جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 29 ديسمبر 2016

(25)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ



قوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة:122].


اختلفوا في المرادِ بالآية على أقوالٍ:

-أحدها: أن الطائفة النافرة للجهاد هي التي تتفقه في دين الله فإذا رجعت تُفَقِّهُ الناس في أمورِ دينهم وما تعلَّمته من النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا رجحه ابن كثير رَحِمَهُ اللَّهُ في «الفصول».

- الثاني: أن الطائفة التي تتفقه هي التي تبقى عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والنافرة هي التي نفرتْ للجهاد ،فإذا رجع المجاهدون استفادوا وتفقهوا من الباقين.

 قال البغوي رحمه الله في «تفسير هذه الآية» أَيْ: فَهَلَّا خَرَجَ إِلَى الْغَزْوِ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةِ جَمَاعَةٌ ،وَيَبْقَى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ، ﴿لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾ يَعْنِي الْفِرْقَةَ الْقَاعِدِينَ، يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ وَالْفَرَائِضَ وَالْأَحْكَامَ، فَإِذَا رَجَعَتِ السَّرَايَا أَخْبَرُوهُمْ بِمَا أُنْزِلُ بَعْدَهُمْ، فَتَمْكُثُ السَّرَايَا يَتَعَلَّمُونَ مَا نَزَلَ بَعْدَهُمْ، وَتُبْعَثُ سَرَايَا أُخَرُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ﴾ وَلِيُعْلِمُوهُمْ بِالْقُرْآنِ وَيُخَوِّفُوهُمْ بِهِ، ﴿إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ لَا يَعْمَلُونَ بِخِلَافِهِ.اهـ وَهَذَا قَول الأَكثرين .

الثالث:«الْمَعْنى أن الْمُؤمنِينَ لم يَكُونُوا لينفروا كلُّهم للتفقه والتعلم ،بل يَنْبَغِي أن ينفر من كلِّ فرقة مِنْهُم طَائِفَة تتفقه تِلْكَ الطَّائِفَة ثمَّ ترجع تعلِّم القاعدين، فَيكون النفيرُ على هَذَا نفير تعلُّم» ذكرهُ ابن القيم رحمه الله في «مفتاح دار السعادة»(1/56).

وعلَى أيةِ حال فالآية فيها: الترغيب في التفقه في دين الله .