جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 11 أغسطس 2018

عشر ذي الحجة


                       

إنَّ مِنْ فضل الله على عباده أن جعل الأيام والشهور تتفاضل وتتفاوت شحذًا لِلْهِمَمِ وتقويةً للعزائم.

وفي هذه الأيام المباركة دخل عشرُ ذي الحجة،وهي فُرصَةٌ جليلةٌ ثمينة لا تُعَوَّض،إذ العمل فيها أفضل الأعمال الصالحة إلا من خرج مجاهدًا في سبيل الله بنفسه وماله فأهريق دمُه ولم يرجع بشيء.

روى البخاري (969) عنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:«مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ».

ومِن هذا الحديث يستفاد:

 أن أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر الأخيرة من رمضان.

قال ابن القيم رحمه الله  في بدائع الفوائد(3/162) عن شيخه شيخ الإسلام رحمهما الله أنه سئل عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل؟ فقال: "أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة".

قال ابن القيم :وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافيا كافيا فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة وفيهما يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية.

وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها وفيها ليلة خير من ألف شهر،فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يدلي بحجة صحيحة.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في مجموع فتاواه (25/191):إن العمل في هذه الأيام أيام عشر ذي الحجة الأولى أفضل وأحب إلى الله من العشر الأواخر من رمضان.

قال: وهذا شيء غفل عنه الناس وأهملوه، حتى إن عشر ذي الحجة تمر بالناس وكأنها أيام عادية ليس لها فضل وليس للعمل فيها مزية اهـ.

أيام عشر ذي الحجة ينبغي الإكثار فيها من ذكْرِ الله لأن الله عزوجل يقول:{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}[الحج: 28]. والأيام المعلومات :هي عشر ذي الحجة.

وأقسم ربنا سبحانه بليالي هذه الأيام فقال:﴿وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾،وهذا يدل على شرف وفضل ليالي هذه الأيام.

فهذه الأيام والليالي أيام عظيمة ينبغي أن يعرِف مكانتَها ومنزلتَها كلُّ مسلم.


فلنبادر بأعمال الخير والبِرِّ  من ذكرٍ وتسبيح  واستغفار وتلاوة وصلاة وصدقة وتوبة وإنابة وخشية ومراقبة ومجاهدة وتزوُّدٍ من القُرُبَات والطاعات،{وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}.

ولنحذر من أن يفوتَنا هذا الخير والفضل فنندم حيث لا ينفع الندم.  



نسأل الله المعونة والتوفيق.