جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 31 مايو 2019

(58)الإجابةُ عن الأسئلةِ




السُّـــــؤَال:



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

 أم عبد الله.

اخت تريد أن تقوم في هذه الليلة الآخرة على أحسن وجه

 و تسأل كيف ترتب وقتها فيها و ما أنواع العبادة تستطيع ان تقوم بها.  و هل يوجد أوقات مفضلة مثل ثلث الآخر في هذه الليالي؟



📌 الجَـــــوَابُ:



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته



ما أحسن هذا السؤال العظيم في وقته،وإن السؤال المهم المفيد ليدل على توفيقٍ من الله.كما سأل أعرابي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال له: أَخْبِرْنِي بِمَا يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ وَمَا يُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ،: فَكَفَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم    ثُمَّ نَظَرَ فِي أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ: <لَقَدْ وُفِّقَ، أَوْ لَقَدْ هُدِيَ، قَالَ: كَيْفَ، قُلْتَ: قَالَ: فَأَعَادَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم : تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ دَعِ النَّاقَةَ>رواه  مسلم(13).

وقال بعض السلف:حُسن السؤال نصف العلم.

 وقال بعض السلف: للعلم أقفلة ومفاتيحها المسألة.

وثبت في المعرفة والتاريخ للفسوي عن ابن شهاب أنه قال: إنما هذا العلم خزائن، وتفتحها المسألة.



وإن تَحَرِّي والتماس ليلة القدر لتوفيقٌ من الله،لأن الله عزوجل يقول:﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)﴾ قال الحافظ ابن كثير في تفسيره(7/572):الْأَلْف شَهْرٍ عِبَارَةٌ عَنْ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.اهـ.



فضل عظيم،قيام ليلة القدر يُعدُّ عُمْرًا،بل أكثرُ من عُمْرٍ فالقليل من يبلُغ هذا العُمْرَ(ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ).



وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رواه البخاري(1901)،ومسلم (760).

إيمانًا: أي:تصديقًا بفضلها.

واحتسابًا:للأجر من الله لا رياء ولا سمعة ولا غير ذلك مما ينافي الإخلاص.



أما العبادة التي ينبغي فعلُها في ليلة القدر فهذا يكون بهذه الأُمور:



-الصلاة كما قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».



-الدعاء والذكر.

ومن خير الأدعية في ليلة القدر ما جاء عن عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: " قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي ".



ويُدعى فيها بخيري الدنيا والآخرة،يدعو لنفسه،يدعو لأولاده ودعوة الوالدين لا ترد،يدعو لوالديه  ولمشايخه  فإنهم  بمنزلة والديه ،يدعو لإخوانه المسلمين. والملائكة تقول لمن دعا  لأخيه بظهر الغيب ولك بمثل،يدعو للمسلمين بالعزة ورفع الذلة عنهم ..



يدعو بكلِّ خيرٍ ولا يألو جُهدًا.فالدعاء من أسباب السعادة ،وقد قال الصحابة إذن نكثر يا رسول الله أي من الدعاء فقال لهم:الله أكثر.أي يعطي الله سبحانه أكثر من السؤال .

المرأة تدعو ربها بالمعونة والسداد فإنها ضعيفة، وقد لا تجد  من يشدها ويقوي همتها  وإيمانها بالله.

 وتدعو أن الله يوفقها ويعينها لصيام القضاء ثم صيام الست في شوال ،فكثيرا من النساء تجد مشقة فيه،لأنها تُشْغَلُ وتغفل .


-الاستغفار والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وقول لا حول ولا قوة إلا بالله وغير ذلك من أنواع الذكر.





-تلاوة القرآن . وهذا من أجلِّ القربات في هذه الليلة ،وقد أنزل الله القرآن فيها كما قال تعالى:﴿ حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3)﴾.



-توجُّهُ القلب إلى الله وتفريغه من الشواغل والصوارف.



🔸أما العمرة فليس فيه ترغيبٌ في العمرة ليلة القدر.



▪️ قال الشيخ ابن عثيمين في «الشرح الممتع»(6/495): تخصيص العمرة بليلة القدر، أو تخصيص ليلة القدر بعمرة هذا من البدع.ولما كانت بدعة صار يلحق المعتمرين فيها من المشقة الشيء العظيم..





إن ليلة القدر  لفرصة  عظيمة  فليحرص الإنسان أن يستغلَّها في الخير والعبادة،والله أعلم من يدرك رمضان الآتي.فالموت يأتي بغتةً والقبر صندوق العمل.



▫️اللهم إنا نسألك أن تَكتب لنا قيامَ ليلة القدر في هذا الشهر المبارك،ولا تجعلنا من المحرومين.

الأربعاء، 29 مايو 2019

(19)اختصار الدرس الخامس من كتاب الصيام للمجد ابن تيمية




حكم قضاء الصيام عن الميت

من مات وعليه صوم سواء كان صوم نذر أو قضاء من رمضان أو صيام كفارة على هذا التفصيل التالي:

·     أن يكون معذورًا واتصل عذره بموته، يعني: مات قبل التمكن من القضاء إما لضيق الوقت أو لعذر سفر أو مرض أو حائض أو نفاس أو حامل أو مرضع هذا يسقط عنه البدل، فلا يقضى عنه وليس فيه كفارة، لأنه لم يتمكن من القضاء، ولم يدرك وقتًا للقضاء، فهو معذورٌ شرعًا.

وهذا اتفق عليه أهل العلم  للحديث المتفق عليه عن أبي هريرة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». ولم يخالف إلا قتادة وطاووسًا فقالا:يُطعم عنه عن كلِّ يومٍ مسكين.

·     أن يموت بعد زوال العذر يعني تمكَّن من القضاء ولكنه مات قبل أن يَقضيَ فهذا فيه أقوالٌ لأهل العلم:

منهم من قال: من مات وعليه صوم فإنه يصام عنه أي صومٍ كان.

قال النووي رَحِمَهُ الله في «المجموع» (6/372): وَمِمَّنْ قَالَ بِالصِّيَامِ عَنْهُ طَاوُسٌ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَأَبُو ثَوْرٍ وداود. اهـ.

وعزا هذا القولَ الحافظُ في «فتح الباري» (1952) إلى أصحاب الحديث. وذهب إليه ابن حزم، والشوكاني في «نيل الأوطار» (4/601). والشيخ ابن باز في «مجموع الفتاوى» (15/373) وهو قول والدي الشيخ مقبل.

وهؤلاء -الذين ذهبوا إلى الصيام عن الميت أي صيام كانَ- قولهم متردد بين الوجوب والاستحباب، بل معظم المجيزين لم يوجبوه، وإنما قالوا يتخير الولي بين الصيام والإطعام .

وصرَّح ابن حزم في «المحلى» (775) بوجوب الصوم عنه، وكذا المباركفوري في «مرعاة المفاتيح» (7/28).

ومنهم من قال: لا يصام عن الميت فرضٌ ولا نفل، وأن الْوَاجِبَ بَعْدَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ أَنْ يُطْعَمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. كما في «المغني» (2084).

قلت: وهذا قول الشافعي في الجديد أنه يجب الإطعام عنه عن كل يوم مسكين وَلَا يَصِحُّ صِيَامُ وَلِيِّهِ عنه. وهذا هو الأصح والأشهر عند جمهور الشافعية.

حجة هذا القول: قولُه تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾،وعَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعَمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» رواه الترمذي (718 وهذا حديث ضعيف فيه أشعث بن سوار، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهما ضعيفان. وأيضًا الصحيح فيه أنه موقوف. وغير ذلك من الأدلة.

واحتج الشيرازي في «المهذب» (6/367)بأن الصيام عِبَادَةٌ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فلا تدخلها النيابةُ بعد الموت كالصلاة. اهـ.

ولكن قد دلَّ حديث عائشة «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ». وما في معنى ذلك أن الصوم تدخل فيه النيابة.

وأجاب بعضهم عن حديث عائشة «صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» معناه أن يطعم عنه وليه فإذا فعل ذلك فكأنه قد صام عنه وسمِّي الإطعام صيامًا على سبيل المجاز والاتساع إذ كان الطعام قد ينوب عنه، وقد قال سبحانه: ﴿أو عدل ذلك صياما﴾ فدل على أنهما يتناوبان.

واعتذر المالكية عن حديث عائشة بدعوى عمل أهل المدينة على خلافه. وَهذا الاعتذار مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَرْكَهُمْ الْعَمَلَ بِالْحَدِيثِ حُجَّةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ.

·     ومنهم من قال يُصام عنه قضاء النذر ويُطعم عن صوم رمضان لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في «صحيح البخاري» (1953) قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى».

وهذا قول أحمد والليث وأبي عبيد وآخرين من أهل العلم، واختاره ابن القيم في «تهذيب السنن» (7/27 والشيخ الألباني في حاشية «أحكام الجنائز» (170).

وقالوا: حديث عائشة مطلق وحديث ابن عباس مقيد بالنذر فيحمل حديث عائشة على صيام النذر.

وبهذا نكون عرفنا أقوال أهل العلم في مسألة الصيام عن الذي يموت وعليه صيام وتمكَّن من الصيام. وأن الذي يؤيده الدليل هو القول الأول وهو أنه يصام عنه.



هذا، ونُلْفِتِ النظر  أن  خلاف العلماء المتقدم في الصيام عن الميت هو في حقِّ من أمكنه الصوم بأن كان هناك وقتٌ يتسع للقضاء قبل موته ثم مات قبل أن يصوم.وقد نبَّه على ذلك المباركفوري في«مرعاة المفاتيح» (7/34 وقال تحت عنوان تنبيه: هذا الاختلاف والتفصيل الذي سبق في الصوم عن الميت إذا فاته شيء بعد إمكان قضائه. وأما من فاته شيء من رمضان قبل إمكان القضاء فلا تدارك ولا إثم. اهـ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الذي يصوم عن الميت

دل قوله صلى الله عليه و على آله وسلم: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» أن الذي يصوم عن الميت وليُّه.

ودلَّ حديث تشبيه القضاء بالدَّين في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» على أنه يصح أن يصوم الأجنبي عن الميت لأن قضاء الدين لا يختص بالقريب.

 وقد ذكر المسألة الحافظ في «فتح الباري» (4/247) وقال: اخْتَلَفُوا أَيْضًا هَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْوَلِيِّ؟ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّيَابَةِ فِي الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ فَكَذَلِكَ فِي الْمَوْتِ إِلَّا مَا وَرَدَ فِيهِ الدَّلِيلُ فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَا وَرَدَ فِيهِ وَيَبْقَى الْبَاقِي عَلَى الْأَصْلِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ.

 وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِالْوَلِيِّ فَلَوْ أَمَرَ أَجْنَبِيًّا بِأَنْ يَصُومَ عَنْهُ أَجْزَأَ كَمَا فِي الْحَجِّ.

 وَقِيلَ: يَصِحُّ اسْتِقْلَالُ الْأَجْنَبِيِّ بِذَلِكَ وَذَكَرَ الْوَلِيَّ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ.

وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْبُخَارِيِّ اخْتِيَارُ هَذَا الْأَخِيرِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَقَوَّاهُ بِتَشْبِيهِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِالدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ لَا يخْتَص بالقريب. اهـ.

قلت: من حيث الجواز يجوز للأجنبي للحجة التي ذكرها الطبري ولكن الحق على قريب الميت آكد من الأجنبي.

وقد توفي رجل وعليه صوم فأرادت زوجة ولده أن تصوم عنه فسألت الوالد رحمه الله.

فأجاب: في «الصحيحين» من حديث عائشة رضي الله عنها يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ».

والولي هنا القريب كولده وأخيه، وهؤلاء هم المقدمون، فإن لم يجدوا فلا بأس أن تصوم عنه. اهـ. كلام والدي رحمه الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حكم قضاءِ جماعةٍ صيامَ رمضان عن الميت في يوم واحد

أخرج البخاري معلقًا في تبويب حديث (1952)عن الحسن البصري: إِنْ صَامَ عَنْهُ ثَلاَثُونَ رَجُلًا يَوْمًا وَاحِدًا جَازَ.

قال النووي في «المجموع» (6/371): هَذَا مِمَّا لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا كَلَامًا فِيهِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي نَعْتَقِدُهُ.

وقال الحافظ في «فتح الباري»:قَالَ النَّوَوِيُّ فِي «شَرْحِ الْمُهَذَّبِ»:هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا فِي الْمَذْهَبِ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ الْإِجْزَاءُ، قُلْتُ: لَكِنَّ الْجَوَازَ مُقَيَّدٌ بِصَوْمٍ لَمْ يَجِبْ فِيهِ التَّتَابُعُ لِفَقْدِ التَّتَابُعِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ. اهـ.

وقال الشيخ ابن عثيمين في «مجموع الفتاوى» (20/244): يجوز أن يصوم عنه جماعة بعدد الأيام التي عليه في يوم واحد. اهـ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حكم القضاء عمن أفطر في رمضان من غير عذر

قال ابن القيم في «إعلام الموقعين» (6/545): فأما المفطر من غير عذر أَصلًا، فلا ينفعه أداء غيره عنه لفرائض اللَّه تعالى التي فرَّط فيها، وكان هو المأمور بها ابتلاءً وامتحانًا دون الولي، فلا تنفع توبه أحد عن أحد، ولا إسلامه عنه، ولا أداء الصلاة عنه، ولا غيرها من فرائض اللَّه تعالى التي فرَّط فيها حتى مات، واللَّه أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



تتلخص المسائل المتقدمة في الصيام عن الميت فيما يلي :

·     من مات وعليه صيام ولم يتمكن من القضاء لاستمرار عذره فهذا لا يُصام عنه، وليس عليه شيءٌ بالإجماع عدا ما جاء عن طاووس وقتادة أنه يُطعَم عنه.

·     من مات وعليه صيام وتمكَّن من القضاء، مثل: من مرض أسبوعًا في رمضان فأفطر وتوفي في ذي الحجة هذا يُصام عنه على الصحيح لعموم الدليل «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» وهو قول أصحاب الحديث وقول الشيخ ابن باز ووالدي الشيخ مقبل وغيرهم.

وخالف جمهورُ العلماء وقالوا: لا يصوم أحد عن أحد ولكن يُطعَم عنه.

وقصر جمهور الحنابلة الصوم عن الميت بمن مات وعليه صوم نذر دون غيره.

·     الأحق بالصيام عن الميت قريبُه فإن صام أجنبي عنه جاز كما يجوز للأجنبي أن يقضي الدين عنه.

وأما تخصيص ذكر الولي في الحديث فلأن الغالب فيه قيام القريب به دون الأجنبي.

·     بيان حكم صيام زوجة الولد عن أبيه الميت. من فتاوى والدي رحمه الله.

·     جواز القضاء عن الميت في يوم واحدٍ بعدد الأيام التي أفطرها في رمضان.

·     أن القضاء عن الميت يكون في الذي أفطره عن عذر معتبرٍ شرعًا. أما مَن أفطر عمدًا لغير عذر فهذا لَا يُقضى عنه.


الثلاثاء، 28 مايو 2019

(18)اختصار الدرس الرابع عشر من كتاب الصيام للمجد ابن تيمية




بعض مسائل قضاء رمضان:

·     جواز التفريق في قضاء رمضان. لقول الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ ولم يقل سبحانه وتعالى: متتابعات، وهذا قول جمهور أهل العلم واختاره ابن المنذر في «الإشراف على مذاهب العلماء» (3/147).

وقال بعضهم: يقضيه متتابعًا. روي ذلك عن علي، وبه قال ابن عمر، والحسن البصري، وعروة بن الزبير، والنخعي. عزاه إليهم ابن المنذر في «الإشراف على مذاهب العلماء» (3/146). وهو قول الشيخ الألباني رَحِمَهُ الله في «تمام المنة» (424).

قلت: التتابع في القضاء هو الأَولى والأحسن امتثالًا للأمر بالمسارعة إلى الخير قال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) [آل عمران:133 ولأنه أسرع لبراءة الذمة، وتجنُّبًا لآفات التأخير فقد يأتي وقتٌ لا يُتمكَّنُ فيه من القضاء لمرضٍ أو موت أو صوارفَ أُخر.

ولهذا قال الحافظ في «فتح الباري» (تبويب حديث1950): لا يختلف المجيزون للتفريق أن التتابع أولى. اهـ.

إلا إذا لم يبق من شعبان إلا قدْر ما عليه، فيجب التتابع إجماعًا، لضيق الوقت، كأداء رمضان، في حق من لا عذر له.

· جواز تأخير القضاء. وهذا يدل له قوله سبحانه: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ ولم يذكر الفورية.

 وحديث عائشة قَالَتْ: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أن أَقْضِيَ إلا فِي شَعْبَانَ، وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

وهذا قول جمهور العلماء أن القضاء على التراخي، وأنه لا يجب الفور بالقضاء، لأن وقته موسَّع، فجميع أيام السنة وقتٌ للقضاء.

وذهب بعضهم إلى أن يجب القضاء على الفورية لمن ليس لديه عذر. وهو قول الشيخ الألباني في «تمام المنة» (424).

ويستحب المبادرة إلى القضاء مبادرة ومسارعة  إلى الطاعة ،ولِما تقدم في مسألة التتابع في القضاء.

· أن التأخير يجوز إلى شعبان، ولا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان لغير عذر، ويدل لذلك حرصُ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على القضاء في شعبان.

وما هو العذر الذي تؤخر أم المؤمنين القضاء لأجله؟

في هذه الرواية «وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وهذه الزيادة مدرجة. فقد روى الحديث البخاري (1950) وقال في آخره: قَالَ يَحْيَى: الشُّغْلُ مِنَ النَّبِيِّ أَوْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورواه مسلم (1146) من طريق يحيى بن سعيد عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عن عائشة، به و فيه «فَظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ لِمَكَانِهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْيَى يَقُولُهُ» أي يحيى بن سعيد الأنصاري كما نصَّ عليه الحافظ في «فتح الباري» (1950).

قال الحافظ في «فتح الباري» (1950): وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ الزِّيَادَةِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْسِمُ لِنِسَائِهِ فَيَعْدِل، وَكَانَ يَدْنُو مِنَ الْمَرْأَةِ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهَا فَيُقَبِّلُ وَيَلْمِسُ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ فَلَيْسَ فِي شُغْلِهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ. اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّهَا كَانَتْ لَا تَصُومُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَمْ يَكُنْ يَأْذَنُ لِاحْتِمَالِ احْتِيَاجِهِ إِلَيْهَا فَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ أَذِنَ لَهَا، وَكَانَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ الصَّوْمَ فِي شَعْبَانَ فَلِذَلِكَ كَانَتْ لَا يَتَهَيَّأُ لَهَا الْقَضَاءُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ. اهـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا فرَّط في القضاء حتى أدركه رمضان آخر

من فرَّط في القضاء حتى أدركه رمضان آخر يكون آثمًا وعليه التوبة والاستغفار، والمبادرة إلى القضاء بعد ذلك. لقول الله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].

وروى مسلم في «صحيحه» (1148) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، فَقَالَ: «أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتِ تَقْضِينَهُ؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ».

 وأما الفدية فليس عليه فدية لعدم ما يلزم بالفدية، قال البخاري في (تبويب حديث 1950): لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ الإِطْعَامَ، إِنَّمَا قَالَ: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾[البقرة: 184].

 قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»: إِنَّمَا يَقْوَى مَا احْتَجَّ بِهِ-البخاري- إِذَا لَمْ يَصِحَّ فِي السُّنَّةِ دَلِيلُ الْإِطْعَامِ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الْكِتَابِ أَنْ لَا يَثْبُتَ بِالسُّنَّة، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ مَرْفُوعٌ وَإِنَّمَا جَاءَ فِيهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. اهـ المراد.

 وهذا قول إبراهيم النخعي وأبي حنيفة وآخرين.

ورجحه الشوكاني في «نيل الأوطار» (4/599)،وهو قول والدي الشيخ مقبل.

وهو قول الشيخ ابن عثيمين في «الشرح الممتع» (6/446) قال رحمه الله: الصحيح في هذه المسألة، أنه لا يلزمه أكثر من الصيام الذي فاته إلا أنه يأثم بالتأخير.

وذهب جمهور العلماء إلى أن عليه الفدية. وهذا فيه بعض الأحاديث الضعيفة وبعض الآثار.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من كانت أعذارها مستمرة بين الرمضانِيَيْنِ بسبب وضع أو حمل

بعض النساء أعذارها مستمرة إما أن تكون مرضعًا، وإما أن تكون حاملًا، والصيام يشق عليها.

هذه تتأنى حتى يتيسر لها القضاء، وليس عليها فدية.

 وقد قال بعض أهل العلم: عليها فدية، ولكن ليس هناك دليل يلزمها بهذا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسألة: ما تقدم من القضاء هو في حق من أفطر من المعذورين  كالمريض والمسافر والحائض والنفاس.

أما الذي يفطر في رمضان عامدًا بأكلٍ أو شرب أو جماع.. فليس له القضاء.

وهذا هو الذي استفدنا من والدي رحمه الله فقد سُئِل هل يقضي من أفطر في رمضان عمداً لغير عذر؟

جـ: عليه التوبة الصادقة، ولا يقضي على الصحيح.

وهو قول الشيخ الألباني رحمه الله في «تمام المنة» (425)،وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ،وعزاه في «الاختيارات» (ص65)إلى ابن حزم ،ورواه ابن حزم عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي هريرة.

إلا أن الشيخ الألباني رحمه الله يستثني المجامع في نهار رمضان لرواية «وصم يوما مكانه».

ولا نستدل هنا بما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ فِي غَيْرِ رُخْصَةٍ رَخَّصَهَا اللَّهُ لَهُ لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ». لأنه حديث ضعيف،وضعَّف الحديث الشيخ الألباني في «تمام المنة» (396 ووالدي الشيخ مقبل كما استفدته من دروسه.

استفدنا عددًا من مسائل القضاء:

·     جواز التفريق في قضاء رمضان، والتتابع أولى.

·      استثناء مَن لم يبق له من شعبان إلا قدْر ما عليه، فيجب التتابع إجماعًا، لضيق الوقت، كأداء رمضان، في حق من لا عذر له.

·     أن القضاء على التراخي، ويستحب المبادرة إلى القضاء لأدلة المسارعة إلى الطاعة.

·     جواز تأخير القضاء إلى شعبان.

·     لا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان لغير عذر.

·     من فرَّط في القضاء حتى أدركه رمضان آخر يكون آثما ،وعليه التوبة والاستغفار والمبادرة إلى القضاء بعد ذلك.

·     لا يُلزم بالفدية من فرَّط في القضاء حتى أدركه رمضان آخر. لعدم ما يلزم بالفدية.

·     بعض النساء أعذارها متصلة سنين إما أن تكون مرضعًا، وإما أن تكون حاملًا، والصيام يشق عليها.

هذه تتأنى حتى يتيسر لها القضاء، وليس عليها فدية.

·     من أفطر في رمضان عامدًا بأكلٍ أو شرب أو جماع.. فلا يشرع له أن يقضي على الصحيح، لأن القضاء في حقِّ المعذور.


الاثنين، 27 مايو 2019

شرح كتاب الصيام من «المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية صلى الله عليه وسلم»

الدرس الخامس عشرمن شرح كتاب الصيام من «المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية صلى الله عليه وسلم»
 *حكم قضاء  الصيام  عن الميت*
https://drive.google.com/file/d/1FV_XGJbTkfrMsIf_cjFUhqa7AKgUehdG/view?usp=sharing