جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 31 ديسمبر 2017

(47)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ

                                              

{وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (27) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28)}[الكهف].

..............
 قوله سبحانه :مُلْتَحَدًا أي: مَلْجَأً.
وقوله:﴿ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ﴾. الغداة أول النهار.
(وَالْعَشِيِّ) آخر النهار.
﴿ فُرُطاً ﴾ أي: ضياعًا.

من فوائدِ هذه الآيات:  
الحث على تلاوة كتاب الله عز وجل، وكما قال سبحانه:{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}[العنكبوت:45]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}[فاطر:29].
 وهذا يشمل تلاوة القرآن لفظًا،ويشمل تلاوته معنى .وذلك باتباعه والعمل به قال تعالى:﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الزخرف:43]،وقال تعالى:﴿قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [يونس:15].

قال ابن القيم في «مفتاح دار السعادة» (42): تلاوة الْقُرْآن تتَنَاوَل تِلَاوَة لَفظه وَمَعْنَاهُ ،وتلاوة الْمَعْنى أشرف من مُجَرّد تِلَاوَة اللَّفْظ وَأَهْلهَا هم أهل الْقُرْآن الَّذين لَهُم الثَّنَاء فِي الدُّنْيَا والآخرة فَإِنَّهُم أهل تِلَاوَة ومتابعة حَقًا.اهـ.
 وللشنقيطي في أضواء البيان (3/ 261)كلامٌ  مفيدٌ في هذا المعنى فنحيلُ إليه.
•  أنه لا يستطيع أحد أن يبدل كلام الله عز وجل كما قال تعالى {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) }[الأنعام ].
•  ليس هناك ملجأ غير الله سبحانه وتعالى لا ملجأ من الله إلا إليه.
•  الحث على الصبر على مجالسة الصالحين دون غيرهم ،فمجالسة الصالحين تحتاج إلى صبر،والجنة محفوفة بالمكاره والنار محفوفة بالشهوات ،وقد ذكر الله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى في أكثر من دليل الحث على مجالسة الصالحين واجتناب مجالس الأشرار أهل السوء.قال تعالى:{ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (58)}[الصافات].
{قَرِينٌ}أي:صاحب ﴿ لَمَدِينُونَ ﴾ مبعوثون {فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} في وسط الجحيم {قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ}كدتَ أن تهلكني كما أهلكتَ نفسك.
وقال سبحانه:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28)..} [الفرقان].
يتحسر ويعض على يديه ندمًا وحسرةً على مصاحبته أهل السوء فقد جرُّوه إلى الضلال والهلاك والخسارة.

قصة هرقل عظيم الروم لا تخفى وأن جلساءه هم السبب في عدم إسلامهِ لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه كتابَه وفيه: « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ»... فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الفَلاَحِ وَالرُّشْدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ، فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَانِ،

قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ،

وَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ، فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ» ولم يثبت. رواه البخاري (7)،ومسلم (1773).
قصة أبي طالب عند البخاري (1360)،ومسلم (24) من طريق سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ المُغِيرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ: " يَا عَمِّ، قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ " فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ المَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ} [التوبة: 113] الآيَةَ.
فجلساء السوء من أسباب الزيغ والبعد عن الخير،جلساء السوء حرمان من الخير، وكما قيل: (الصاحب ساحب)، وكما قيل: (الطبع من عادته سرَّاق).بخلاف الجليس الصالح فهو نعمة من الله تعالى وسعادة يُذَكِّر بالخير وينَبِّه على التقصير،ومن أسبابِ زيادة الإيمان لأنه يُذكِّر جليسه بالله ويخوفه من النار ويذكِّره بتقوى الله ويحذِّرُه من فتنة الدنيا الفانية ،وهذا يؤثِّر في قلبه ويثبِّتُه ويقَوِّيه.

-أن الغالب في أتباع الأنبياء أنهم من الضعفاء والفقراء وليس من أهل الشرف والغنى والترف هذا هو الغالب، ولهذا قال تعالى:{قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111)} [الشعراء]. وقال تعالى:{قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27)[هود].
 وهرقل سأَل أبا سفيان كما في الحديث الذي  رواه البخاري (7)،ومسلم (1773) «قَالَ هرقل:فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ». وقال بعد ذلك:«وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ» فاستدل على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم باتباع الضعفاء له لأنهم أتباعُ الرسل، أما أهل الترف والغنى غالبًا يكونوا مشغولين بالترف والغنى ،وعندهم كبر لا يتبعون الحق.
وقال سبحانه {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16)}[الإسراء]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116)[هود].
في آيات أخر أن أهلَ الترف غالبًا أهل شر واندفاع إلى المصائب والبلاء.
•  إثبات صفة الوجه لله عَزَّ وَجَلَّ.
•  الحث على الإخلاص ،والإخلاص سبيل الخلاص كما قال ابن القيم، نسأل الله الإخلاص.
•  الحث على الزهد في الدنيا والترغيب في الآخرة.
•  النهي عن طاعة أهل الغفلة فأهل الغفلة لا يُطاعون.
•  كان والدي الشيخ مقبل رحمه الله يستنبط من هذه الآية الأخيرة{وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28)} [الكهف] أن الأب إذا منع ولده من الرحلة في طلب العلم وهو لا يحتاج إليه،ولكن منعه بغضًا للدين وللسنة ،أو تهالُكًا في الدنيا وحُطامِها أنه لا يلزم طاعته إنما الطاعة في المعروف.هذا استفدناه من والدي رحمه الله في الكلام على رحلة الولد لطلب العلم وأبوه غير راضٍ عنه.
•  هذه الآية{وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا}من أدلة القدر، فالخير والشر بيد الله ،والهداية والضلال بيد الله عَزَّ وَجَلَّ كما هو عقيدة أهل السنة.
•  ذم هذه الصفات الثلاث الغفلة واتباع الهوى والضياع .


(2)الآداب



                            اجتناب اللغو
قال سبحانه في مدح الصالحين:{وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا(72) }[الفرقان] .
قال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان(1/241):اللغو في اللغة: كل ما يُلغى ويطرح، والمعنى: لا يحضرون مجالس الباطل، وإذا مروا بكل ما يلغى من قول وعمل أكرموا أنفسهم أن يقفوا عليه أو يميلوا إليه. ويدخل في هذا:أعياد المشركين، كما فسرها به السلف، والغناء، وأنواع الباطل كلها.اهـ

وقال سبحانه:{وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)}[المؤمنون].
وقال سبحانه:{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55)}[القصص].
وقال الله تعالى في وصف الجنة وأهلها:(جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) لَا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْوًا إِلَّا سَلامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا (63)) [سورة مريم].
وقال سبحانه:{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26) }[الواقعة] ،وقال تعالى:{لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11)}[الغاشية].
وهذا مِن أعظمِ أوصاف الجنة أنه ليس فيها لغو، ليس فيها كلام باطل أو كلام لامعنى له،الجنة منزهة عن ذلك وأهلُها منزَّهون منه.
بخلاف الدنيا فاللغو فيها كثير لا يسلم إلا من سلمه الله ،المجالس مليئة باللغو ،والألسنة ملوَّثة باللغو.

تعريف اللغو
قال البيهقي رحمه الله في شعب الإيمان(13/267):اللَّغْوُ: الْبَاطِلُ الَّذِي لَا يَتَّصِلُ بِقَيْدٍ صَحِيحٍ، وَلَا يَكُونُ لِقَائِلِهِ فِيهِ فَائِدَةٌ، وَرُبَّمَا يَكُونُ وَبَالًا عَلَيْهِ.
 ثُمَّ يَنْقَسِمُ فَيَكُونُ مِنْهُ: أَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ فَيُفْشِي سَرَائِرَهُمْ، وَيَهْتِكُ أَسْتَارَهُمْ، وَيَذْكُرُ أَمْوَالَهُمْ وَأَحْوَالَهُمْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ بِهِ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَادَةَ سَوْءٍ أَلِفَهَا، فَلَا يُرِيدُ النُّزُوحَ عَنْهَا.
 وَيَكُونُ مِنْهُ: الْخَوْضُ فِيمَا لَا يَحِلُّ مِنْ ذِكْرِ الْفُجَّارِ وَالْفُجُورِ وَالْمَلَاهِي. وَيَكُونُ مِنْهُ: الِافْتِخَارُ بِالْآبَاءِ الْجَاهِلِينَ، وَالتَّمَدُّحُ بِهِمْ، وَالذِّكْرُ لِلْمُعَامَلَاتِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الِاسْتِطَالَةِ.
 وَيَكُونُ فِيهِ:خَوْضُ الْمُبْطِلِينَ فِي الْقَصَائِدِ فِيمَا عِنْدَهُمْ، وَتَفَضِيلُهُمْ إِيَّاهُ عَلَى مَا عِنْدَ غَيْرِهِمْ بِالدَّعَاوِي، وَالتَّوَسُّعُ فِي الْمَقَالِ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ. وَيَكُونُ مِنْهُ: إِنْشَادُ الْأَشْعَارِ الْمَقُولَةِ فِي ضُرُوبِ الْأَكَاذِيبِ...اهـ

فاحذر هذه الآفة الفتَّاكة،وصُن لسانَك عنها لتفوزَ بالمطلوب،وتجتنب كلَّ مرهوب.

الاثنين، 25 ديسمبر 2017

صور المدونة


صور المدونة


صور مدونة


(21) مِنْ جَوَامِعِ الأَدْعِيَةِ

                             التعوُّذُ بالمعوِّذَتَين


عن ابْنِ عَابِسٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: " يَا ابْنَ عَابِسٍ، أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ مَا تَعَوَّذَ بِهِ الْمُتَعَوِّذُونَ؟" قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ "رواه أحمد(28/530).
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ -عبدالله بن أحمد-: ابْنُ عَابِسٍ هُوَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ عَابِسٍ، وَيُقَالَ ابْنُ عَبْسٍ الْجُهَنِيُّ . والحديث صحيح .
—-------------------
في هذا الحديث :
فضل المعوِّذَتَيْن قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ.
أن هاتَيْنِ السُّورتين أفضلَ ما تعوَّذ به المتعوِّذُون.
فينبغي لكلِّ مسلم أن يكثرَ من  التعوُّذ بهما  ليلًا ونهارًا  ليتحصَّنَ من كلِّ سوء ،ويبتعد عن شر شياطين الجن والإنس .
قال ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد (2/199)في كلامه على هاتين السورتين:والمقصود الكلام على هاتين السورتين وبيان عظيم منفعتِهما وشدة الحاجة بل الضرورة إليهما وأنه لا يستغني عنهما أحد قط وأن لهما تأثيرا خاصا في دفع السحر والعين وسائر الشرور وأن حاجة العبد إلى الاستعاذة بهاتين السورتين أعظم من حاجته إلى النَّفَس والطعام والشراب واللباس. فنقول :والله المستعان- قد اشتملت السورتان على ثلاثة أصول وهي أصول الاستعاذة .
أحدها: نفس الاستعاذة والثانية: المستعاذ به والثالثة: المستعاذ منه فبمعرفة ذلك تعرف شدة الحاجة والضرورة إلى هاتين السورتين..
وقال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد(4/166): وَفِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، فَإِنَّ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ تَعُمُّ كُلَّ شَرٍّ يُسْتَعَاذُ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْأَجْسَامِ، أَوِ الْأَرْوَاحِ.
وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ الْغَاسِقِ وَهُوَ اللَّيْلُ، وَآيَتِهِ وَهُوَ الْقَمَرُ إِذَا غَابَ، تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ مَا يَنْتَشِرُ فِيهِ مِنَ الْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ، الَّتِي كَانَ نُورُ النَّهَارِ يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِانْتِشَارِ، فَلَمَّا أَظْلَمَ اللَّيْلُ عَلَيْهَا وَغَابَ الْقَمَرُ انْتَشَرَتْ وَعَاثَتْ.
وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ السَّوَاحِرِ وَسِحْرِهِنَّ.
وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ الْحَاسِدِ تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنَ النُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ الْمُؤْذِيَةِ بِحَسَدِهَا وَنَظَرِهَا.
وَالسُّورَةُ الثَّانِيَةُ :تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فَقَدْ جَمَعَتِ السُّورَتَانِ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَلَهُمَا شَأْنٌ عَظِيمٌ فِي الِاحْتِرَاسِ وَالتَّحَصُّنِ مِنَ الشُّرُورِ قَبْلَ وُقُوعِهَا .اهـ
هذا الدعاء من جوامع الأدعية فإن الاستعاذة داخلةٌ في الدعاء.
قال شيخ الإسلام  في مجموع الفتاوى (15/ 227) فَالِاسْتِعَاذَةُ وَالِاسْتِجَارَةُ؛ وَالِاسْتِغَاثَةُ: كُلُّهَا مِنْ نَوْعِ الدُّعَاءِ أَوْ الطَّلَبِ وَهِيَ أَلْفَاظٌ مُتَقَارِبَةٌ.اهـ.

—------------------------------------------—

(55) أحاديث مختارة من أحاديث «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»لوالدي رحمه الله


عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ مِنْ خَيْبَرَ وَمَعَهُ غُلَامَانِ.
 فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ أَخْدِمْنَا؟
 فَقَالَ: " خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ ".
فَقَالَ: خِرْ لِي.
قَالَ: " خُذْ هَذَا وَلَا تَضْرِبْهُ؛ فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُهُ يُصَلِّي مَقْبَلَنَا مِنْ خَيْبَرَ؛ وَإِنِّي قَدْ نَهَيْتُ عَنْ ضَرْبِ أَهْلِ الصَّلَاةِ ".
وَأَعْطَى أَبَا ذَرٍّ الْغُلَامَ الْآخَرَ فَقَالَ: " اسْتَوْصِ بِهِ خَيْرًا ".
 ثُمَّ قَالَ: " يَا أَبَا ذَرٍّ مَا فَعَلَ الْغُلَامُ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ؟ ".
قَالَ: أَمَرْتَنِي أَنْ أَسْتَوْصِيَ بِهِ خَيْرًا فَأَعْتَقْتُهُ .رواه أحمد(36/561).

[هذا حديث حسن .الصحيح المسند (485)].

—---------------------------—
(خِرْ لِي)أي: اختر لي أحدَ الغلامين .
وفيه من الفوائد:
الإحسان إلى الخادم والرفق به .
فضلُ المصلين واحترامهم .
النهي عن ضرب المصلين .وإذا كان هذا في ضرب المصلين فكيف بمن يسفكُ دماءَهم ويأخذ أموالهم وينتهك أعراضهم.
حرص الصحابة  على  الخير ومنافستهم فيه.
فأبوذرٍّ رضي الله عنه أعتق غلامَه لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أوصاه  به خيرًا.

الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

(16) أحاديثُ منتقاةٌ من أحاديثِ البخاري ومسلم



عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِسَارَةَ، فَدَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ المُلُوكِ، أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ، فَقِيلَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ بِامْرَأَةٍ هِيَ مِنْ أَحْسَنِ النِّسَاءِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ مَنْ هَذِهِ الَّتِي مَعَكَ؟ قَالَ:أُخْتِي، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَ: لاَ تُكَذِّبِي حَدِيثِي، فَإِنِّي أَخْبَرْتُهُمْ أَنَّكِ أُخْتِي،وَاللَّهِ إِنْ عَلَى الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ، فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ فَقَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ، وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي، إِلَّا عَلَى زَوْجِي فَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيَّ الكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ".

 قَالَ أبوهُرَيْرَةَ:"قَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ يُقَالُ هِيَ قَتَلَتْهُ، فَأُرْسِلَ ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ تُصَلِّي، وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلَّا عَلَى زَوْجِي، فَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيَّ هَذَا الكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ ".

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:"فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ فَيُقَالُ هِيَ قَتَلَتْهُ، فَأُرْسِلَ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرْسَلْتُمْ إِلَيَّ إِلَّا شَيْطَانًا، ارْجِعُوهَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَأَعْطُوهَا آجَرَ فَرَجَعَتْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَقَالَتْ: أَشَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ كَبَتَ الكَافِرَ وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً"رواه البخاري(2217).



-----------------------

قوله:( وَأَعْطُوهَا آجَرَ)كذا في هذا الموضع وفي بعض المواضع (هاجر).


من فوائد هذا الحديث:

مشروعية الهجرة من دار الكفر.

أن قولَ الرجل لامرأته: أختي  لا يُعَدُّ طلاقًا  إذا لم ينوِ الطلاق .

وقد بوَّب البخاري (9/480)-كتاب الطلاق الباب العاشر-:بَابُ إِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهُوَ مُكْرَهٌ: هَذِهِ أُخْتِي، فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ .

ثم ذكر قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام السابق.

قال الحافظ ابن حجر :أَرَادَ –البخاري-بِذِكْرِ قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ فِي حَالَةِ الْإِكْرَاهِ لَا يَضُرُّهُ قِيَاسًا عَلَى مَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ ،لِأَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنَ الْمَلِكِ أَنْ يَغْلِبَهُ عَلَى سَارَّةَ ،وَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمْ أَنْ لَا يَقْرَبُوا الْخَلِيَّةَ إِلَّا بِخِطْبَةٍ وَرِضًا ،بِخِلَافِ الْمُتَزَوِّجَةِ فَكَانُوا يَغْتَصِبُونَهَا مِنْ زَوْجِهَا إِذَا أَحَبُّوا ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ فِي الْمَنَاقِبِ ،فَلِخَوْفِ إِبْرَاهِيمَ عَلَى سَارَّةَ قَالَ: إِنَّهَا أُخْتُهُ ،وَتَأَوَّلَ أُخُوَّةَ الدِّينِ ،وَاللَّهُ أَعْلَمُ .اهـ

وكتبتُ عن والدي رحمه الله في هذه المسألة: الأولى اجتناب قول الرجل لامرأته: يا أختي إلَّا للضرورة.اهـ

وقال رحمه الله في حاشية«الشفاعة»(40):ويستفاد من هذا–أي من قصة إبراهيم –أن الرجل لو قال لزوجته: يا أختي. لا تكون طلاقًا إلا إن  نوى بها الطـلاق، على أنه لا ينبغي للنـاس أن يعودوا أنفسهم على هذا اللفظ ابتعادًا عن الشبهة. والله أعلم.اهـ

ما حصل من الابتلاء العظيم لنبي الله وخليله إبراهيم وأهله سارة.

الفزع إلى الصلاة عند الكربات والشدائد ،وكما قال تعالى:( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153))[سورة البقرة].

وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا حزبَه أمرٌ صلَّى .

فالصلاة من أسباب كشف الكربات والنصر على الأعداء.

فضل الدعاء وأهميته في دفع البلاء والضر ،وكما قال تعالى:( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62))[النمل].

كرامة لإبراهيم وامرأته سارة إذ فرَّج الله عنهما وأذلَّ ذلكَ الملك الجبَّار.

أن الوضوء كان مشروعًا في الأُمم المتقدمة .

والذي هو من خصائص هذه الأُمة الغُرَّة والتحجيل كما في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:«إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ..».

قبولُ هدية الظالم الفاجر.




الثلاثاء، 19 ديسمبر 2017

(87) سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ



الإيمان بأن الله قِبَلَ وجهِ المُصَلِّي


عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ القِبْلَةِ، فَحَكَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَلاَ يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى» رواه البخاري(406)،ومسلم(547).



عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ،قال:أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ، فَرَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً فَحَكَّهَا بِالْعُرْجُونِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟» قَالَ فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟» قَالَ: فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟» قُلْنَا: لَا أَيُّنَا، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي، فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ  فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا» ثُمَّ طَوَى ثَوْبَهُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: «أَرُونِي عَبِيرًا» فَقَامَ فَتًى مِنَ الْحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ، فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحَتِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ، ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ، فَقَالَ جَابِرٌ: فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمُ الْخَلُوقَ فِي مَسَاجِدِكُمْ.رواه مسلم(3008).


عن الحَارِثِ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بني إسرائيل أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا، فَقَالَ عِيسَى: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ بني إسرائيل أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا، فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ، وَإِمَّا أَنَا آمُرُهُمْ، فَقَالَ يَحْيَى: أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَامْتَلأَ الْمَسْجِدُ وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرَفِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ، وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ: أَوَّلُهُنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ، فَقَالَ: هَذِهِ دَارِي وَهَذَا عَمَلِي فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ، فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟

 وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاَةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلاَ تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ...الحديث.رواه الترمذي(2863)وذكره والدي رحمه الله في الصحيح المسند .



في هذه الثلاثة الأحاديث:
فضلُ الصلاة.
أن الذي يصلي يكون الله سبحانه قِبَلَ وجهه .
ولا يتنافى مع أدلة علوِّ الله سبحانه على عرشه فالله في العلُوِّ وهو أمامَ وجه المصلِّي .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتوى الحموية (526):وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاة فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ فَلاَ يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ»الحديث حق على ظاهره، وهو سبحانه فوق العرش، وهو قِبَل وجه المصلي، بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات، فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء ويناجي الشمس والقمر لكانت السماء والشمس والقمر فوقه وكانت أيضًا قِبَل وجهه.اهـ


وفي حديث الحارث الأشعري :أن الله ينصرف عن عبده إذا التفت في صلاته.

قال ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب(20): الالتفات المنهي عنه في الصلاة قسمان.

أحدهما: التفات القلب عن الله عز وجل إلى غير الله تعالى.

الثاني: التفات البصر وكلاهما منهي عنه.

ولا يزال الله مقبلًا على عبده ما دام العبد مقبلًا على صلاته، فإذا التفت بقلبه أو بصره أعرض الله تعالى عنه.

وقد سئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التفات الرجل في صلاته فقال:«اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد».
ومثل من يلتفت في صلاته ببصره أو بقلبه كمثل رجل قد استدعاه السلطان فأوقفه بين يديه وأقبل يناديه ويخاطبه، وهو في خلال ذلك يلتفت عن السلطان يمينًا وشمالًا وقد انصرف قلبه عن السلطان فلا يفهم ما يخاطبه به، لأن قلبه ليس حاضرًا معه، فما ظنُّ هذا الرجل أن يفعل به السلطان؟

 أفليس أقل المراتب في حقه أن ينصرف من بين يديه ممقوتًا مبعدًا قد سقط من عينيه؟

فهذا المصلي لا يستوي والحاضر القلب المقبل على الله تعالى في صلاته الذي قد أشعر قلبه عظمة من هو واقف بين يديه فامتلأ قلبه من هيبته، وذلت عنقه له، واستحيا من ربه تعالى أن يقبل على غيره أو يلتفت عنه.اهـ المراد

الأحد، 17 ديسمبر 2017

(35) الأحاديثُ الضعيفة والموضوعة وما لا أصل لها لوالدي رحمه الله




حديث: <المؤمن كالغيث حيثما حلَّ نفع>.



لا نعلمه حديثًا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.



-------------------------------


كتبته وقيَّدته من دروس والدي رحمه الله.

السبت، 16 ديسمبر 2017

(22)معجزات رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم




عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ، فَأَبْطَأَ بِي جَمَلِي وَأَعْيَا، فَأَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ «جَابِرٌ»: فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قُلْتُ:أَبْطَأَ عَلَيَّ جَمَلِي وَأَعْيَا، فَتَخَلَّفْتُ، فَنَزَلَ يَحْجُنُهُ بِمِحْجَنِهِ ثُمَّ قَالَ:«ارْكَبْ»، فَرَكِبْتُ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ أَكُفُّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «تَزَوَّجْتَ» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا» قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَالَ: «أَفَلاَ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ».

 قُلْتُ: إِنَّ لِي أَخَوَاتٍ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً تَجْمَعُهُنَّ، وَتَمْشُطُهُنَّ، وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ، قَالَ:«أَمَّا إِنَّكَ قَادِمٌ، فَإِذَا قَدِمْتَ، فَالكَيْسَ الكَيْسَ».

 ثُمَّ قَالَ: «أَتَبِيعُ جَمَلَكَ» قُلْتُ: نَعَمْ، فَاشْتَرَاهُ مِنِّي بِأُوقِيَّةٍ، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلِي، وَقَدِمْتُ بِالْغَدَاةِ، فَجِئْنَا إِلَى المَسْجِدِ فَوَجَدْتُهُ عَلَى بَابِ المَسْجِدِ، قَالَ: «آلْآنَ قَدِمْتَ» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَدَعْ جَمَلَكَ، فَادْخُلْ، فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ»، فَدَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ، فَأَمَرَ بِلاَلًا أَنْ يَزِنَ لَهُ أُوقِيَّةً، فَوَزَنَ لِي بِلاَلٌ، فَأَرْجَحَ لِي فِي المِيزَانِ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى وَلَّيْتُ، فَقَالَ: «ادْعُ لِي جَابِرًا» قُلْتُ: الآنَ يَرُدُّ عَلَيَّ الجَمَلَ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ، قَالَ: «خُذْ جَمَلَكَ وَلَكَ ثَمَنُهُ»رواه البخاري(2097)،ومسلم(715).



---------------------



في هذا الحديث من الفوائد:

تفقد الإمام أصحابه وأحوالهم.

ضرب الحيوان للحاجة لقوله: فَنَزَلَ يَحْجُنُهُ بِمِحْجَنِهِ.

استجابة الحيوان لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فبمجرد ضربه له زال ما به من الصعوبة وصار سريعًا.وهذا من معجزات رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.


الحث على نكاح البكر.

اعتذار جابر في زواجه بامرأة ثيب لتقوم برعاية أخواته وإصلاحهن.

فضيلة لجابر رضي الله عنه حيث آثر مصلحة أخواته على مصلحته .

صلاة ركعتين للقادم من سفر.

أنَّ من أخَّر الثمن استُحِبَّ له الزيادة عند القضاء،وفي الحديث الصحيح(خيركم أحسنكم قضاء).

كرمُ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.