جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 28 أبريل 2018

(51)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ


﴿طه (1) مَا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2)إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (3) تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى(4)﴾[طه].
------------------
هذه السورة  ورد حديثٌ ضعيف جدًّا في فضلِها.
روى ابن خزيمة في كتابه«التوحيد»(1/402)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَرَأَ طه، وَيس قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، فَلَمَّا سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ الْقُرْآنَ قَالَتْ: طُوبَى لِأُمَّةٍ يَنْزِلُ هَذَا عَلَيْهِمْ، طُوبَى لِأَلْسُنٍ تَتَكَلَّمُ بِهَذَا، وَطُوبَى لِأَجْوَافٍ تَحْمِلُ هَذَا ".وسنده ضعيفٌ جدًّا فيه عمر بن حفص بن ذكوان ترجمته في ميزان الاعتدال (3/ 189)قال أحمد: تركنا حديثه وخرقناه. وقال علي: ليس بثقة. وقال النسائي: متروك. وقال الدارقطني: ضعيف.
يرويه عنه :إبراهيم بن مهاجر بن مسمار  وهو ضعيف.

وقوله:(طه) اختلف المفسرون في الحروف المقطعة  على أقوال من أشهرها: أنها الله أعلم بالمراد منها.وهذا ترجيح والدي رحمه الله .
 وذهبَ جمهورُ المفسرين إلى أنَّ (طه) يعني: يا رجل.
وجاءَ أنه اسمٌ من أسماء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يثبت.

(لِتَشْقى) أي: تتعب نفسك وتشقُّ عليها بالعبادة .وهذا كما روى البخاري (1150)،ومسلم (784) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا الحَبْلُ؟» قَالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ».
وروى البخاري(212)،ومسلم(786) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ، حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ، لاَ يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ».
 وقال بعضهم:المراد لتتعبَ في تألُّمِك وحزنك على المعرضين المعاندين كما قال تعالى:﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾.ولا مانعَ أن تشمل الآية القولَينِ جميعًا.

(إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى)قال ابن كثير في تفسير هذه الآية:إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ كِتَابَهُ وَبَعَثَ رسوله رحمة رحم بها عباده لِيَتَذَكَّرَ ذَاكِرٌ، وَيَنْتَفِعَ رَجُلٌ بِمَا سَمِعَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَهُوَ ذِكْرٌ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ.اهـ
وهذا كما قال تعالى﴿ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ﴾[الأعلى].

(تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى)قال ابن كثير رحمه الله: أَيْ: هذا القرآن الذي جاءك يا محمد هُوَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّكَ رَبِّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكِهِ، الْقَادِرِ عَلَى مَا يَشَاءُ، الَّذِي خَلَقَ الأرض بانخفاضها وكثافتها، وخلق السموات العلى فِي ارْتِفَاعِهَا وَلَطَافَتِهَا.

من الفوائد المستنبطة:
·      أن القرآن أنزله الله عز وجل سعادة لنبيه،وكل من اهتدى بالقرآن فالقرآن سعادة له ونور ورفعة.
·      الحث على الاهتمام بالقرآن الكريم ففيه سعادة الأولى والأُخرى.
·      أن القرآن منزل من عند الله سبحانه.
·      التذكير بالقرآن ووعظُ الناس به وبآدابِه.
·      أن القرآن أُنزلَ تذكرة لمن يخشى.
ونُصَّ على أهل الخشية لأنهم الذين ينتفعون بالقرآن الكريم. كما قال تعالى:﴿ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾. وقد بيَّن الله سبحانه في آياتٍ أُخر أن القرآن أُنْزِلَ على الناس كلهم كما قال تعالى: ﴿تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ، لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيرًا﴾.
·      مؤانسةُ الله لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنَّه لا يُتعب نفسه ويرهقها بسبب المخالفين﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)﴾[الرعد].
فائدة
سورة طه مكية وليست مدنية.

الجمعة، 27 أبريل 2018

(93) سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ



الإيمان بتخليد الكفار في النار

قال تعالى:﴿ إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (74) [طه].
وقال تعالى:﴿لَا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ﴾ [فَاطِرٍ: 36].
وَقَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76) وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) ﴾[الزُّخْرُفِ].
وَقَالَ سبحانه:﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى﴾[الْأَعْلَى: 11- 13].
وقال سبحانه:﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37)﴾[المائدة].

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِي: يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: وهَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ  رَآهُ، فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ، ثُمَّ قَرَأَ:{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} [مريم: 39]، وَهَؤُلاَءِ فِي غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا {وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39]"رواه البخاري(4730)،ومسلم(2849).

استفدنا مما تقدم:

التحذير من الكفر والشرك بالله عزوجل.

أبديَّةُ النار وعدم فنائِها.

خلود الكافرين في النار.

فعلينا بالحذر من الكفر وأسبابِه سواء كان كفر تكذيب أوجحود أو استحلال ما حرَّم الله ..
فإن هذا شقاوة لا سعادة بعده أبدًا لِمن لقي الله وهو على هذا على الحال، في هوانٍ وعذابٍ مستمر لا يُفَتَّر عنه ولا ينقطع،ليس حيًّا حياةً ينتفعُ ويسعدُ بها،وليس ميتًا يرتاح من عذاب جهنم،إن استغاثَ لا يُغاث،وإن دعا لا يُجَاب.
والجنة حرام على كل نفسٍ كافرةٍ،ولن يدخلَها إلا نفسٌ مسلمةٌ.

فالجنة دارٌ أعدَّها الله  لأوليائِه.
والنار دارٌ أعدَّها الله للكفار أعدائه.

اللهم اجعلنا من أهل الجنة.

الخميس، 26 أبريل 2018

(25)معجزات رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم


عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَلَزِمْتُ أَنَا وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ نُفَارِقْهُ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الْجُذَامِيُّ، فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبَلَ الْكُفَّارِ، قَالَ عَبَّاسٌ: وَأَنَا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكُفُّهَا إِرَادَةَ أَنْ لَا تُسْرِعَ، وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْ عَبَّاسُ، نَادِ أَصْحَابَ السَّمُرَةِ»، فَقَالَ عَبَّاسٌ: وَكَانَ رَجُلًا صَيِّتًا، فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: أَيْنَ أَصْحَابُ السَّمُرَةِ؟ قَالَ: فَوَاللهِ، لَكَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةُ الْبَقَرِ عَلَى أَوْلَادِهَا، فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَ، يَا لَبَّيْكَ، قَالَ: فَاقْتَتَلُوا وَالْكُفَّارَ، وَالدَّعْوَةُ فِي الْأَنْصَارِ يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: ثُمَّ قُصِرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَقَالُوا: يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ كَالْمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إِلَى قِتَالِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «هَذَا حِينَ حَمِيَ الْوَطِيسُ» قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الْكُفَّارِ، ثُمَّ قَالَ: «انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ» قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا الْقِتَالُ عَلَى هَيْئَتِهِ فِيمَا أَرَى، قَالَ: فَوَاللهِ، مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَمَاهُمْ بِحَصَيَاتِهِ فَمَا زِلْتُ أَرَى حَدَّهُمْ كَلِيلًا، وَأَمْرَهُمْ مُدْبِرًا. رواه مسلم (1775).

قال النووي رحمه الله في«شرح صحيح مسلم»(12/116):هَذَا فِيهِ مُعْجِزَتَانِ ظَاهِرَتَانِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إِحْدَاهُمَا فِعْلِيَّةٌ وَالْأُخْرَى خَبَرِيَّةٌ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِهَزِيمَتِهِمْ وَرَمَاهُمْ بِالْحَصَيَاتِ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ.اهـ.

السبت، 21 أبريل 2018

(12)تذكيرٌ بالصَّحابة رضي الله عنهم


أمية بن أبي الصلت الثقفي

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا الشَّاعِرُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ:
أَلاَ كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلُ "
وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ.
رواه البخاري (6147)،ومسلم (2256).
هذا الحديث دليلٌ على أن أمية بن أبي الصلت لم يدخل في الإسلام.
وروى مسلم (2255)عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَدِفْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: «هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «هِيهْ» فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: «هِيهْ» ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا، فَقَالَ: «هِيهْ» حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ.
وفي روايةٍ لمسلم عن الشريد رضي الله عنه اسْتَنْشَدَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..قَالَ:«فَلَقَدْ كَادَ يُسْلِمُ فِي شِعْرِهِ».
أما حديث:أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في أمية بن أبي الصلت:"آمن شعر أمية بن أبي الصلت وكفر قلبه".
 فهو حديث ضعَّفَه العلامة الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة(1546).
قال الحافظ في الإصابة في تمييز الصحابة –ترجمة أمية:المعروف أنه مات في التاسعة. ولم يختلف أصحاب الأخبار أنه مات كافرا.
 وصحّ أنه عاش حتى رثى أهل بدر.
 وقيل: إنّه الّذي نزل فيه قوله تعالى: {الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها}[الأعراف 175].
 وقيل: إنه مات سنة تسع من الهجرة بالطائف كافرا قبل أن يسلم الثقفيون.اهـ
ومن الأشعار التي نُسبَت إلى أمية بن أبي الصلت:
كلُّ دِين يوم القيامة عند .. الله إلَّا دين الحنيفة زور
ومن قصيدة أخرى:
يا ربّ لا تجعلنّي كافرا أبدا .. واجعل سريرة قلبي الدَّهر إيمانا
وحاصل ما استفدنا:
أن أمية بن أبي الصلت كان شاعرًا قوِيًّا.
وأنَّه مات على الكفر.
أعاذنا الله وإياكم من الكفر والنفاق.

(145) مِنْ مَرْوِيَّاتِيْ عَنْ وَالِدِيْ العَلَّامَةِ الرَّبَّانِيْ مُقْبِل بنِ هَادِيْ الوَادِعِيْ رَحِمَهُ الله



تكلَّم والدي رحمه الله على الرحمة بالمرأة وحُسنِ عشرَتِها.

وأنه يجب على الرجل أن يتقيَ الله فيها.

 وقد شبَّهها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ بالقوارير.
لضعفِهَا وسرعة انكسارها.

وأوصى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ الرجلَ بها فقال:«اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ»(رواه البخاري (3331)،ومسلم (1468) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ).

ثم قال:وأما قول الشاعر:

إِن النِّسَاء شياطين خُلِقْنَ لنا ... نَعُوذ بِاللَّه من شَرّ الشَّيَاطِين

فهذا باطل.

بل الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ يقول:خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي.
(رواه الترمذي(3895) عن عائشة رضي الله عنها).

وقد ذكروا في التاريخ أن رجلًا طلب منه الحجاجُ بن يوسف الثقفي أن يزوجه ابنته -والحجاج ظالم كان يَرى منه البطش- فزوَّجه.

 ثم بعد ذلك قال لابنته: كيف تكون عشرتُك مع هذا الظالم؟
 فقالت: يا أبتِ لا تخف، وإن شئت أن تنظر من ثقبٍ في الباب فعلتَ.
 فنظر فإذا زوجها حامل لها -أي الحجاج- كالبعير لها.اهـ

-------------------------
هذا،وقد جاءَ أن امرأةً ردَّت على الشاعر وقالت:
إنَّ النِّسَاءَ رَيَاحِينُ خُلِقْنَ لَكُمْ .. وَكُلُّكُمْ يَشْتَهِي شَمَّ الرَّيَاحِينِ

الخميس، 19 أبريل 2018

(26)سنينٌ من حياتي مع والديْ وشيخي مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله



من أسئلة والدي رحمه الله:
 أي شيء أسعد اليك؟

جوابنا نحن وطلبة العلم:أسعدُ شيءٍ عندنا العلم.

فيشكر والدي المجيب بذلكَ وأنَّ كثيرًا من الناس:
ذاكَ أسعد ما عنده أن يكون طبيبًا .
وذاكَ أسعدُ شيءٍ عنده أن يكون مهندسًا.
وذاكَ أسعدُ شيءٍ عنده أن يكونَ طيَّارًا.
وذاكَ أسعدُ شيءٍ عنده أن يكونَ في أعمالِ تجاريَّة..

أَكمِل الآية

رحم الله والدي الشيخ مقبل: كان إذا مر معنا في تفسير ابن كثير (الآية)غالبًا يكملُها ،وأفادنا أن معنى (الآية) أكمل الآية.

فمثلًا قولُ الله تعالى:{ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}الآية.

كان يقرأُها كاملَة:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125)}[النحل].

امرأة أعجمية عندنا تقدَّم لها بعضُ مَنْ دخل في الإسلام.
وتقول: تخشى أن يتغير.
 فأخبرتُ والدي رحمه الله فقال:الذي يدخُلُ في الإسلام لا يتزحزحُ عن دينه.

التسمية ب(مقبل)

تقولُ لي امرأة التسمي ب(مقبل)مكروه.
 فنظرتُ  فوجدت القرطبي رحمه الله في«المفهم»ذكرها روايةً في«صحيح مسلم».
فذكرتُه لوالدي رحمه الله.

 فأشار رحمه الله إلى عدمِ ثبوتها وقال:ما صحتها؟!
 أكثر نسخ«صحيح مسلم»على عدمِ ذكرِها.اهـ

قلت: روى مسلم(2138) عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: «أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْهَى عَنْ أَنْ يُسَمَّى بِيَعْلَى، وَبِبَرَكَةَ، وَبِأَفْلَحَ، وَبِيَسَارٍ، وَبِنَافِعٍ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ سَكَتَ بَعْدُ عَنْهَا، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ» ثُمَّ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ تَرَكَهُ ".
قال النووي رحمه الله في«شرح صحيح مسلم »:هَكَذَا وَقَعَ هَذَا اللَّفْظُ فِي مُعْظَمِ نُسَخِ«صحيح مسلم» الَّتِي بِبِلَادِنَا أَنْ يُسَمَّى بِيَعْلَى، وَفِي بَعْضِهَا بِمُقْبِلٍ بَدَلُ يَعْلَى ،وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ لِلْحُمَيْدِيِّ بِيَعْلَى،وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِمُقْبِلٍ،وَفِي بَعْضِهَا بِيَعْلَى.قَالَ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ تَصْحِيفٌ.
 قَالَ:وَالْمَعْرُوفُ بِمُقْبِلٍ .
وَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ الْقَاضِي لَيْسَ بِمُنْكَرٍ بَلْ هُوَ الْمَشْهُورُ،وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الرِّوَايَةِ وَفِي الْمَعْنَى .اهـ

 قلت:وقول جابر بن عبدالله:«ثُمَّ قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ».
هذا بحسب علم جابر بن عبدالله رضي الله عنهما،وقد ثبت النهي في حديث سمرة فيما روى مسلم(2137) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ، فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ.
 فَيَقُولُ: لَا إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ فَلَا تَزِيدُنَّ عَلَيَّ ".
فقول ثُمَّ قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ».
وقد نبَّه على ذلك الشيخ الألباني رحمه الله في «السلسلة الصحيحة»(2143).

كتاب«الجعديات»لابن الجعد

نبهنا والدي رحمه الله أن اسم الكتاب هكذا عند المحدثين«الجعديات».

فجاء محقق الكتاب ووضع له اسمًا«مسند الجعد».
كأنَّه خشيَ أنه ينفرُ الناس من شراءِ الكتاب إذا كان اسمُه«الجعديات».

«التلخيص الحبير»للحافظ ابن حجر
نبَّهنا والدي رحمه على خطأ تسميته-ب«تلخيص الحبير»لأنه يصير الكتاب تلخيصًا لكتاب اسمه«الحبير»،وهو ليس كذلك.

الشمس

كان رحمه الله مِن محافظته على صحتِه يجلس بعض الدقائق في الشمس إذا طلعَتْ في فِناءِ بيته(الذي يسميه الناس الحوش).
ويقول:من نصائح عمرَ بن الخطاب«عَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ؛ فَإِنَّهَا حَمَّامُ الْعَرَبِ»(رواه ابن الجعد في«الجعديات»( 995)).

قال رحمه ربي سبحانه:يعني: خذ لك وقتًا في الشمس، فإنها تقوِّي العظام.
 وأنفعُ شيء منها  عند بزوغها وبعدها وفي الضحى.اهـ

قلت:قال ابن القيم رحمه الله في« الفروسية» (120)معلِّقًا على أثر عمرَ بن الخطاب هذا: لم تكن الْعَرَبُ تعرف الْحمَّام(الحمام البُخاري) وَلَا كَانَ بأرضهم، وَكَانُوا يتعوَّضون عَنهُ بالشمس فَإِنَّهَا تسخِّن وتحلِّل كَمَا يفعل الْحمَّام.اهـ

الأحد، 15 أبريل 2018

(92) سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ



الأسماء الحُسنى

قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف:180].
وقال: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الإسراء:110].
وقال سبحانه:﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى(8)﴾[طه].
وقال سبحانه:﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)﴾[الحشر].

هذه أربعة مواضع في القرآن الكريم فيها إثباتُ الأسماء لله عزوجل وأنها كلها حسنى.

وقد ذكر الإمام السعدي رحمه الله في تفسير سورة [طه] بعضًا من حسن أسماء الله عز وجل فذكر:
أنها كلها أسماء دالة على المدح فليس فيها اسم لا يدل على المدح والحمد.
 ومن حسنها: أنها ليست أعلاما محضة وإنما هي أسماء وأوصاف.
 ومن حسنها: أنها دالة على الصفات الكاملة وأن له من كل صفة أكملها وأعمها وأجلها.
ومن حسنها: أنه أمر العباد أن يدعوه بها لأنها وسيلة مقربة إليه يحبها ويحب من يحبها ويحب من يحفظها ويحب من يبحث عن معانيها ويتعبد له بها قال تعالى:﴿وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾اهـ.

الجمعة، 13 أبريل 2018

(60)أحاديث مختارة من أحاديث «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»لوالدي رحمه الله



عَنْ عَائِشَةَ  رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَسِيرٍ، فَلَهَوْتُ عَنْهُ، فَذَهَبَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " مَا فَعَلَ الْأَسِيرُ؟ " قَالَتْ: لَهَوْتُ عَنْهُ مَعَ النِّسْوَةِ فَخَرَجَ، فَقَالَ: " مَا لَكِ قَطَعَ اللهُ يَدَكِ، أَوْ يَدَيْكِ "، فَخَرَجَ، فَآذَنَ بِهِ النَّاسَ، فَطَلَبُوهُ، فَجَاءُوا بِهِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ وَأَنَا أُقَلِّبُ يَدَيَّ فَقَالَ:
 " مَا لَكِ، أَجُنِنْتِ؟ "
 قُلْتُ: دَعَوْتَ عَلَيَّ، فَأَنَا أُقَلِّبُ يَدَيَّ، أَنْظُرُ أَيُّهُمَا يُقْطَعَانِ.
 فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا، وَقَالَ: " اللهُمَّ إِنِّي بَشَرٌ، أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ، أَوْ مُؤْمِنَةٍ، دَعَوْتُ عَلَيْهِ، فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَطُهُورًا "رواه أحمد(40/303).

[هذا حديث صحيح .الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين(1560).

-------------------

(لَهَوْتُ عَنْهُ)أي: شُغِلت عنه.

ومن الأحاديث في هذا المعنى:

عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ، لَا أَدْرِي مَا هُوَ فَأَغْضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا، وَسَبَّهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَصَابَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا، مَا أَصَابَهُ هَذَانِ، قَالَ: «وَمَا ذَاكِ» قَالَتْ: قُلْتُ: لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا، قَالَ: " أَوَ مَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي؟ قُلْتُ: اللهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا "رواه مسلم (2600).


عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ يَتِيمَةٌ، وَهِيَ أُمُّ أَنَسٍ، فَرَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَتِيمَةَ، فَقَالَ: «آنْتِ هِيَهْ؟ لَقَدْ كَبِرْتِ، لَا كَبِرَ سِنُّكِ» فَرَجَعَتِ الْيَتِيمَةُ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تَبْكِي، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: مَا لَكِ؟ يَا بُنَيَّةُ قَالَتِ الْجَارِيَةُ: دَعَا عَلَيَّ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ لَا يَكْبَرَ سِنِّي، فَالْآنَ لَا يَكْبَرُ سِنِّي أَبَدًا، أَوْ قَالَتْ قَرْنِي فَخَرَجَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مُسْتَعْجِلَةً تَلُوثُ خِمَارَهَا، حَتَّى لَقِيَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ» فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَدَعَوْتَ عَلَى يَتِيمَتِي قَالَ: «وَمَا ذَاكِ؟ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ» قَالَتْ: زَعَمَتْ أَنَّكَ دَعَوْتَ أَنْ لَا يَكْبَرَ سِنُّهَا، وَلَا يَكْبَرَ قَرْنُهَا، قَالَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
 ثُمَّ قَالَ: " يَا أُمَّ سُلَيْمٍ أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ شَرْطِي عَلَى رَبِّي، أَنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ، مِنْ أُمَّتِي، بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ، أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً، وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "رواه مسلم (2603).

ويستفاد من هذه الأحاديث:
·      بشرية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وكما قال تعالى:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}[الكهف:110].
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسير هذه الآية: قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ) يعني أعلن للملأ أنك لست ملكًا، وأنك من جنس البشر (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) وذِكْر المثلية لتحقيق البشرية، أي: أنه بشر لا يتعدى البشرية، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام  يغضب كما يغضب الناس، وكان صلى الله عليه وسلم يمرض كما يمرض الناس، وكان يجوع كما يجوع الناس، وكان يعطش كما يعطش الناس، وكان يتوقى الحر كما يتوقاها الناس، وكان يتوقى سهام القتال كما يتوقاها الناس، وكان ينسى كما ينسى الناس، كل الطبيعة البشرية ثابتة للرسول عليه الصلاة والسلام  وكان له ظِلٌ كما يكون للناس.
أمّا من زعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم نُورَاني، ليس له ظل فهذا كذب بلا شك، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كغيره من البشر له ظل ويستظل أيضًا، ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم ليس له ظل، لنقل هذا نقلًا متواترًا، لأنه من آيات الله عز وجل ،إذن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر مثل الناس.اهـ

·      شفقة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورأفته بأمَّته فقد سأل ربَّه سبحانه أنه إذا حصل منه دعاء على أحدٍ وهو لا يستحقُّ الدعاء عليه أن يجعلها له رحمة وطهورًا وزكاة.

وقد أورد الإمام النووي في شرح صحيح مسلم(16/152) سؤالًا وأجاب عنه وقال:

فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَدْعُو عَلَى مَنْ لَيْسَ هُوَ بأهل للدعاء عَلَيْهِ أَوْ يَسُبُّهُ أَوْ يَلْعَنُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ؟

 فَالْجَوَابُ مَا أَجَابَ بِهِ الْعُلَمَاءُ وَمُخْتَصَرُهُ وَجْهَانِ:

 أَحَدُهُمَا:أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي بَاطِنِ الْأَمْرِ وَلَكِنَّهُ فِي الظَّاهِرِ مُسْتَوْجِبٌ لَهُ فَيَظْهَرُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِحْقَاقَهُ لِذَلِكَ بِأَمَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَيَكُونُ فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ.

 وَالثَّانِي: أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ سَبِّهِ وَدُعَائِهِ وَنَحْوِهِ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ بَلْ هُوَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ فِي وَصْلِ كَلَامِهَا بِلَا نِيَّةٍ كَقَوْلِهِ تَرِبَتْ يَمِينُكَ، وعَقْرَى حَلْقَى، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا كَبِرَتْ سِنُّكِ، ونحو ذلك لا يقصدون بشيءٍ مِنْ ذَلِكَ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ فَخَافَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أن يصادف شيءٌ مِنْ ذَلِكَ إِجَابَةً فَسَأَلَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَغِبَ إِلَيْهِ فِي أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ رَحْمَةً وَكَفَّارَةً وَقُرْبَةً وَطَهُورًا وَأَجْرًا.

قال: وَإِنَّمَا كَانَ يَقَعُ هَذَا مِنْهُ فِي النَّادِرِ وَالشَّاذِّ مِنَ الْأَزْمَانِ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا لَعَّانًا وَلَا مُنْتَقِمًا لِنَفْسِهِ .اهـ المراد

الأحد، 8 أبريل 2018

(2) فقهُ التَّعاملِ بين الزوجين



امرأة سيئة الخلق، فهل يفارقها زوجها؟

جـ: إذا كانت المرأة سيئة الخلق مجرد أن يتكلم معها زوجها تسبه، فهذه ممكن يتزوج بامرأة أخرى، فإن استقامت وإلا فارقها.

هذا،وقد قال الله تعالى:{فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}[النساء:34].
لكن بعض النساء من طبيعتهن طول اللسان، فلا يعدلها مُعدِّل، فهذه له أن يفارقها.

استفدته وقيَّدته من دروس والدي الشيخ مقبل رحمه الله.