جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 31 أغسطس 2018

(97) سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

                                           
                      من شُعَبِ الإيمان



أن يكونَ الإنسان فِي الْمُعَامَلَاتِ بَيْنَ النَّاسِ سَمْحًا بِحُقُوقِهِ.

 وَيُوَفِّي مَا يَجِبُ لِغَيْرِهِ عَلَيْهَا مِنْهُ.

 فَإِنْ مَرِضَ فَلَمْ يُعَدْ

 أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَلَمْ يُزَرْ

 أَوْ سَلَّمَ فَلَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ

 أَوْ ضَافَ() فَلَمْ يُكْرَمْ

 أَوْ شَفَعَ فَلَمْ يُجَبْ

 أَوْ أَحْسَنَ فَلَمْ يُشْكُرْ

 أَوْ دَخَلَ عَلَى قَوْمٍ فَلَمْ يُمَكَّنَ

 أَوْ تَكَلَّمْ فَلَمْ يُنْصَتْ لَهُ

 أَوِ اسْتَأْذَنَ عَلَى صَدِيقٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ

 أَوْ خَطَبَ فَلَمْ يُزَوَّجْ

 أَوِ اسْتَمْهَلَ الدَّيْنَ فَلَمْ يُمْهَلْ

 أَوِ اسْتَنْقَصَ فَلَمْ يُنْقَصْ

 وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمْ يَغْضَبْ، وَلَمْ يُعَاقِبْ، وَلَمْ يَتَنَكَّرْ مِنْ حَالِهِ حَالٌ، وَلَمْ يَسْتَشْعِرْ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ جُفِيَ وَأُوحِشَ.

[المرجع/شعب الإيمان(10/350)للبيهقي].



هذه الصفات الرفيعة:

·    مِنْ شعبِ الإيمان ومن أسباب زيادتِه.

·    ما أثقلها في الميزان يوم الحساب والجزاء.

·    هذه الصفات  كلها من مكارم الأخلاق

 روى الإمام أحمد(14/513)بسندٍ حسنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ ".

·    هذه الصفات الحميدة مِن حُسْن التعامل بين الناس.

·    هذه الصفات  المتصف بها محبوب عندالله وعند خلقِه،ويتسابق الناس إلى التعامل معه لأنه سمحٌ سهلٌ.

·    هذه الصفات صفاتُ أهل الكرم والشهامة.

·    هذه الصفات تجلِب لصاحبِها السعادة والطمأنينة والراحة وانشراح الصدر والسلامة من الدَّغل والشحناء والبُعْدِ عن التفكيرات والوسوسة.

·    هذه الصفات ثقيلة على النفس لأنها تحتاج إلى تسامح وتغافل عن الجفاء،ولطافة،وقلبٍ سليمٍ لا يتسع للفوضى والعداوة.

·    هذه الصفات لِثِقَلِها القليل مِنْ يحظى ويفوز بها،وذلك الفوز العظيم.

والجزاءُ من جنس العمل فإذا تسامحتَ وتنازلتَ عن حقٍّ لك أو بعضه تسامح لك الناس،وإذا كنتَ أنانيًّا جُوزيتَ بنفسِ المعاملة.

ولنتأمَّل هذا الحديث في حُسْنِ التعامل مع الناس في البيع والشراء وأنه مِن أسباب مغفرة الذنوب ودخول الجنة.

عن حذيفة رضي الله عنه سمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:" إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَتَاهُ المَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ، فَقِيلَ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُ، قِيلَ لَهُ: انْظُرْ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ شَيْئًا غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا وَأُجَازِيهِمْ، فَأُنْظِرُ المُوسِرَ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ المُعْسِرِ، فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ "رواه البخاري(3451)،ومسلم (1560).



اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئَها فإنه لا يصرف عنا سيئَها إلا أنت.

اللهم جنبنا منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء.





()أي نزل ضيفًا عند أحد.

والأناني: من لا يضع نُصْب عينيه إلاّ مصلحته الشخصيّة ولا يهمُّه سوى ذاته.

 ورجل أنانيّ- يحرص على أن يكون له الخير والنفع دون سواه.كذا في معجم اللغة العربية المعاصرة.


الأربعاء، 29 أغسطس 2018

(49) دُرَرٌ مِنَ النَّصَائِحِ


                    لا تكن سبهللًا



إن الوقت نعمة من الله سبحانه لا يوفَّقُ لاستغلاله في الخير والمنافع والطاعة إلا مَن كان موَفَّقًا.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ "رواه البخاري(6412).

الغبن :هو النقص.

وكثير من الناس لا يفهم إلا غبنَ البيع والشراء.

يبيع سلعة بثمنٍ تستحق أكثر منه.

أو يشتري سلعة تستحق أقل من الثمن الذي دفعه.

هذا يعدونه غبنًا لأنه خسِر ونقص عليه.

وقد دلَّ هذا الحديث:أن المغبون مَنْ خسر وقتَه وعمرَه وصحته فلم يستفد منهما ولم ينتفع بهما.

وسمَّى الله عزوجل يوم القيامة يوم التغابن فقال سبحانه:{يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}[التغابن:9].
وذلك لكثرة المغبونين فيه.

فليستغل الإنسان عمره وحياته وصحته.

فاليوم حياة وغدًا موت.

واليوم صحة وغدًا سُقْم ومرض.



ثمـانيةٌ لا بُدَّ منها على الفتى  **  ولا بُدَّ أَنْ تجري عليه الثَّمانية

سرورٌ وهَمٌ واجتماعٌ وفُرقةٌ  **  ويُسْـــرٌ وعُسْرٌ ثمَّ سَقْمٌ وعافية



واحذر أن تكونَ سبهللًا فارغًا(**) من أهل البِطالة فإن ذلك مفسدة ومضَرَّة .

وما أحسن ما قيل:



إن الشباب والفراغ والجِدَه

مفسدة للمرء أي مفسده



وهذا بعضٌ من مفاسدِ ومضارِّ الفراغ.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتاب العلم(205):

من مفاسد الفراغ:

 أن الشباب ينشأ على حياة ضياع لا جدِّيَّة فيها.

ومن مفاسد الفراغ: أنه قد يكون سببًا للتخريب.

ومن مفاسد الفراغ: أنه يفضي إلى التسكُّع في الأسواق والتجول، الذي ربما يفضي إلى فاسد الأخلاق.

ومن مفاسد الفراغ البدني: أنه يفضي إلى الفراغ الذهني فيتبلَّد الذهنُ ويكون الشاب سطحيًّا ليس عنده تفكير عميق ولا ذهن حاد.اهـ



(**)السبهلل:الفارغ.

الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

(4) القرآنُ وعلومُه




                             أنواع هجر القرآن 


قال ابن القيم رحمه الله في الفوائد(82):هجر الْقُرْآن أَنْوَاع:

 أَحدهَا: هجر سَمَاعه وَالْإِيمَان بِهِ والإصغاء إِلَيْهِ.

وَالثَّانِي:هجر الْعَمَل بِهِ وَالْوُقُوف عِنْد حَلَاله وَحَرَامه وَإِن قَرَأَهُ وآمن بِهِ.
 وَالثَّالِث: هجر تحكيمه والتحاكم إِلَيْهِ فِي أصُول الدّين وفروعه واعتقاد أَنه لَا يُفِيد الْيَقِين وَأَن أدلته لفظية لَا تحصّل الْعلم.

 وَالرَّابِع:هجر تدبّره وتفهّمه وَمَعْرِفَة مَا أَرَادَ الْمُتَكَلّم بِهِ مِنْهُ .

وَالْخَامِس:هجر الِاسْتِشْفَاء والتداوي بِهِ فِي جَمِيع أمراض الْقلب وأدوائها فيطلب شِفَاء دائه من غَيره ويهجر التَّدَاوِي بِهِ،وكل هَذَا دَاخل فِي قَوْله :{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}.اهـ

(15)أَوصَافُ طالبِ العلمِ الشرعِي


    

                          مِنْ عَمَلِ السلفِ بالعلم


عن زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَبِيتُ عِنْدَهُ أَنَا وَيَرْفَأُ، كَانَ لَهُ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي فِيهَا،فَرُبَّمَا لَمْ يَقُمْ،فَنَقُولُ:لَا يَقُومُ اللَّيْلَةَ كَمَا كَانَ يَقُومُ، وَكَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ أَقَامَ يَعْنِي أَهْلَهُ،وقال:﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْعَلَيْهَا﴾أخرجه ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ في«تفسير القرآن»(7/2442)بسند صحيح. 


عَنْ هِشَام (بن عروة بن الزبير) عَنِ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا فَرَأَى مِنْ دُنْيَاهُمْ طَرَفًا،فَإِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَدَخَلَ الدَّارَ قَرَأَ﴿وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ- إِلَى قَوْلِهِ- نَحْنُ نَرْزُقُكَ﴾ثُمَّ يَقُولُ:الصَّلَاةَ ،الصَّلَاةَ رَحِمَكُمُ اللَّهُ.

أخرجه ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بإسناده كما في«تفسير القرآن»لابن كثير-تفسير سورة طه رقم الآية(132).والأثر صحيح،رجاله ثقات.


وفي هذين الأثرين:

الاهتمام بأمر الصلاة.

حث الأهل على الصلاة.


أنَّ حياة السلف علمٌ وعمل.


وهذا من أهمِّ صفات طالب العلم،إذ ليس العلم بكثرة المرويات والمحفوظات،ولكنه بالعلم والعمل.

 قال الخطيب رحمه الله في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع(تحت رقم 24)في أوصاف طالب العلم:وَلْيَجْعَلْ حِفْظَهُ لِلْحَدِيثِ حِفْظَ رِعَايَةٍ، لَا حِفْظَ رِوَايَةٍ، فَإِنَّ رُوَاةَ الْعُلُومِ كَثِيرٌ، وَرُعَاتَهَا قَلِيلٌ، وَرُبَّ حَاضِرٍ كَالْغَائِبِ وَعَالِمٍ كَالْجَاهِلِ، وَحَامِلٍ لِلْحَدِيثِ لَيْسَ مَعَهُ مِنْهُ شَيْءٌ..










الاثنين، 27 أغسطس 2018

كتب ورسائل الشيخة أم عبد الله حفظها الله.

«نبذة مختصرة من نصائح والدي العلامة مقبل بن هادي الوادعي وسيرته العطرة»  
للشيخة أم عبد الله بنت الشيخ مقبل بن هادي الوادعي حفظها الله. 

السبت، 25 أغسطس 2018

(130)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله


س: قوله تعالى في سورة النور:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)}.

وقال سبحانه في سورة الأحزاب:{لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)}.



لماذا لم يُذكر العم والخال في هاتين الآيتين؟

جـوابُ والدي: لأنهما يجريان مجرى الوالدين.



كتبته وقيَّدته من/دروس والدي رحمه الله وغفر له.



-----------------

قلت:هذا القول ذهب إليه بعض المفسرين.ونصَّ عليه القرطبي رحمه الله في تفسير سورة الأحزاب وقال:

ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَنْ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ الْبُرُوزُ لَهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْعَمَّ وَالْخَالَ لِأَنَّهُمَا يَجْرِيَانِ مَجْرَى الْوَالِدَيْنِ.

 وَقَدْ يُسَمَّى الْعَمُّ أَبًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ}[البقرة: 133]،وَإِسْمَاعِيلُ كَانَ الْعَمَّ.اهـ

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري(5248):

فَإِنْ قِيلَ:لَمْ يَذْكُرْ فِي الْآيَةِ-أي آية النور- الْعَمَّ وَالْخَالَ.

 فَالْجَوَابُ أَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْ ذَكَرِهِمَا بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِمَا لِأَنَّ الْعَمَّ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْأَبِ وَالْخَالَ مَنْزِلَةَ الْأُمِّ.اهـ



وجاءعَنِ الشَّعْبِيِّ، وَعِكْرِمَةَ، فِي هَذِهِ:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ}[النور: 31] حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا.

 قَالَا:«لَمْ يُذْكَرِ الْعَمُّ وَالْخَالُ لِأَنَّهُمَا يَنْعَتَانِ لِأَبْنَائِهِمَا».

وَقَالَا:«لَا تَضَعُ خِمَارَهَا عِنْدَ الْعَمِّ وَالْخَالِ».

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف(4/13)،وسنده صحيح.

وقد ذكرالحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري(5248)هذا القول عنهما ثم قال:وَخَالَفَهُمَا الْجُمْهُورُ.اهـ



استفدنا مما تقدم:

العمَّ والخال من محارم المرأة.

ذِكْرُ قولَين للمفسرين في عدم  ذكر العم والخال في آيتي النور والأحزاب.

أحدهما:أن العم والخال يجريان مجرى الوالدين فالعم بمنزلة الأب والخال بمنزلة الأم .وقد جاء في القرآن تسمية العم أبًا.

الثاني: لأجل لا يصف العم والخال البنت لأولادهما.

أي: والبنت تحل لابن عمِّها وتحل لابن خالها.

ومن ثَمَّ كره الشعبي وعكرمة للبنت أن تضع خمارها عند عمها وخالها.


وهذا قولٌ ضعيف.روى البخاري رحمه الله (4796)-بعد أن صدَّر الترجمة بآية الأحزاب المتقدمة-عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي القُعَيْسِ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَقُلْتُ: لاَ آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا القُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِي عَمُّكِ؟»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَقَالَ: «ائْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ».

قال الحافظ في شرح هذا الحديث: كَأَنَّ الْبُخَارِيَّ رَمَزَ بِإِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَضَعَ خِمَارَهَا عِنْدَ عَمِّهَا أَوْ خَالِهَا .ثم ذكرأثر الشعبي وعكرمة.

ثم قال: وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ أَفْلَحَ يَرُدُّ عَلَيْهِمَا ،وَهَذَا مِنْ دَقَائِقِ مَا فِي تراجم البُخَارِيِّ.


الخميس، 23 أغسطس 2018

(15)تذكيرٌ بالصَّحابة رضي الله عنهم



              ورجوع بعض أكابر الصحابة إليها 


قال الزهري رحمه الله: لو جُمع علم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعلم كل امرأة إلى علم عائشة لكان علمها أكثر.

أخرجه أبوزرعة الدمشقي في «تاريخه» (1431): قال محمد بن أبي عمر، عن سفيان، قال: قال الزهري..

هذا أثرٌ حسن لأجل محمد بن أبي عمر وهو العدني حسن الحديث.



عن مسروق: يَحْلِفُ لقد رأيت الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون عائشة عن الفرائض.

أخرجه الفسوي في «المعرفة» (1/489):حدثنا أبوبكر الحميدي، حدثنا سفيان، عن سليمان، عن مسلم عن مسروق به.

وسفيان هو: ابن عيينة، وسليمان هو: ابن مهران المعروف بالأعمش.

ومسلم هو: ابن صبيح.



قال ابن كثير في الفصول في سيرة الرسول:(ولا يُعلَم في هذه الأمةِ امرأةٌ بلغتْ من العلم مبلَغها).

وقال ابن القيم في«زاد المعاد» في ترجمتها من المجلد الأول:أفقه نساء الأمة على الإطلاق.اهـ


وأم المؤمنين عائشة  أكرمها الله فكانت زوجًا للنبي صلى الله عليه وسلم،وعاشت معه تسع سنين،وروت عنه صلى الله عليه وسلم فوق الألف.

سبعٌ من الصَّحْبِ فوقَ الألفِ قد نقلُوا

               من الحديث عنِ المُخْتار خيرِ مُضر

      أبوهُريرةَ سعدٌ جابرٌ أنس

                 صدِّيْقَةٌ وابنُ عبَّاسِ كذا ابنُ عُمر


وليس في تاريخ النساء مَن سبقت عائشة في العلم والرواية﴿ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) ﴾[البقرة].

تلكَ المرأة التي قضتْ عمرها في العلم تحفظ ،تَسأل ،تناقش،تفهم.

 وإن هذا ليدلُّ على عظيمِ فضلِها وأنها ذات عقلٍ راجحٍ وفهمٍ وذكاء.

ويستفاد:الرد على الرافضة الأراذل الذين يطعنون في أم المؤمنين عائشة وينالون من عرضها.

 وما أحسن ما قيل:

وإذا أتَتْكَ مَذَمَّتِي مِن نَاقِصٍ

فهي الشهادةُ لي بأنِّي فاضِلُ

وقد توفيت رضي الله عنها وعُمُرُهَا: ثَلاَثٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، وَأَشْهُرٌ

كما ذكر الذهبي رحمه الله في «سير أعلام النبلاء» ترجمة عائشة.



وإنه لينبغي للمرأة الصالحة أن تقتديَ بالفُضليات من النساء فتكون ذا همَّة عالية،سبَّاقة

إلى المعالي والمكارم،مؤثرة ما عندالله والدار الآخرة،والدار الآخرة خيرٌ للذين يتقون أفلا تعقلون.








الثلاثاء، 21 أغسطس 2018

أيام التشريق وبعض أحكامها


                               

أيام التشريق ثلاثة أيام بعد عيد الأضحى ،وهي أيام منى.

من أحكام أيام التشريق:

ذكر الله عزوجل

قال تعالى:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}

الأيام المعدودات :أيام التشريق.

ويدخل في ذكر الله قراءة القرآن ، ومجالس العلم ، والصلاة  ،والدعاء والاستغفار.

التكبير أيام التشريق

يستحب التكبير أيام التشريق كما كان يفعل السلف.

وأيضًا يشمله عموم الآية الكريمة المتقدمة{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}.

ترك صيام أيام التشريق

عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ » أخرجه مسلم (1141) .

قال ابن رجب رحمه الله في لطائف المعارف(291):أيام التشريق يجتمع فيها للمؤمنين نعيم أبدانهم بالأكل والشرب،ونعيم قلوبهم بالذكر والشكر،وبذلك تتم النعم ،وكلما أحدثوا شكرا على النعمة كان شكرهم نعمة أخرى إلى شكر آخر،ولا ينتهي الشكر أبدا.اهـ

أما  زيادة«وَبِعَالٍ»في الحديث الذي جاءعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ  يَقُولُ:بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ أَيَّامَ مِنًى أُنَادِي: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ». أخرجه الدارقطني في«سننه»(2407)وقال عقِبه: الْوَاقِدِيُّ ضَعِيفٌ.

فزيادة وبعال لا تصح .

وقد ضعَّفها والدي الشيخ مقبل رحمه الله.

وحكم الشيخ الألباني رحمه الله في«تمام المنة»(404) عليها بالنكارة.



جواز صيام أيام التشريق للمتمتع الذي لم يتيسر له الهدي

 والدليل عَنْ عَائِشَةَ، وَعبدالله بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَالا:«لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ»رواه البخاري(1997).

جواز ذبح الأضحية والهدي أيام التشريق

يجوز ذبح الأضحية والهدي أيام التشريق،والأفضل أن يكون يوم النحر لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعل ذلك يوم النحر.

رمي الجمار للحاج.

المبيت بمنى للحاج .

أخرج البخاري  (1634)،ومسلم (1315)عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: اسْتَأْذَنَ العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى، مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ، «فَأَذِنَ لَهُ».

ودل الحديث على الترخيص لأهل السقاية وكذا ما في معنى السقاية من ذوي الأعذار في عدم وجوب المبيت بمنى.

لا يجوز النفر للحاج اليوم الحادي عشر.

لأن الله عزوجل يقول:{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}[البقرة: 203]}.

الأحد، 19 أغسطس 2018

التكبير يوم عرفة وامتداد وقته إلى آخر أيام التشريق


     

قال تعالى:﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: 185].

ويبدأ التكبير من بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخرأيام التشريق 

جاء ذلك عن جمعٍ من السلف منهم:

عن علي بن أبي طالب«أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ، إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيُكَبِّرُ بَعْدَ الْعَصْرِ»أخرجه ابن أبي شيبة(5631)بسندين عن علي بن أبي طالب.

قال الشوكاني في«نيل الأوطار»(3/375):أَصَحُّ مَا وَرَدَ فِيهِ عَنْ الصَّحَابَةِ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ: إنَّهُ مِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى آخِرِ أَيَّامِ مِنًى أَخْرَجَهُمَا ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ.اهـ

وأيام التشريق ثلاثة أيام بعد عيد الأضحى،الحادي عشر،والثاني عشر،والثالث عشر.


ويكون التكبير في كلِّ وقتٍ،من غير تخصيص له عقب الصلوات،لأنه لم يأتِ ذلك عن نبيِّنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. 


قال الشيخ الألباني رحمه الله في«سلسلة أشرطة الهدى والنور»(رقم الشريط:392)وقد قُدِّمَ له سؤالٌ:

ما حكم التكبير المقيد بعد الصلوات وهل يقدمه على الأذكار المشروعة أم يبدأ بالأذكار أَّوَّلًا؟
جواب الشيخ:ليس فيما نعلم للتكبير المعتاد دبر الصلوات في أيام العيد وقت محدود في السُّنَّة،وإنما التكبير هو من شعار هذه الأيام .

 بل أعتقد أن تقييدها بدبر الصلوات أمر حادث لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،فلذلك يكون الجواب البدَهِي أن تقديم الأذكار المعروفة دبر الصلوات هو السُّنَّة، أمَّا التكبير فيجوز له في كلِّ وقت.اهـ 


وقال والدي الشيخ مقبل رحمه الله:

هنا أمرٌ أريد أن أنبِّه عليه وهو ما اعتاده الناسُ عقبَ الصلوات من يوم النحر بعد الفجر إلى  آخر أيام التشريق أنهم يكبرون ،هذا ليس بمشروع ،بل التكبير مطلَق .

أعني: أنك تبدأُ عقب الصلوات بالأذكار المشروعة التي تقال عقب الصلوات ،ثم بعدها تكبِّر سواء عقب الصلوات، أم تكبر في الضحى، في نصف النهار ،في آخر اليوم ،في نصف الليل لا بأس بالتكبير والله المستعان ،لكن ليست له كيفية عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ،ولا يُخص عقب الصلوات،عقب الصلوات لم يثبت.

[المرجع شريط/آداب وأحكام العيد].










صيام يوم عرفة


                   



يستحب صيام يوم عرفة لأنه يكفِّرُ السنة الماضية والباقية.

 فقد سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ:«يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ».رواه مسلم (1162) عن أبي قتادة رضي الله عنه.

وهذا  بالنسبة لغير الحاج.



أما الحاج فالأفضل له أن يفطر لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أفطر يوم عرفة.

أخرج البخاري (1658) ،ومسلم (1123)عَنْ أُمِّ الفَضْلِ، شَكَّ النَّاسُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،«فَبَعَثْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ».

فالأفضل للحاجِّ أن يفطر ليتقوَّى على الذكر والدعاء والطاعة ،وقد قال ربُّنا سبحانه:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)}[الأحزاب].

وروى الإمام مسلم (1297)عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَيَقُولُ: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ».

ولهذا في حديث حجة الوداع  عن جابر«فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ..».

فينبغي للحاج أن يحرص على التأسي برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم  في هذا وفي غيره.

السبت، 18 أغسطس 2018

فوائد في الحج





حديث حجة الوداع

كتبت عن والدي رحمه الله :حديث حجة الوداع بطوله في صحيح مسلم (1218)من طريق جعفر بن محمد.

وقد تيسر للبخاري قطعة من حديث حجة الوداع من غير طريق جعفر بن محمد،فإن جعفر بن محمد يقول فيه البخاري: سيء الحفظ.

فتحاملت الشيعة وأنشدوا فيه أبياتا.



أيام الحج

أيام الحج ستة ،وتبدأ من اليوم الثامن وتنتهي الثالث عشر لمن تأخر،والثاني عشر لمن تعجَّل.

وهذه الأيام لها أسماء:

اليوم الثامن:يوم التروية.

سُمِّي بذلك لأنَّ الناس كانوا يتروون بالماء ويحملونه معهم لشُربِهم وشُرب بهائمهم.

والآن الحمد لله كُفِي المسلمون هذا،وصار الماء موجودًا في جميع المشاعر.

اليوم التاسع:يوم عرفة.

 قال ابن قُدامة في المغني (3/178):سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ فِيهِ.

اليوم العاشر:يوم الأضحى،وهو يوم الحج الأكبر.

 قال تعالى:{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ}.

قيل له يوم الحج الأكبر لأن معْظَمَ مناسك الحج فيه.

اليوم الحادي عشر:يوم القَرِّ.

سُمِّيَ يوم القر لأن الناس يقِرُّون فيه بمنى.

اليوم الثاني عشر:يوم النفر الأول.

اليوم الثالث عشر:يوم النفر الثاني.



تعريف الحج المبرور

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ». رواه البخاري (1773)،ومسلم (1349).

قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم(9/118): الْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ أَنَّ الْمَبْرُورَ هُوَ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ إِثْمٌ ،مَأْخُوذٌ مِنَ الْبِرِّ وَهُوَ الطَّاعَةُ.

 وَقِيلَ: هُوَ الْمَقْبُولُ.


ثمَّ نبَّه رحمه الله على تعريفين آخرين فقال:

وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا رِيَاءَ فِيهِ.

 وَقِيلَ: الَّذِي لَا يَعْقُبُهُ مَعْصِيَةٌ،وَهُمَا دَاخِلَانِ فِيمَا قَبْلَهُمَا.


علامة الحج المقبول

مِنْ عَلَامَةِ الْقَبُولِ: أَنْ يَرْجِعَ خَيْرًا مِمَّا كَانَ،وَلَا يُعَاوِدَ الْمَعَاصِي. كذا في شرح صحيح مسلم(9/118)للنووي.












الأربعاء، 15 أغسطس 2018

(129)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله


حكمُ طلاق المُكْرَه



طلاق المكره لا يقع إلا إذا نوى.

لقول الله تعالى:{ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)}[النحل].



وقال: كان قتادة بن دعامة السدوسي من المحرِّضين على ضرب عبد الله بن عون، لأن عبد الله مولى، وقد تزوج بامرأة من قبائل قتادة من بني سدوس، فاشتكى به عند القاضي بلال بن أبي بردة الظالم فطلب منه أن يفارقها فأبى.

 فلما ضربه وأوجعه الضرب فارقها ().

ذكره رحمه الله في ترجمة قتادة أثناء قراءته  للسند.

قيل لوالدي رحمه الله وأنا أسمع: فكيف تتزوج بذلك الطلاق الذي لم ينوه؟

فقال: ننصحه أن ينويَ بطلاقه حتى ما تتزوج وهي متزوجة.


كتبته وقيَّدتُه من /دروس والدي رحمه الله.



قلت:وجمهور العلماء على أنه لا اعتبار بطلاق المكره. يراجع فتح الباري (9/483).

قال ابن قدامة رحمه الله في المغني مسألة (5846): لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ لَا يَقَعُ.

وَأَجَازَهُ أَبُو قِلَابَةَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ مُكَلَّفٍ، فِي مَحَلٍّ يَمْلِكُهُ، فَيَنْفُذُ، كَطَلَاقِ غَيْرِ الْمُكْرَهِ.اهـ



()القصة بنحوها في تهذيب الكمال، ترجمة بلال بن أبي بردة، وقد كانوا يتكلمون في بلال بن أبي بردة وابنُ عون ساكت.

 فقالوا له: إنما نذكره لِمَا ارتكب منك.

 فقال: إنما هما كلمتان تخرجان من صحيفتي يوم القيامة، لا إله إلا الله ،ولعن الله فلانًا.

السبت، 11 أغسطس 2018

عشر ذي الحجة


                       

إنَّ مِنْ فضل الله على عباده أن جعل الأيام والشهور تتفاضل وتتفاوت شحذًا لِلْهِمَمِ وتقويةً للعزائم.

وفي هذه الأيام المباركة دخل عشرُ ذي الحجة،وهي فُرصَةٌ جليلةٌ ثمينة لا تُعَوَّض،إذ العمل فيها أفضل الأعمال الصالحة إلا من خرج مجاهدًا في سبيل الله بنفسه وماله فأهريق دمُه ولم يرجع بشيء.

روى البخاري (969) عنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:«مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ».

ومِن هذا الحديث يستفاد:

 أن أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر الأخيرة من رمضان.

قال ابن القيم رحمه الله  في بدائع الفوائد(3/162) عن شيخه شيخ الإسلام رحمهما الله أنه سئل عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل؟ فقال: "أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة".

قال ابن القيم :وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافيا كافيا فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة وفيهما يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية.

وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها وفيها ليلة خير من ألف شهر،فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يدلي بحجة صحيحة.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في مجموع فتاواه (25/191):إن العمل في هذه الأيام أيام عشر ذي الحجة الأولى أفضل وأحب إلى الله من العشر الأواخر من رمضان.

قال: وهذا شيء غفل عنه الناس وأهملوه، حتى إن عشر ذي الحجة تمر بالناس وكأنها أيام عادية ليس لها فضل وليس للعمل فيها مزية اهـ.

أيام عشر ذي الحجة ينبغي الإكثار فيها من ذكْرِ الله لأن الله عزوجل يقول:{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}[الحج: 28]. والأيام المعلومات :هي عشر ذي الحجة.

وأقسم ربنا سبحانه بليالي هذه الأيام فقال:﴿وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾،وهذا يدل على شرف وفضل ليالي هذه الأيام.

فهذه الأيام والليالي أيام عظيمة ينبغي أن يعرِف مكانتَها ومنزلتَها كلُّ مسلم.


فلنبادر بأعمال الخير والبِرِّ  من ذكرٍ وتسبيح  واستغفار وتلاوة وصلاة وصدقة وتوبة وإنابة وخشية ومراقبة ومجاهدة وتزوُّدٍ من القُرُبَات والطاعات،{وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}.

ولنحذر من أن يفوتَنا هذا الخير والفضل فنندم حيث لا ينفع الندم.  



نسأل الله المعونة والتوفيق.