﴿ وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (9) إِذْ رَأى نَارًا فَقالَ
لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ
أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً (10)﴾[طه].
(هل) بمعنى:
قد، أي: قد أتاك حديث موسى.
(إِنِّي
آنَسْتُ)أي أبصرت.
(بِقَبَسٍ)
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير سورة [طه]:أَيْ شِهَابٍ مِنْ نَارٍ. وَفِي
الْآيَةِ الْأُخْرَى{أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ}[الْقَصَصِ: 29] وَهِيَ الْجَمْرُ
الَّذِي مَعَهُ لَهَبٌ،وقوله:{لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} [الْقَصَصِ: 29] دَلَّ عَلَى
وُجُودِ الْبَرْدِ.
وَقَوْلُهُ:
(بِقَبَسٍ)دَلَّ عَلَى وُجُودِ الظَّلَامِ.اهـ
(أَوْ
أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) أَيْ مَنْ يَهْدِينِي الطَّرِيقَ، وقد دَلَّ هذا عَلَى أَنَّ موسى تَاهَ عَنِ الطَّرِيقِ كما في «تفسير
ابن كثير».
من
الفوائد المستنبطة:
أن
موسى عليه الصلاة والسلام عند رجوعه من مدين إلى مصر ظهرت له نار فبشَّر أهله بذلك
وقال:{إِنِّي آنَسْتُ نَارًا ..}.
وهذا بعد مدَّة طويلة قضاها عند صهره أبي زوجته،وذلك
لأن هذا الشيخ الصالح اشترط عليه البقاء مدةً بينها الله سبحانه وتعالى في قوله:﴿
قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ
تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا
أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ
(27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا
عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28)﴾[ القصص ] .
وقد
دلَّت هذه الآية أنه اشترط أن يبقى عنده ثمان
سنين،وإن أتم عشرًا فهذا تفضل من موسى عليه السلام ،فلهذا طالت الغَيبة.
أن
الزوجة يصدق عليها أهلٌ ،فالمرأة أهلٌ لزوجها.
أن
نبي الله موسى عند رجوعه كان في ليلة
مظلمة.
أن
نبي الله موسى عند رجوعه ضل الطريق أي تاه لهذا قال:أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ
هُدىً (10)
ودل
على أنها كانت ليلة شاتية قوله:﴿لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾[الْقَصَصِ: 29].
قال
البغوي رحمه الله في تفسيره(6/144):أي: تَسْتَدْفِئُونَ مِنَ الْبَرْدِ، وَكَانَ
ذَلِكَ فِي شِدَّةِ الشِّتَاءِ.اهـ
فهذه عدَّة مسائل تتعلق برجوع موسى عليه الصلاة
والسلام:
رؤيته
لنارٍ من جانب جبلٍ عن يمينه.
أنه
كان في ليلةٍ مظلمة لقوله:(بِقَبَسٍ).
أنه
كان في ليلة باردة:﴿لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾.
أنه
ضلَّ الطريق لقوله:﴿أَوْ أَجِدُ عَلَى
النَّارِ هُدىً﴾.
