جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 30 يونيو 2016

(49)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله



هل يجوز للزوج أن يدفع صدقة الفطر إلى امرأته الناشزة؟

جـ: المرأة الناشزة لا يجب على زوجها أن ينفق عليها.

 فعلى هذا له أن يدفع صدقته إليها .


هذا ما استفدناه من دروس والدي رحمه الله.

-----------

والمرأة الناشزة : هي العاصية .

قال ابن الأثير في «النهاية» (5/56): يُقَالُ: نَشَزَتِ المرأةُ عَلَى زوجِها فَهِيَ نَاشِزٌ 

ونَاشِزَةٌ: إِذَا عَصَت عَلَيْهِ، وخَرَجَت عَنْ طَاعَتِهِ. ونَشَز عَلَيْهَا زوجُها، إِذَا جَفَاهَا وأضَرّ 

بِهَا.

والنُّشُوزُ: كَرَاهَةُ كلِّ واحدٍ مِنْهُمَا صاحبَه، وسوءُ عِشْرته لَهُ.

(48)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله


                      حكم إخراج صدقة الفطر نقودًا

استفدنا من والدي رحمه الله

صدقة الفطر لا يجزئ إخراجها قيمة بدلًا عنها.

فإن ألزمت بذلك الحكومة فيعطيهم، ولكنها لا تجزئه عن صدقة الفطر التي 

ذكرها النبي  صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فإذا ألزمت الحكومة بذلك يعطيهم القيمة ،ويعطي صدقة الفطر لمستحقيها.

---------

قلت: هذا قول الجمهور، أن إخراج القيمة لا يجزئ عن صدقة الفطر.
      وهذا ظاهر مذهب أحمد، ومالك، والشافعي، كما في «المغني» (3/ص295).

      واختار ذلك ابن المنذر في «الإشراف» (3/80) وقال: لا يجوز ذلك بحال. اهـ.

(47)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله


                               صدقة الفطر

صدقة الفطر تُخرج من أربعة أصناف: من الشعير، والزبيب، والتمر، والأقط  لما رواه البخاري (1510)عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ» ، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالأَقِطُ وَالتَّمْرُ».

قلت لوالدي رحمه الله : ألا يذكر البُر؛ لقوله صَاعًا مِنْ طَعَامٍ .

فقال: قد جاء تفسير الطعام في حديث أبي سعيد الخدري:«وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ 

وَالزَّبِيبُ وَالأَقِطُ وَالتَّمْرُ».

فهذه الرواية تفسير الرواية التي أبهم فيها الطعام (1).

قال والدي رحمه الله: فإن عجز عن إخراج المنصوص عليه أخرج من غالب قوت البلد.

-----------

(1)قلت: وذكر الحافظ في فتح الباري(1508)عن ابن المنذر نحو هذا فقد ذكر أن بعضهم فسَّر الطعام بالحنطة قال: وَقد رد ذَلِك ابن الْمُنْذِرِ وَقَالَ ظَنَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ صَاعًا مِنْ حِنْطَةٍ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَجْمَلَ الطَّعَامَ ثُمَّ فَسَّرَهُ ثُمَّ أَوْرَدَ طَرِيقَ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِيمَا قَالَ وَلَفْظُهُ كُنَّا نُخْرِجُ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ. وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ نَحْوَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عِيَاضٍ وَقَالَ فِيهِ وَلَا يُخْرِجُ غَيْرَهُ.

الاثنين، 27 يونيو 2016

(21)مِنْ أَحْكَامِ الصِّيَامِ


       الاهتمام بالقرآن الكريم وخاصة في العشر الأواخر من رمضان

كان جبريل عليه الصلاة والسلام يدارس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم القرآن في رمضان كلَّ سنة.روى البخاري (4997)عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، لِأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، حَتَّى يَنْسَلِخَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ».
وعند مسلم(2308): وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَلْقَاهُ، فِي كُلِّ سَنَةٍ، فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ ..
القرآن حصن حصين لمن عمل به من الضلال  والزيغ .
القرآن أصل السعادة والفوز ليس السعادة  الحصول على شهادة أو راتب أو وظيفة لأن هذه أمور زائلة فانية  { وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}.
القرآن رحمة قال تعالى :{ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }. وقال سبحانه:{وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }.وقال سبحانه: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }.
القرآن هدى قال تعالى {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}. وقال سبحانه{هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِين }.
فلا هداية إلى طريق الخير والرشاد إلا عن طريق القرآن .
القرآن علاج لأمراضنا  قال تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} .سمى ربنا القرآن  موعظة ،وشفاء ، وهدى ،ورحمة .
موعظة .قال الراغب في مفردات القرآن : الوَعْظُ: زجر مقترن بتخويف. قال الخليل  هو التّذكير بالخير فيما يرقّ له القلب، والعِظَةُ والمَوْعِظَةُ: الاسم.
فالقرآن موعظة في الأخلاق يحث على المكارم ، موعظة في التحذير من الشرك ،موعظة في المسابقة إلى الخير ،في بر الوالدين ، موعظة في الأدب مع الزوج، في تربية الأولاد ،موعظة في التحذير من الكذب ،موعظة في التحذير من جلساء السوء ،موعظة  في الصبر  ، في الإيمان بالقدر ،في العدل والإنصاف إلى غير ذلك.
وشفاء أي  علاج لأمراض قلوبنا ولأبداننا ،ولقد تفشَّى أمراض القلوب من غلٍّ وحقد وشحناء ونفاق وطمع الدنيا وغير ذلك
 بسبب البعد عن القرآن .

القرآن  مبارك  قال تعالى :{ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } .وقال سبحانه {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} .
وتنال بركته بتلاوته والعمل به .

القرآن أفضل الكتب وأحسن الحديث قال تعالى { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ}.
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى(17/11): فَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَحْسَنُ مِنْ سَائِرِ الْأَحَادِيثِ الْمُنَزَّلَةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَغَيْرِ الْمُنَزَّلَةِ.اهـ.
وليكن همُّ القارئ الانتفاع  ووجدان حلاوة التلاوة .
قال ابن القيم رحمه الله في الفوائد (149):أطلب قَلْبك فِي ثَلَاثَة مَوَاطِن ،عِنْد سَماع الْقُرْآن ،وَفِي مجَالِس الذّكر، وَفِي
أَوْقَات الْخلْوَة .فَإِن لم تَجدهُ فِي هَذِه المواطن فسل الله أَن يمُن عَلَيْك بقلب فَإِنَّهُ لَا قلب لَك .اهـ.

ومن أكثر من تلاوة القرآن مع الإخلاص والعمل به ازداد بصيرة ونورا وتفجرت من قلبه ينابيع العلم والحكمة بإذن الله .
نسأل الله أن يجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدرنا وجلاء همنا وغمِّنا .
وهذه الأيام الباقية ينبغي المجاهدة فيها والاهتمام بالقرآن ،فلا يمر الشهر قبل ختم المصحف  مرة أو أكثر مع التدبر
 والخشوع  والاتعاظ وهي فرصة لا تعوَّض .
ولا يدري الانسان هل يدرك رمضان غير هذا أم لا، وكم من أُناس كانوا بين أهليهم وأولادهم وأصحابهم في العام الماضي

وفي هذا العام قد أفضى إلى ما قدَّم ،وصار في بطن الأرض وحفرة القبر وحيدًا ليس معه إلا ما قدَّم.


(46)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله



روى البخاري (2033)ومسلم (1172)عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ 
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْتَكِفُ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً 
فَيُصَلِّي الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ، فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَضْرِبَ  خِبَاءً، فَأَذِنَتْ لَهَا، 
فَضَرَبَتْ خِبَاءً، فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى 
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الأَخْبِيَةَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» فَأُخْبِرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ 
وَسَلَّمَ: «آلْبِرَّ تُرَوْنَ بِهِنَّ» فَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ .

فيه جواز اعتكاف النساء في المسجد.

----------------
قلت: ونلاحظ كلمة جواز ،أما الاستحباب فالأفضل للمرأة أن تبقى في بيتها

لحديث  عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبيِّ  صلى الله عليه وسلم قَالَ: إذَا 

اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَتُهُ إلَىالْمَسْجِدِ فَلا يَمْنَعُهَا. متفقٌ عليه .

زادَ أبوداود في  «سننه» (567 )وبيوتهن خيرلهن . والزيادةُ ثابتة .

وأخرج أبوداود في  «سننه »(570)عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ 
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «صَلَاةُ الْمَرْأَةِفِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي 
مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا».


 وإذا كان هذا في الصلاة أن الأولى لها ألا تخرج لصلاة الجماعة  في المسجد

 فالاعتكاف من باب أولى  أنها تبقى في بيتها .


والاعتكاف لا يصح في البيت ،لكن تجتهد في العبادة والذكر والاستغفار والقرآن الكريم 

وما يقربها إلى الجنة ويباعدها من النار..


ومحلُّ جواز اعتكاف المرأة في المسجد البعد عن الفتنة والاختلاط  كما هو معلوم.

الأحد، 26 يونيو 2016

(20)مِنْ أَحْكَامِ الصِّيَامِ


                                        الدعاء ليلة القدر

روى الترمذي في سننه (3513)،وابن ماجة في سننه (3850)من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: " قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي ".

وعبدالله بن بريدة جزم بعضهم أنه لم يسمع من عائشة ،ولكنه قد تابعه أخوه سليمان بن بريدة عند النسائي في الكبرى (10647).فالحديث صحيح .

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره(7/581): وَالْمُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنَ الدُّعَاءِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَفِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَكْثَرُ، وَفِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْهُ ثُمَّ فِي أَوْتَارِهِ أَكْثَرُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنَّ يُكْثِرَ مِنْ هَذَا الدُّعَاءِ ثم ذكر حديث عائشة .

وهذا الدعاء من جوامع الأدعية .

وفيه :اعتراف العبد بالذنب والتقصير ،واللجوء إلى الله في تطهيره من أدناس الذنوب وأوساخها.

والتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته الكريمة قبل الدعاء  ،وهذا من أدب الدعاء .


الحث على العفو ،وهو التجاوز عن المسيء فالله عفو ،ويحب العفو ولهذا ربنا 

سبحانه يقول : {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }. 

(19)مِنْ أَحْكَامِ الصِّيَامِ

                    
                   المفاضلة بين العشر الأواخر من رمضان وعشر ذي الحِجة

قال ابن القيم رحمه الله في «بدائع الفوائد» :(3/162) وقد سئل شيخ الإسلام 
ابن تيمية عن مسائل عديدة من مسائل التفضيل فأجاب فيها بالتفصيل الشافي 
ثم قال:
ومنها :أنه سئل عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما 

أفضل؟ فقال:

أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان ،والليالي العشر الأواخر 

من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة .

قال ابن القيم :وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافيا كافيا فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة وفيهما يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية .


وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها ،وفيها ليلة خير من ألف شهر فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يدلي بحجة صحيحة.


(45)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله



قدَّمت لوالدي رحمه الله سؤالًا لبعض النساء هل  حديث «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، 

لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ».رواه البخاري (1904)،ومسلم 

(1151)عن أبي هريرة .

يستفاد منه إثبات صفة الشمِّ لله عزوجل ؟.


فأجاب :الحديث ليس فيه إثبات صفة الشمِّ لله عزوجل.

(44)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله

                           السواك للصائم

كان والدي رحمه الله يفيدنا بما يأتي:

يجوز الاستياك للصائم سواء قبل الزوال أو بعده .

لما روى البخاري (887)ومسلم (252)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ».

وأما حديث «إِذَا صُمْتُمْ فَاسْتَاكُوا بِالْغَدَاةِ وَلَا تَسْتَاكُوا بِالْعَشِيِّ فَإِنَّ الصَّائِمَ إِذَا يَبِسَتْ شَفَتَاهُ كَانَ لَهُ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».فهو حديث ضعيف(**).

 وكان يقول عن حديث «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ».رواه البخاري (1904)،ومسلم (1151)عن أبي هريرة .

استدل به من قال :لا يستاك الصائم بعد الزوال لأن السواك يزيل الرائحة المتغيرة .

ويجيب عنه رحمه الله :أن الرائحة المتغيرة من المعدة ،والسواك لا يزيل إلا الرائحة التي في الفم .هذا أو معناه .

-------------
قلت: قال ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد » (4/297):وَإِنَّمَا ذُكِرَ طِيبُ الْخُلُوفِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَثًّا مِنْهُ عَلَى الصَّوْمِ، لَا حَثًّا عَلَى إِبْقَاءِ الرَّائِحَةِ، بَلِ الصَّائِمُ أَحْوَجُ إِلَى السِّوَاكِ مِنَ الْمُفْطِرِ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّ رِضْوَانَ اللَّهِ أَكْبَرُ مَنِ اسْتِطَابَتِهِ لِخُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّ مَحَبَّتَهُ لِلسِّوَاكِ أَعْظَمُ مِنْ مَحَبَّتِهِ لِبَقَاءِ خُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ.

وَأَيْضًا :فَإِنَّ السِّوَاكَ لَا يَمْنَعُ طِيبَ الْخُلُوفِ الَّذِي يُزِيلُهُ السِّوَاكُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَلْ يَأْتِي الصَّائِمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَخُلُوفُ فَمِهِ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ عَلَامَةً عَلَى صِيَامِهِ، وَلَوْ أَزَالَهُ بِالسِّوَاكِ، كَمَا أَنَّ الْجَرِيحَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَوْنُ دَمِ جُرْحِهِ لَوْنُ الدَّمِ، وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِإِزَالَتِهِ فِي الدُّنْيَا.
وَأَيْضًا :فَإِنَّ الْخُلُوفَ لَا يَزُولُ بِالسِّوَاكِ، فَإِنَّ سَبَبَهُ قَائِمٌ، وَهُوَ خُلُوُّ الْمَعِدَةِ عَنِ الطَّعَامِ، وَإِنَّمَا يَزُولُ أَثَرُهُ، وَهُوَ الْمُنْعَقِدُ عَلَى الْأَسْنَانِ وَاللِّثَةِ.

(**)أخرجه البزار في «مسنده» (2137) من طريق كَيْسَانَ أَبي عُمَرَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَلِيٍّ مرفوعًا به.
وأخرجه الدارقطني في «سننه» (2372) موقوفًا وقال :كَيْسَانُ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.

وجاء عن خباب بن الأرت عند الدارقطني (2373)عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفيه كَيْسَانُ أَبُو عُمَرَ المتقدم .

السبت، 25 يونيو 2016

(18)مِنْ أَحْكَامِ الصِّيَامِ

                            ليلة القدر
ليلة القدر أفضل الليالي وأجلُّها  
أنزل الله فيها القرآن الكريم قال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}.
ووصفها سبحانه بأنها ليلة مباركة قال تعالى:{ حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3).
العبادة في ليلة القدر خير من ألف شهر قال تعالى:{ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ }. قال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (7/572) : أَلْفُ شَهْرٍ :عِبَارَةٌ عَنْ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.اهـ.
وكفى بذلك فضلًا وشرفًا.

وروى البخاري(1901) ومسلم (760) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ».

إيمانًا أي تصديقًا بفضلها ،واحتسابًا للأجر من الله لا رياء ولا سمعة ولا غير ذلك مما ينافي الإخلاص.

«غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ »وهذه بشارة عظيمة بمغفرة الذنوب وكفارتها  لمن قيام ليلة القدر إيمانا واحتسابا .

وفيها تقدَّر الأمور قال تعالى{ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)}.
 وقد قيل :سميت ليلة القدر لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ فِيهَا مَا يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مِنْ خَيْرٍ وَمُصِيبَةٍ، وَرِزْقٍ وَبَرَكَةٍ. «المغني» (2143).
والمراد التقدير الحولي،وهذا تقدير خاص بما يكون في السَّنة.
وقيل سميت ليلة القدر:لعِظَمِ قدرها وشرفها.

ليلة القدر مختلف في تعيينها والذي عليه معظم العلماء أنها ليلة سبعٍ وعشرين كما في «تفسير القرطبي» (20/134).
وقد تكون في غير سبع وعشرين قال البخاري في «صحيحه» تبويب حديث(2017): بَابُ تَحَرِّي لَيْلَةِ القَدْرِ فِي الوِتْرِ مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ ثم ذكر حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي الوِتْرِ، مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ».
قال العلماء: الحكمة من إخفاء ليلتها ليجتهد المسلم في العبادة ويطلبها في جَمِيعِ مَحَالِّ رَجَائِهَا .

فجدير بنا أن نتحرَّى ليلة القدر،وأن نحيي العشر الأواخر كلها بالعبادة والتوبة والمسارعة إلى رضا ربنا سبحانه ،وإلى جنة عرضها السماوات والأرض لنفوز بليلة القدر وبالأجور والخير.

وليلة القدر باقية لم تُرفَع بإجماع العلماء .

والمحروم من فرَّط في هذه الليلة المباركة.

وأشدُّ  حرمانًا وأعظم مصيبة وحسرة مَن أنكر ليلة القدر من أصلها،وقال إنها لا توجد أصلًا .
قال الحافظ ابن كثير في «تفسير سورة القدر» في قوله:«فَرُفِعَتْ» أَيْ رُفِعَ عِلْمُ تعيينها لَكُمْ لَا أَنَّهَا رُفِعَتْ بِالْكُلِّيَّةِ مِنَ الْوُجُودِ كَمَا يَقُولُهُ جَهَلَةُ الشِّيعَةِ لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ بَعْدَ هَذَا: «فَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ».اهـ.

ويراجع:«المجموع شرح المهذب» (6/458) ففيه أن الروافض يقولون :رُفعت ليلة القدر .

كما أن صلاة التراويح عند الشيعة منكرة
قال القحطاني في «نونيته» (25)
إن التراوح راحة في ليلة ... ونشاط كل عويجز كسلان
والله ما جعل التراوح منكرا ... إلا المجوس وشيعة الصلبان

قال السرخسي في «المبسوط » (2/143): وَالْأُمَّةُ أَجْمَعَتْ عَلَى شَرْعِيَّتِهَا وَجَوَازِهَا وَلَمْ يُنْكِرْهَا 

أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا الرَّوَافِضُ لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيهِمْ .اهـ.

ولا غرابة في ذلك فبين الشيعة وبين طريق الخير حجاب .


والله يختصُّ برحمته من يشاء والله ذوالفضل العظيم .