وخشيت أن يفوتها الوقوف بعرفة فتحوِّل نسكها إلى نسُك قران.كما فعلت عائشة رضي الله عنها فقد كان نسكها تمتع تقول رضي الله عنها:وكنت ممن أهلَّ بعمرة.

واستمر بها الحيض ولم تطهر إلا يوم عرفة فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تدخل الحج على العمرة فتصير قارنة.

روى مسلم (1211)عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا حَاضَتْ بِسَرِفَ فَتَطَهَّرَتْ بِعَرَفَةَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«يُجْزِئُ عَنْكِ طَوَافُكِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، عَنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ».

وفي رواية لمسلم (1213) عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ..الحديث وفيه: ثُمَّ أَهْلَلْنَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَوَجَدَهَا تَبْكِي، فَقَالَ:«مَا شَأْنُكِ؟» قَالَتْ: شَأْنِي أَنِّي قَدْ حِضْتُ، وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ، وَلَمْ أَحْلِلْ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَالنَّاسُ يَذْهَبُونَ إِلَى الْحَجِّ الْآنَ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاغْتَسِلِي، ثُمَّ أَهِلِّي بِالْحَجِّ» فَفَعَلَتْ وَوَقَفَتِ الْمَوَاقِفَ، حَتَّى إِذَا طَهَرَتْ طَافَتْ بِالْكَعْبَةِ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ قَالَ: «قَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ جَمِيعًا».

قال ابن القيم في«زاد المعاد»(2/139)عقب حديث جابر: هَذَا يَدُلُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أُمُورٍ.

 أَحَدُهَا: أَنَّهَا كَانَتْ قَارِنَةً.

 وَالثَّانِي: أَنَّ الْقَارِنَ يَكْفِيهِ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ.

 وَالثَّالِثُ:أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ تِلْكَ الْعُمْرَةِ الَّتِي حَاضَتْ فِيهَا، ثُمَّ أَدْخَلَتْ عَلَيْهَا الْحَجَّ، وَأَنَّهَا لَمْ تَرْفُضْ إِحْرَامَ الْعُمْرَةِ بِحَيْضِهَا، وَإِنَّمَا رَفَضَتْ أَعْمَالَهَا وَالِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا..الخ. 


في حجتي حجة الإسلام(عام1414)كانت امرأة معنا متمتعة وأحرمت بالعمرة لما مرت بالميقات وهي حائض وطهرت اليوم الثامن وكان فيه زحمة شديدة، يقف الناس وقوفًا طويلا وهم في المسعى،فأمرها بعض الذين هم ليسوا متمكنين في العلم أن تجعل عمرتها حج إفراد.


ونلاحظ أن حالتها ينطبق عليها ما وقع لأم المؤمنين عائشة،فكان المشروع أن تُرشَد إلى أن تدخل الحج على العمرة،كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم عائشة إلى ذلك.


 فما أحسن العلم.

ما أحسن الفقه في الدين.

من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.



وقد وجدت سؤالًا في «فتاوى الشيخ ابن عثيمين»(22/39)بما حاصله:أن بعض الناس غيروا العمرة إلى إفراد.


فأجاب رحمه ربي وغفر له: الذي يظهر لي من سؤال هذا الأخ أنهم كانوا أحرموا بالعمرة متمتعين، وخافوا أن لا يتمكنوا من أداء العمرة قبل الحج، فأحرموا بالحج، فهذا إن كان تغيير النية قبل الإحرام فلا حرج في ذلك، وإن كان بعد الإحرام فإن حجهم كان قرانًا، ولم يكن إفرادًا، ومعنى أنه كان قرانًا أنه لما أدخلوا الحج على العمرة صاروا قارنين، فإن القران له صورتان:

الأولى: أن يحرم بالحج والعمرة جميعًا من أول عقد الإحرام.

الثانية: أن يحرم بالعمرة أولًا ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها.

وعلى هذا ما دمتم أحرمتم بالعمرة أولًا ثم بدا لكم أن تجعلوها حجاً فإنكم تكونون قارنين..
  

هذا،وإذا خافت المرأة أنها لا تتمكن أبدًا من إتمام نسكها لوجود الحيض  فلا بأس أن تشترط وتقول:اللهم محلي حيث حبستني.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في «لقاء الباب المفتوح» في الجواب عن سؤال:الاشتراط في الحج، هل هناك حالات معينة يَشْتَرِط فيها الحاج ويقول: إن حَبَسَنِي حابسٌ فمحلي حيث حَبَسْتَنِي؟

جواب الشيخ:

 الاشتراط في الحج أن يقول عند عقد الإحرام: إن حَبَسَنِي حابسٌ فمحلي حيث حَبَسْتَنِي.

وهذا الاشتراط لا يُسَنُّ إلا إذا كان هناك خوف مِن مرض أو امرأة تخاف من الحيض، أو إنسان متأخر يخشى أن يفوته الحج، ففي هذه الحالة ينبغي أن يشترط، وإذا اشترط وحصل ما يمنع من إتمام النسك، فإنه يتحلل وينصرف ولا شيء عليه.

أما إذا كان الإنسان غير خائف فالسنة أن لا يشترط، بل يعزم، ويتوكل على الله، ويحسن الظن بالله عزَّ وجلَّ.



[معنى:واستثفري.الاستثفار هُوَ أَنْ تَشُدَّ فِي وَسَطِهَا شَيْئًا وَتَأْخُذَ خِرْقَةً عَرِيضَةً تَجْعَلُهَا عَلَى مَحَلِّ الدَّمِ وَتَشُدَّ طَرَفَيْهَا مِنْ قُدَّامِهَا وَمِنْ وَرَائِهَا فِي ذَلِكَ الْمَشْدُودِ فِي وَسَطِهَا.شرح صحيح مسلم8/170 للنووي.ويدخل فيه الفوط الصحية الخاصة بالحيض في هذه الأزمنة].

(4)أسئلة في الحج والعمرة


   هل يجب على المحرمة ستر وجهها ؟


ج:لقد جاء الشرع بوجوب ستر المرأة وجهها وجسدها محرمةً أو غير محرمة.

قال سبحانه:﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60)﴾[النور].

وقال تعالى:﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾[الأحزاب:53].

وقال تعالى:﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)﴾[الأحزاب].

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «المَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ»رواه الترمذي(1173).
والذي تجتنبه المحرمة لبس النقاب والقفاز.هذا جاء النهي فيه للمحرمة،لكنها تستر وجهها  وتستر يديها تحت الحجاب للأدلة السابقة وما في معناها.


وأنبِّه على شيءٍ يفعله بعضُ النساء وهو:
 مباعدة  الخمار عن ملامسة الوجه ظنًّا أنه من محظورات الإحرام.
وهذا ليس بصحيح،إذ لو كانت مأمورة به لأمرها به النبي صلى الله عليه وسلم.

قال شيخ الإسلام في«منسكه»(40):وَلَا تُكَلَّفُ الْمَرْأَةُ أَنْ تُجَافِيَ سُتْرَتَهَا عَنْ الْوَجْهِ لَا بِعُودِ وَلَا بِيَدِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ أَزْوَاجَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ يُسْدِلْنَ عَلَى وُجُوهِهِنَّ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ الْمُجَافَاةِ ،وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا ". وَإِنَّمَا هَذَا قَوْلُ بَعْضِ السَّلَفِ،لَكِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاهَا أَنْ تَنْتَقِبَ أَوْ تَلْبَسَ الْقُفَّازَيْنِ.اهـ المراد


وقال ابن القيم في «بدائع الفوائد»(3/143):ولم تكنْ إحداهُنَّ تَتَّخِذُ عودًا تجعلُه بين وجهها وبين الجلباب كما قاله بعضُ الفقهاء، ولا يعرفُ هذا عن امرأة من نساء الصَحابة، ولا أمَّهات المؤمنين البتةَ لا عملًا ولا فتوى.

ومستحيلٌ أن يكونَ هذا من شعار الإحرام، ولا يكون ظاهرًا مشهورًا بينهنَّ يعرفه الخاصُّ والعامُّ.اهـ

(3)أسئلة في الحج والعمرة





تسأل إحدى النساء عن نفقة الحج هل هي واجبة على الزوج أم لا؟

ج:أما الوجوب فلا يجب عليه أن يحج بها أو يدفع عنها تكاليف الحج.

ولكن يستحب استحبابًا مؤكدًا أن يقوم بذلك لأن:

هذا من حُسْن العشرة.

ولهذا حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بنسائه التسع في حجة الوداع،وهو القائل: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي) رواه الترمذي  (3895)

فيه إدخال الفرح والسرور على الزوجة وزيادة الأُلفة والمودة،فإن الإحسان والعطاء يجلب المحبة،حتى إن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في «شرح العقيدة الواسطية»(1/242)يقول في سياق أسباب محبة العبد ربه:وأعتقد لو أن أحدًا أهدى إليك قلمًا لأحببته، فإذا كان كذلك فأنت انظر نعمة الله عليك،النعم العظيمة الكثيرة التي لا تحصيها، تحب الله.اهـ 

فيه أجرٌ عظيم فهو يدخل في الحث على قضاء حوائج الناس ومنفعتهم.

فإذا كان الرجل قادرًا على ذلك فليحسِن وليكرم المرأة الضعيفة التي أوصى الله بالرفق بها والإحسان إليها،ولا يبخل بنفسه أو بماله فإن من شِيَمِ الكرام مكافأة الإحسان بالإحسان[والله سبحانه بَرٌّ يحب البر وأهله،ومن رفق بعباده رفق به، ومن رحم خلقه رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه،ومن جاد عليهم جاد عليه،ومن نفعهم نفعه،ومن منعهم خيره منعه خيره،فالله تعالى لعبده على حسب ما يكون العبد لخلقه،ولهذا جاء في الحديث«من ستر مسلمًا ستره الله تعالى في الدنيا والآخرة، ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله تعالى عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله تعالى حسابه.. فكما تدين تدان.

وكن كيف شئت فإن الله تعالى لك كما تكون أنت لعباده].اهـ المراد من الوابل الصيب(36)لابن القيم.


وإذا كان هذا في آحاد الخلق من المسلمين فكيف بالزوجة:
 أم الأولاد،شريكة الحياة،القائمة بشؤون الزوج من خدمة وطبخٍ ونظافة وما يحتاج إليه،تسعد لسعادته وتحزن لحزنه..إن هذا ليؤكِّد حق المرأة على زوجها في القيام بنفقة حجها. 


أما إذا كان هناك شرط على الرجل في العقد أن يحج بها والتزَم به فإنه يجب عليه،وفاءً بوعده .قال تعالى:﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾[المائدة:1].

وروى البخاري(2721)،ومسلم (1418)عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ».


وبعد تقرير هذا فإليكم فتوى بعض علمائنا في هذه المسألة.

سُئِل الشيخ ابن باز في «مجموع الفتاوى»(16/394) عن هذه المسألة فأجاب:

لا يجب على الزوج دفع تكاليف حج زوجته، وإنما نفقة ذلك عليها إذا استطاعت، لقول الله عز وجل:﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾.

وقول النبي  صلى الله عليه وسلم  لما سأله جبرائيل  عليه السلام عن الإسلام قال: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا».

 خرجه مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب  رضي الله عنه.

وهذه الآية الكريمة والحديث الشريف يعمان الرجال والنساء، ويعمان الزوجات وغير الزوجات،لكن إذا تبرع لها بذلك فهو مشكور ومأجور.اهـ

في فتوى اللجنة الدائمة(11/35): لا يلزم الزوج شرعا بنفقات حجها وإن كان غنيا، وإنما ذلك من باب المعروف، وهي غير ملزمة بالحج لعجزها عن نفقته.

وفي موضعٍ آخر من فتوى اللجنة الدائمة وعلى رأسهم الشيخ ابن باز (11/94): لا يجب على الزوج لزوجته نفقات حجها مثل ما تجب عليه نفقات أكلها وكسوتها وسكناها، ولكن بذله من باب حُسن العشرة ومكارم الأخلاق، ويجب لها عليه في سفر حجها ما يقابل نفقتها حال كونها مقيمة..


وفي سلسلة الهدى والنور بما معناه يذكر الشيخ الألباني: أنه لا يجب على الرجل أن يقوم بتكاليف الحج لامرأته ولا بعلاجها لأن الدليل جاء في شيءٍ مخصوص.

وفي «مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين»(21/208) في الجواب عن سؤال:هل يجب على الرجل أن يحج بزوجته فيكون محرما لها، وهل هو مطالب بنفقة زوجته أيام الحج؟

فأجاب: لا يجب على الزوج أن يحج بزوجته إلا أن يكون مشروطًا عليه حال عقد الزواج، فيجب عليه الوفاء به، وليس مطالبًا بنفقة زوجته، إلا أن يكون الحج فريضة، ويأذن لها فيه، فإنه يلزمه الإنفاق عليها بقدر نفقة الحضر فقط.اهـ

وسئل الشيخ ابن عثيمين:رجل توفيت زوجته ولم تحج مع أن زوجها الآن قادر على الحج ويريد دفع قيمة الحج لمن يقوم بأداء الحج عنها فهل يؤجر على ذلك؟ وهل الأفضل أن يقوم بالحج هو بنفسه عنها أم يوكل؟

الجواب:الأفضل أن يقوم هو بالحج عنها من أجل أن يأتي بالنسك على وجهه الأكمل الذي يحبه، ولكن إذا كان لا يرغب بذلك ووكل من يحج عنها فهو على خير فقد أحسن إليها، وليس بغريب أن يحسن الإنسان إلى زوجته التي كانت قرينته في الحياة وشريكته في الأولاد،أما الوجوب فلا يجب عليه.[اللقاء الشهري لابن عثيمين].


الأربعاء، 24 يوليو 2019

(12)تربيةُ الأَولَادِ


                      مقتطف من بر الوالدين

                   لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله 


يجب على الأبِ أن يحسن تربية ابنِه وأن يلقي إليه المواعظ والنصائح، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)﴾ [لقمان]، إلى أن قال سبحانه وتعالى حاكيًا عن لقمان: ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ(17)وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)﴾[لقمان].

قارنوا بين هذه الوصايا  المباركة وبين وصاياكم لأبنائكم، إنك إذا نظرت إلى وصايانا لأبنائنا تجد في الغالب أنها وصايا دنيوية ،وربما تكون وصايا جاهليَّة، نعم له حقٌّ أن تربيَه وأن تحسِنَ تربيتَه.

وأنت إذا فرَّطت وما شعرت إلا وقد أصبح ولدُك شيوعيًّا أو بعثيًّا أو ناصريًّا أو حزبًا من الأحزاب الأُخرى، ستندمُ حين لا ينفعكَ الندم.

إصلاح الأُسَر أمر مهم.

 إن أحسنتَ تربية ابنك من أول الأمر فسيطيعك وسيكون خادمًا لك، وإن تركته في الشوارع كالسائبةِ،وربما لا تدري وقد أصبح يبرم شَنَبَه ويعتبرك كرتونًا، وإذا تكلمت معه ربما يتكلم معك بالكلام البذيء.


جديرٌ بك أن تحرص على تعليم ولدك «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا وهو يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ»كما في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة،ويقول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فيما يرويه عن ربه:«إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين»، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ يرى حسنًا كما في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة قد أكل تمرةً فأدخل أصبعه في فيه وأخرجها، وقال:«كخٍ كخٍ، إنها من الصدقة». 


يهتم النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بتربية البنين غاية الاهتمام، وأما إذا تركتَه للشوارع اليوم للشوارع وغدًا للحزبية،إما مع البعثيين الكفار أو الناصريين الكفار أو الاشتراكيين الكفار أو غير ذلك.


فكم من أب رأيناه يبكي، ويقول: ياليت إن الله ما خلق لي هذ الولد، هذا الولد أشقاني،هذا الولد نَغَّصَ علي معيشتي، هذا الولد أقلقني، فرَّط فيه في صِغره ،فمن أجل هذا أصبح شقاوةً على أبيه.

الله عَزَّ وَجَل يقول في كتابه الكريم:﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)﴾[طه].

ويقول أيضًا في كتابه الكريم:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾[التحريم:6].

ويقول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كما في«الصحيحين»:«كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».


فلننظر هل حقَّقنا المسؤولية أم أصبح من أبنائنا من يتخرَّج من الثانوي وإذا قلت له إقرأ:﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) ﴾[الفاتحة]. عَجَنها عجْنًا.

وإذا قلت له إقرأ:﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) ﴾[الناس].

﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1)﴾[قريش].

 وهكذا ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) ﴾ [الزلزلة]؟

أَرْسِم دجاجةً أرسم ديكًا هذا الذي عرفه كثير من الأبناء.

 أمَّا حفظُ كتاب الله الذي يهذِّب ولدَك ،«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به».

 كتاب الله وسنة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يهذِّبَان ولدك ويجعلانِه عاقلًا .

ومجالسة السفهاء دبورٌ وفساد،وربما لا تدري إلا وقد أصبح ولدُك جاسوسًا ربما لا تدري، قد حدث هذا في مصر وفي بعض البلاد التي احتلَّتها الشيوعية،ربما يتجسسُ الأب على أولاده، وربما يتجسس الأخ على إخوانه، وربما تتجسس المرأةُ على زوجها.

 كلُّ هذا بسبب التفريط يا أمة محمد.

علينا أن نحسن التربية من أول الأمر، وأن نتقيَ الله سبحانه وتعالى فيما استرعانا فيه.

[ش/بر الوالدين لوالدي رحمه الله]

(4)إن من الشعر لحكمة


                     إجلال من لا يلحن



النَّحْوُ يُصلِحُ مِنْ لِسَان الألْكَنِ ... وَالمَرْءُ تُعظِمُه إِذَا لَمْ يَلْحَنِ

فَإِذَا أَرَدْتَ مِنَ الَعُلُومِ أجَلَّهَا ... فَأَجَلُّهَا مِنْه مُقِيمُ الأَلْسُنِ



--------------------------------------

أخرجه الخطيب في «جامعه» (1085)بسنده ونسبه إلى  المبرد.



الألكن هو الذي(لَا يُقِيمُ العَرَبيَّةَ لعُجْمةِ لِسانِه).

وقيلَ: اللُّكْنَةُ عِيٌّ فِي اللِّسانِ. «تاج العروس»(36/125).



وقد انتُقِد عليه البيت الثاني :(فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الأَلْسُنِ).

اعترَض عليه ابن عبدالبر في «جامع بيان العلم وفضله»(1/244)،وأنشد:



الْعِلْمُ يَرْفَعُ كُلَّ بَيْتٍ هَيِّنٍ .. وَالْفِقْهُ يَجْمُلُ بِاللَّبِيبِ الدَّيِّنِ

وَالْحُرُّ يُكْرَمُ بِالْوَقَارِ وَبِالنُّهَى .. وَالْمَرْءُ تَحْقِرُهُ إِذَا لَمْ يَرْزُنِ

فَإِذَا طَلَبْتَ مِنَ الْعُلُومِ أَجَلَّهَا .. فَأَجَلُّهَا عِنْدَ التَّقِيِّ الْمُؤْمِنِ

عِلْمُ الدِّيَانَةِ وَهْوَ أَرْفَعُهَا لَدَى .. كُلِّ امْرِئٍ مُتَيَقِّظٍ مُتَدَيِّنِ

هَذَا الصَّحِيحُ وَلَا مَقَالَةَ جَاهِلٍ .. فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الْأَلْسُنِ

لَوْ كَانَ مُهْتَدِيًا لَقَالَ مُبَادِرًا ... فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الْأَدْيُنِ



وارتضى انتقاد ابنِ عبدالبر ابنُ مفلح في «الآداب الشرعية» (2/235) وقال: وما قاله حق.

الاثنين، 22 يوليو 2019

(2) مُلَخَّص في الحج والعمرة


                   تذكير بفضل الحج والعمرة


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ». قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ»رواه البخاري(26)،ومسلم(83).

عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرَى الجِهَادَ أَفْضَلَ العَمَلِ، أَفَلاَ نُجَاهِدُ؟ قَالَ: «لاَ، لَكِنَّ أَفْضَلَ الجِهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ»رواه البخاري(1520).

ورواه البخاري(1861)أيضًا بلفظ قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ نَغْزُو وَنُجَاهِدُ مَعَكُمْ؟ فَقَالَ: «لَكِنَّ أَحْسَنَ الجِهَادِ وَأَجْمَلَهُ الحَجُّ، حَجٌّ مَبْرُورٌ»، فَقَالَتْ عَائِشَةُ «فَلاَ أَدَعُ الحَجَّ بَعْدَ إِذْ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ».أخرجه البخاري(1773)،ومسلم (1349).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَجَّ هَذَا البَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»رواه البخاري (1819)،ومسلم (1350).

عن عمرو بن العاص رضي الله عنه الحديث وفيه:فَلَمَّا جَعَلَ اللهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي، قَالَ: «مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟» قَالَ: قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ، قَالَ: «تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟» قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي، قَالَ: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا؟ وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟» الحديث رواه مسلم (121).

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ، وَالذَّهَبِ، وَالفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلاَّ الجَنَّةُ.رواه الترمذي(810)والحديث حسن.

(يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ)أَيْ:يُزِيلَانِهِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْفَقْرَ الظَّاهِرَ بِحُصُولِ غِنَى الْيَدِ وَالْفَقْرَ الْبَاطِنُ بِحُصُولِ غِنَى الْقَلْبِ.كذا في «تحفة الأحوذي»(3/445). 


نستفيد من مجموع هذه الأحاديث:

تشويق النفوس للحج والعمرة وأن ذلك من أسباب السعادة.

الحث على متابعة الحج والعمرة .أي المقاربة بينها.

حث الحاج أن يكون حجه مبرورًا.

والحج المبرور:الذي لا يخالطه إثم.

أنه قد يُكتب الحج لبعض الناس لكن لا يكون حجه مبرورًا لأنه عنده معاصي.

أن جهاد النساء الحج وفي رواية والعمرة.

أن الحج والعمرة من مكفرات الذنوب.

من أسباب دخول الجنة.

من أسباب الرزق ونفي الفقر الحسي والمعنوي.

وما أحوج القلب لهذا العلاج النبوي فإن القلوب قد أُصيبت بالطمع-إلا ما رحم ربي-فمرضتْ وقست،فالنبي صلى الله عليه وسلم يبشر الذي يتابع بين الحج والعمرة بغنى قلبه-وهذا كنز-وغنى يده.والله على كل شيء قدير.

(2)أسئلة وأجوبة في الحج والعمرة


تسأل امرأة وتقول:اعتمرت عن والدتي في ذي القعدة وسأحج عن نفسي هل أكون متمتعة؟


ج :نعم تكونين متمتعة لأنك اعتمرت في أشهر الحج.

قال تعالى:﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾[البقرة:197]. 


قال الشيخ ابن باز في«فتاوى نور على الدرب»(17/105): إذا اعتمر الإنسان عن غيره، عن أمه أو أبيه في أشهر الحج، ثم حج عن نفسه فهو متمتع، أو اعتمر لنفسه ثم حج عن غيره فهو متمتع في عام واحد إذا كانت العمرة في أشهر الحج.اهـ


وقال الشيخ ابن عثيمين في مجموع الفتاوى (22/41) في الجواب عن سؤال: شخص يحج حجا متمتعا هل يجوز أن يؤدي العمرة لنفسه والحج عن شخص آخر؟

فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز ذلك، يجوز للمتمتع أن يجعل عمرته لنفسه والحج لشخص آخر، أو يجعل العمرة لشخص آخر والحج لنفسه، وهذا فيمن أدى الفريضة عن نفسه، أما من لم يؤدها فليحج عن نفسه ويعتمر عن نفسه أولا ثم عن غيره ثانيا.

ثم قال رحمه الله : أما المتبرع لغيره بالعمرة أو بالحج فالأمر إليه، وأما من أخذ نيابة عن غيره فإن المعروف عندنا أن النائب يجب عليه أن يعتمر ويحج، وتكون العمرة والحجة لمن أعطاه المال .اهـ.

(1)أسئلة وأجوبة في الحج والعمرة


كثر السؤال عن الذي يحج عن غيره هل يكون له أجر الحج عن نفسه وعن غيره؟ 


ج:أجر الحج يكون لمن حجَّ عنه .

والنائبُ في الحج أو العمرة عن غيره له أجر.

 روى مسلم (1336)عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ: «مَنِ الْقَوْمُ؟» قَالُوا: الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: «رَسُولُ اللهِ» ، فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا، فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِ أَجْرٌ».

له أجر على نفعه لأخيه الميت أو العاجز،وله الأجر على الذكر والدعاء ،والصلاة في المسجد الحرام ،وقراءة القرآن ونحو ذلك .

وقد يكون له أجر عظيم بحسب ما يقوم في قلبه من الإخلاص والخشوع  وحسن الاتباع ومحبة الاندفاع لفعل الخير،  ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما .


وفي «فتوى اللجنة الدائمة» (11/77) : من حج أو اعتمر عن غيره بأجرة أو بدونها فثواب الحج والعمرة لمن ناب عنه، ويرجى له أيضا أجر عظيم على حسب إخلاصه ورغبته للخير، وكل من وصل إلى المسجد الحرام وأكثر فيه من نوافل العبادات وأنواع القربات فإنه يرجى له خير كثير إذا أخلص عمله لله.


وأيضًا في «فتوى اللجنة الدائمة» (11/100):وأما تقويم حج المرء عن غيره هل هو كحجه عن نفسه أو أقل فضلا أو أكثر؟ فذلك راجع إلى الله سبحانه .اهـ.

شرح كتاب الصيام من «المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية صلى الله عليه وسلم»


الدرس السادس والعشرون من شرح كتاب الصيام من «المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية صلى الله عليه وسلم»
  🔻صوم التطوع لا يلزم بالشروع فيه🔻
https://drive.google.com/file/d/18FqJEVjmSXU5FjR2EtkYG7OQnJUYIhUH/view?usp=sharing