جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 30 يونيو 2019

(26)اختصار الدرس الثاني والعشرين من كتاب الصيام للمجد ابن تيمية




حكم إفراد يوم الجمعة بالصوم

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا: «أَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِلْبُخَارِيِّ فِي رِوَايَةٍ: أن يُفْرَدَ بِصَوْمٍ. 

عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا وَقَبْلَهُ يَوْمٌ، أو بَعْدَهُ يَوْمٌ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا النَّسَائِيّ. وَلِمُسْلِمٍ: «وَلَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخْتَصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ إلَّا أن يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ».


عن لَيْلَى، امْرَأَةِ بَشِيرٍ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَا أُكَلِّمُ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَحَدًا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَصُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا فِي أَيَّامٍ هُوَ أَحَدُهَا، أَوْ فِي شَهْرٍ، وَأَمَّا أَنْ لَا تُكَلِّمَ أَحَدًا، فَلَعَمْرِي لَأَنْ تَكَلَّمَ بِمَعْرُوفٍ، وَتَنْهَى عَنْ مُنْكَرٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَسْكُتَ» رواه أحمد (36/285). وصححه والدي رحمه الله في «الصحيح المسند»(1641).

·     في هذه الأدلة النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم.

واختلف أهل العلم في النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم أهو للتحريم أم لا؟

 منهم من ذهب إلى ظاهر النهي وقال بالتحريم إلا لمن صام يوما قبله أو بعده، وهذا قول ابن حزم في «المحلى» وهو قول الشيخ الألباني في «سلسلة الأحاديث الصحيحة».

وذهب جمهور أهل العلم إلى أن النهي فيه للتنزيه، وهو قول المجد ابن تيمية رحمه الله.

وذهب مالك وأبو حنيفة إلى الجواز من غير كراهة، واستدل الإمام مالك رحمه الله في «الموطأ» (60) بقوله: «لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ. وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ. يَنْهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ. وَصِيَامُهُ حَسَنٌ. وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَصُومُهُ وَأُرَاهُ كَانَ يَتَحَرَّاهُ».

 وقد تعقبه الإمام النووي في «المجموع» (6/439) وقال:أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ مَا رَأَى مَنْ يَنْهَى فَيُعَارِضُهُ أَنَّ غَيْرَهُ رَأَى فَالسُّنَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَا رَآهُ هُوَ وَغَيْرُهُ وَقَدْ ثَبَتَتْ الْأَحَادِيثُ بِالنَّهْيِ عَنْ إفْرَادِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِهَا لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ لَهَا وَمَالِكٌ مَعْذُورٌ فِيهَا فَإِنَّهَا لَمْ تبلغه قال الداوودي مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَمْ يَبْلُغْ مَالِكًا حَدِيثَ النَّهْيِ وَلَوْ بَلَغَهُ لَمْ يُخَالِفْهُ. اهـ.

واستدل الحنفية بحديث ابْنِ مَسْعُودٍ في الباب:«أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّمَا كَانَ يُفْطِرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» ولا دلالة فيه لِما استدلوا به.

قال الحافظ في «فتح الباري»(1986): لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ كَانَ لَا يَتَعَمَّدُ فِطْرَهُ إِذَا وَقَعَ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي كَانَ يَصُومهَا، وَلَا يُضَادُّ ذَلِكَ كَرَاهَةَ إِفْرَادِهِ بِالصَّوْمِ، جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ مِنَ الْخَصَائِصِ، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ. اهـ.

·     ونستفيد زوال كراهة صيام يوم الجمعة إذا صام يومًا قبله أو بعده.

وكذا إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة أو يوم عاشوراء فإنه لا كراهة في صيامه مفرَدًا لعموم حديث أبي قتادة، «صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ مَاضِيَةً وَمُسْتَقْبَلَةً، وَصَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً مَاضِيَةً».

أو وافق عادةً له كمن يصوم صوم داود عليه الصلاة والسلام يصوم يومًا ويفطر يومًا، وصورته: أن يقع فِطْرُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَصَوْمُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَفِطْرُهُ يَوْمَ السَّبْتِ.


 
·       حديث «وَلَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخْتَصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ إلَّا أن يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ» نستفيد من هذا الحديث -مع أنه منتقد فقد أعله الدارقطني في «التتبع»(22)-:
 


·     الرد على الذين يصلون صلاة الرغائب أول ليلة جمعة في شهر رجب، وأنها بدعة ما أنزل الله بها من سلطان.

·     أن ليلة اليوم قبله وليست بعده.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحكمة من النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم

 اختلف أهل العلم على أقوال:

قيل: لأن يوم الجمعة يوم عيد، ويوم العيد لا يُصام. وقد جاء هذا التعليل في بعض الأحاديث المرفوعة.

رواه أحمد (13/395) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ، فَلَا تَجْعَلُوا يَوْمَ عِيدِكُمْ يَوْمَ صِيَامِكُمْ، إِلَّا أَنْ تَصُومُوا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ». وإسناده حسن.

واعتُرِض على هذا القول بالإذن بصيامه مع غيره. وقد أجاب عنه ابن القيم في «زاد المعاد»(1/406).

ولخَّص كلامَه الحافظُ في «فتح الباري»(1986) في كلمات مختصرة، وقال: وَأجَاب ابن الْقَيِّمِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ شَبَهَهُ بِالْعِيدِ لَا يَسْتَلْزِمُ اسْتِوَاءَهُ مَعَهُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَمَنْ صَامَ مَعَهُ غَيْرَهُ انْتَفَتْ عَنْهُ صُورَةُ التَّحَرِّي بِالصَّوْمِ.

قال الحافظ عن هذا القول: هو أَقْوَى الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ.

وقيل: لئلا يضعفَ عن العبادة والذكر والدعاء فقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)﴾[الجمعة:9]. وهكذا يستحب الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوم الجمعة، والغسل والتبكير واستماع الخطبة، وهذا مثل النهي عن صيام يوم عرفة للحاج.

وقد اعترض بعضُهم على هذا بالإذن بصيام يوم الجمعة مع يوم قبله أو بعده، إذ لو كان المراد التقوي على العبادة والذكر لما زال النهي بضمِّ يوم قبله أو بعده.

وأجاب عن هذا الاعتراض النووي في «شرح صحيح مسلم» (8/19) وقال: إنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ بِفَضِيلَةِ الصَّوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ مَا يَجْبُرُ مَا قَدْ يَحْصُلُ مِنْ فُتُورٍ أَوْ تَقْصِيرٍ فِي وَظَائِفِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِسَبَبِ صَوْمِهِ، فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْحِكْمَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ إِفْرَادِ صَوْمِ الْجُمُعَة.

وقيل: سَبَبُهُ خَوْفُ الْمُبَالَغَةِ فِي تَعْظِيمِهِ بِحَيْثُ يُفْتَتَنُ بِهِ كَمَا افْتُتِنَ قَوْمٌ بِالسَّبْتِ.

قال النووي: وَهَذَا ضَعِيفٌ مُنْتَقَضٌ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا هُوَ مَشْهُورٌ مِنْ وَظَائِفِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَتَعْظِيمِهِ.

 وَقِيلَ: سَبَبُ النَّهْيِ لِئَلَّا يُعْتَقَدَ وُجُوبُهُ.

قال النووي: وَهَذَا ضَعِيفٌ مُنْتَقَضٌ بِيَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ صَوْمُهُ ولا يُلْتَفَتُ إِلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ الْبَعِيدِ، وَبِيَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ عَاشُورَاءَ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وقيل غير ذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حكم إفراد يوم السبت بالصوم تطوعًا.

 وفي المسألة حديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنْ أُخْتِهِ وَاسْمُهَا الصَّمَّاءُ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إلَّا عُودَ عِنَبٍ أو لِحَاءَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ.

الحديث ضعيفٌ لاضطرابه.

  «لِحَاءَ شَجَرَةٍ» هو قِشْرُ الشَّجَرِمختار الصحاح»(ص280).

ولضعف هذا الحديث ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز صوم يوم السبت منفردًا من غير كراهة، وهو قول شيخ الإسلام في «اقتضاء الصراط المستقيم» (2/72 وينظر/ «حاشية الروض المربع» (3/459) لابن القاسم.

ومن أهل العلم من حمل النهي على إفراد يوم السبت بالصوم، وتزول الكراهة إذا صام معه يومًا آخر، وهذا التوجيه حسن لو ثبت الحديث.

 وبناءً على ضعف هذا الحديث لو وافق يومُ عرفة أو يومُ عاشوراء يومَ السبت فإنه يجوز صيامه منفردًا ولا كراهة في ذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أسماء أيام الأسبوع في الجاهلية غير أسماء الأسبوع العربية فقد كانت تسمَّى: 


(أول، أَهْون، جبار، دبار، مؤنس، عرُوبَة، شيار)

قَالَ بعض شعراء الْجَاهِلِيَّة:

أؤمِّلُ أَن أعيش وأنّ يومـي...بــأوَّلَ أَو بأهْوَنَ أَو جُبارِ

أَو التَّالِي دُبـارٍ أَو فَيومي...بمؤنِسَ أَو عَـروبةَ أَو شِيارِ


يوم الجمعة

 اختلف في تسمية يوم الجمعة بذلك على أقوالٍ:

 من أشهرها: أنه سمي بِهِ لِاجْتِمَاع النَّاس فِيهِ، أَو لإجماعهم على تفضيله.


 يوم السبت

يوم السبت مأخوذ من السبت وهو القطع، والسبت الراحة، سمي بذلك لانتهاء العدد عنده «حاشية الروض المربع» (3/459) لابن القاسم.


أول أيام الأسبوع

اختلفوا في ذلك على أقوال:

قيل: أول أيام الأسبوع الأحد وآخره يوم السبت.

 وهذا القول ذهب إليه ابن القاسم في «حاشية الروض المربع»(3/459).

وقيل: أول أيام الأسبوع يوم السبت.

 لِما رواه مسلم (2789) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ: «خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فِي آخِرِ الْخَلْقِ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ، فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ».

والحديث منتقد انتُقِد على الإمام مسلم.

وقيل: أول أيام الأسبوع يوم الجمعة

لحديث أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ اليَهُودُ غَدًا، وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ» رواه البخاري(876 ومسلم(855).

قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» فيه: أَنَّ الْجُمُعَةَ أَوَّلُ الْأُسْبُوعِ شَرْعًا، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَسْمِيَةُ الْأُسْبُوعِ كُلِّهِ جُمُعَةً.


شرح كتاب الصيام من «المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية صلى الله عليه وسلم»


الدرس الثاني والعشرون من شرح كتاب الصيام من «المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية صلى الله عليه وسلم»
  🔻حكم إفراد يوم الجمعة ويوم السبت بالصوم🔻
https://drive.google.com/file/d/1FzUmsbkAvLwtW8O_Qx01UpLp9_ds-gVR/view?usp=sharing

(8) فقهُ التَّعاملِ بين الزوجين


             مؤانسة الرجل أهله وتودُّدُه إليهم



عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا..الحديث وفي آخره:

قَالَتِ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، وَمَا أَبُو زَرْعٍ، أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنِيّ، وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ، وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ..

 قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ».

رواه البخاري (5189)،ومسلم (2448).



قولها (أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنِيّ) قال النووي في شرح هذا الحديث من صحيح مسلم:النَّوْسُ بِالنُّونِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْحَرَكَةِ من كل شئ مُتَدَلٍّ يُقَالُ مِنْهُ نَاسَ يَنُوسُ نَوْسًا وَأَنَاسَهُ غَيْرُهُ أَنَاسَةً وَمَعْنَاهُ حَلَّانِي قِرَطَةً وَشُنُوفًا فَهيَ تَنَوَّسُ أَيْ تَتَحَرَّكُ لِكَثْرَتِهَا.


(وَمَلَأَ مِنْ شحم عضدي)قال العلماء:معناه أَسْمَنَنِي وَمَلَأ بَدَنِي شَحْمًا وَلَمْ تُرِدِ اخْتِصَاصَ الْعَضُدَيْنِ لَكِنْ إِذَا سَمِنَتَا سَمِنَ غَيْرُهُمَا.


(وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي) هُوَ بِتَشْدِيدِ جِيمِ بَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ أَفْصَحُهُمَا الْكَسْرُ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْفَتْحُ ضَعِيفَةٌ وَمَعْنَاهُ فرحني ففرحت وقال ابن الْأَنْبَارِيِّ: وَعَظَّمَنِي فَعَظُمْتُ عِنْدَ نَفْسِي يُقَالُ فُلَانٌ يتبجح بكذا أَيْ يَتَعَظَّمُ وَيَفْتَخِرُ.


(وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ) غُنَيْمَةٍ فَبِضَمِّ الْغَيْنِ تَصْغِيرُ الْغَنَمِ أَرَادَتْ أَنَّ أَهْلَهَا كَانُوا أَصْحَابَ غَنَمٍ لَا أَصْحَابَ خَيْلٍ وَإِبِلٍ لِأَنَّ الصَّهِيلَ أَصْوَاتُ الْخَيْلِ وَالْأَطِيطَ أَصْوَاتُ الْإِبِلِ وَحَنِينِهَا ،وَالْعَرَبُ لَا تَعْتَدُّ بِأَصْحَابِ الْغَنَمِ وَإِنَّمَا يَعْتَدُّونَ بِأَهْلِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ.

 وَدَائِسٌ هُوَ الَّذِي يَدُوسُ الزَّرْعَ فِي بَيْدَرِهِ.


(فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ)

مَعْنَاهُ: لَا يُقَبِّحُ قَوْلِي فَيَرُدُّ بَلْ يَقْبَلُ مِنِّي. 


وَمَعْنَى أَتَصَبَّحُ أَنَامُ الصُّبْحَةَ وَهِيَ بَعْدَ الصَّبَاحِ أَيْ: أَنَّهَا مَكْفِيَّةٌ بِمَنْ يَخْدُمُهَا فَتَنَامُ..


«كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ»قَالَ الْعُلَمَاءُ هُوَ تَطْيِيبٌ لِنَفْسِهَا وَإِيضَاحٌ لِحُسْنِ عِشْرَتِهِ إِيَّاهَا وَمَعْنَاهُ: أَنَا لَكَ كَأَبِي زَرْعٍ وَكَانَ زَائِدَةٌ أَوْ لِلدَّوَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:﴿وكان الله غفورا رحيما ﴾أَيْ: كَانَ فِيمَا مَضَى وَهُوَ بَاقٍ كَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي حَدِيثِ أُمِّ زرع: استحباب حُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ لِلْأَهْلِ..

قال القرطبي في «المفهم»(6/350)في فوائد هذا الحديث:
 فيه جواز محادثة الأهل، ومباسطتهن بما لا ممنوع فيه.

وفيه: جواز إعلام الزوج زوجته بمحبته إياها بالقول إذا لم يؤد ذلك إلى مفسدة في حاله بحيث تهجره، وتتجرَّأ عليه.اهـ




السبت، 29 يونيو 2019

(25)اختصار الدرس الحادي والعشرين من كتاب الصيام للمجد ابن تيمية




عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَحَرَّى صِيَامَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلا أَبَا دَاوُد، لَكِنَّهُ لَهُ مِنْ رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. وحديث عائشة في «الصحيح المسند» (1570).

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ كُلَّ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ فَأُحِبُّ أن يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَلِابْنِ مَاجَهْ مَعْنَاهُ. وَلِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.

يستفاد من هذه الأدلة: استحباب صيام الاثنين والخميس . 
وقد ذهب أكثر العلماء إلى الاستحباب، لتحرِّي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك، وترغيبه فيه بقوله وفعله، وعند مالك يكره صيام يوم معين.

ونستفيد من هذه الأحاديث وما في معناها عِظَمَ شأنِ هذين اليومين الاثنين والخميس وبيان ما يكون فيهما، وهذا كالآتي:

·     عرض أعمال العباد على الله كل اثنين وخميس.

روى الإمام مسلم (2565) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ، يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ، إِلَّا عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: اتْرُكُوا، أَوِ ارْكُوا، هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا».

 وروى النسائي (2358وأحمد(36/85) عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ الْأَيَّامَ يَسْرُدُ حَتَّى يُقَالَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ الْأَيَّامَ حَتَّى لَا يَكَادَ أَنْ يَصُومَ إِلَّا يَوْمَيْنِ مِنَ الْجُمُعَةِ، إِنْ كَانَ فِي صِيَامِهِ، وَإِلَّا صَامَهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا يَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ تَصُومُ لَا تَكَادُ أَنْ تُفْطِرَ، وَتُفْطِرَ حَتَّى لَا تَكَادَ أَنْ تَصُومَ إِلَّا يَوْمَيْنِ إِنْ دَخَلَا فِي صِيَامِكَ وَإِلَّا صُمْتَهُمَا قَالَ: «أَيُّ يَوْمَيْنِ؟» قَالَ: قُلْتُ: يَوْمُ الِاثْنَيْنِ، وَيَوْمُ الْخَمِيسِ. قَالَ: «ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» قَالَ: قُلْتُ: وَلَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ قَالَ: «ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ».

 قال القرطبي في «المفهم» (6/540): عرض الأعمال المذكورة إنما هو - والله تعالى أعلم- لتنقَل من صحف الكرام الكاتبين إلى محل آخر، ولعله اللوح المحفوظ. كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّا كُنَّا نَستَنسِخُ مَا كُنتُم تَعمَلُونَ﴾، وقد يكون هذا العرض في هذين اليومين للأعمال الصالحة مباهاة بصالح أعمال بني آدم على الملائكة، كما يباهي الله الملائكة بأهل عرفة، وقد يكون هذا العرض لتعلم الملائكة المقبول من الأعمال من المردود. اهـ.

ورفع الأعمال وعرضها على الله يوم الاثنين والخميس وفي شعبان،فيه إشكال لأن ظاهره الاختلاف وقد أجاب عن ذلك ابن القيم في «تهذيب السنن»:أن عمل الأسبوع يُرفع كل اثنين وخميس،ويرفع عمل العام في شعبان.

·     مغفرة الله ذنوب عباده المؤمنين يوم الاثنين والخميس إلا للمتشاحنين.

فينبغي للمسلم أن يتفقد قلبه وأن يحرص على نقاوته وطهارته من الغل والحقد.. حتى تغفر ذنوبُه يوم عرض الأعمال، ومن حُرِم مغفرةُ ذنوبه فهو المحروم.

·     فتح أبواب الجنة الثمانية في هذين اليومين.

 ودليل هاتين المسألتين ما رواه الإمام مسلم (2565)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا» رواه الإمام مسلم (2565).



بعض فوائد حديث أبي هريرة :

·    عِظم ذنب الشرك بالله عز وجل، وهو أعظم ذنب عصي الله به﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)﴾ [لقمان:13].

·    الحث على سلامة الصدور والتآخي بين المؤمنين.

·     خطر عداوة المسلم لأخيه المسلم وهجره وامتلاء القلوب بالأحقاد والبغضاء.

 الحديث دليل على أن ذلك من كبائر الذنوب وأنه من موانع مغفرة الذنوب في هذين اليومين.

وإذا كان هذا في بغض آحاد المسلمين فكيف بمن يبغض ويعادي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم!!

·     الاهتمام بالعمل الصالح من صيام وصلاة وقرآن وذكر ..والحذر من المعاصي في هذين اليومين.

ويدخل صيام الاثنين والخميس في الأدلة العامة في فضل الصيام، كهذه الأدلة:

·     عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: مُرْنِي بِأَمْرٍ آخُذُهُ عَنْكَ، قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ» رواه النسائي(2220). وفي رواية أخرى للنسائي: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ، قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصِّيَامِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ». والحديث صحيح.

·     الصيام يثيب الله عليه من غير حساب، والحسنة بعشر أمثالها ولكن الله يضاعف لمن يشاء.

   عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ». رواه البخاري (1904ومسلم (1151). وفي روايةٍ أُخرى لمسلم «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».

·     الصيام سترٌ وعون على تقوى الله ووقاية من النار؛ لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ».

وروى الإمام مسلم (1153) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا بَاعَدَ اللهُ، بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا».

·     من مكفرات الذنوب، روى البخاري (1895ومسلم (4ص2218)عن حذيفةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ».

·     من أسباب محبة الله للعبد، كما في الحديث القدسي «وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ».

·     يكمل النقص ويجبر الخلل الذي يكون في صيام الفريضة، روى الإمام أحمد في «مسنده» (27/160) عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ صَلَاتُهُ، فَإِنْ كَانَ أَتَمَّهَا كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وأن لَمْ يَكُنْ أَتَمَّهَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَتُكْمِلُوا بِهَا فَرِيضَتَهُ؟ ثُمَّ الزَّكَاةُ كَذَلِكَ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ».

·     وفي الصوم منافع صحية وخُلُقية وثمار عاجلة وآجلة.كما أشار إلى ذلك ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد» (2/27).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَقَالَ: ذَلِكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَأُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.



نستفيد من هذا الحديث:

·     أن اليوم الذي وُلِد فيه وأُنزِل على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيه يوم الاثنين.

و يوم الاثنين يوم مبارك اجتمع فيه خمس مناسبات تاريخية عظيمة:

 وُلد فيه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عام الفيل، ونُبِّئ فيه، وهاجر فيه من مكة، ودخل فيه المدينة، وتوفي فيه صلى الله عليه وسلم.

·     الحث على صيام يوم الاثنين.

·     الحكمة من صوم يوم الاثنين بأنه يوم ولِد فيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويومٌ أُنزِل عليه فيه.

وهناك حِكَمٌ أُخرى في صيام الاثنين والخميس:

·     أن يوم الاثنين والخميس ترفع فيهما الأعمال خيرها وشرها وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ في يوم الاثنين والخميس: «ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ».

·     أنهما محطُّ الأوزار «تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ، يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ، إِلَّا عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: اتْرُكُوا، أَوِ ارْكُوا، هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا».

·     أن أبواب الجنة الثمانية تُفتَّح في هذين اليومين.

ولا منافاة بينها فالحكمة قد تتعدد.

ويوم الاثنين أفضل من يوم الخميس لتميزه ببعض الأمور كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ذَلِكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَأُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ».

أما الاحتفال بالمولد النبوي فبدعة ما أنزل الله به من سلطان، فإن العبادات توقيفية وليست إلى الأهواء البشرية.