جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 29 فبراير 2016

الدرس الرابع من / ﺑﺎﺏُ ﺻﻔﺔِ ﺻﻼﺓِ اﻟﻨﺒﻲِّ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ من عمدة اﻷحكام 21من شهر جمادى الأُولى 1437.

بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيم
الدرس الرابع من /
ﺑﺎﺏُ ﺻﻔﺔِ ﺻﻼﺓِ اﻟﻨﺒﻲِّ  ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ من
( عمدة اﻷحكام) .

<الحديث اﻷول>

ﻗﺎﻝ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺤﺎﻓﻆ  ﺗﻘﻲ اﻟﺪﻳﻦ  ﺃﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻐﻨﻲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ ﺑﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﻦ ﺳﺮﻭﺭ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ  ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ

92 ( ﻋَﻦْ اﻟْﺒَﺮَاءِ ﺑْﻦِ ﻋَﺎﺯِﺏٍ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗَﺎﻝَ: (ﺭَﻣَﻘْﺖُ اﻟﺼَّﻼﺓَ ﻣَﻊَ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ  ﻓَﻮَﺟَﺪْﺕُ ﻗِﻴَﺎﻣَﻪُ , ﻓَﺮَﻛْﻌَﺘَﻪُ ﻓَﺎﻋْﺘِﺪَاﻟَﻪُ ﺑَﻌْﺪَ ﺭُﻛُﻮﻋِﻪِ , ﻓَﺴَﺠْﺪَﺗَﻪُ , ﻓَﺠِﻠْﺴَﺘَﻪُ ﺑَﻴْﻦَ اﻟﺴَّﺠْﺪَﺗَﻴْﻦِ , ﻓَﺴَﺠْﺪَﺗَﻪُ ﻓَﺠِﻠْﺴَﺘَﻪُ ﻣَﺎ ﺑَﻴْﻦَ اﻟﺘَّﺴْﻠِﻴﻢِ ﻭَاﻻﻧْﺼِﺮَاﻑِ: ﻗَﺮِﻳﺒﺎً ﻣِﻦْ اﻟﺴَّﻮَاءِ) . ﻭَﻓِﻲ ﺭِﻭَاﻳَﺔِ اﻟْﺒُﺨَﺎﺭِﻱِّ (ﻣَﺎ ﺧَﻼ اﻟْﻘِﻴَﺎﻡَ ﻭَاﻟْﻘُﻌُﻮﺩَ ﻗَﺮِﻳﺒﺎً ﻣِﻦْ اﻟﺴَّﻮَاءِ) .

***********************
البراء بن عازب /صحابي بن صحابي رضي الله عنهما .
رمقت/نظرت .
فيه من الفوائد
1-أن الطمأنينة في الركوع  والاعتدال بعد الركوع والسجود والجلوس بين السجدتين كانت متقاربة في التساوي لقوله(ﻗَﺮِﻳﺒﺎً ﻣِﻦْ اﻟﺴَّﻮَاءِ) .
2َ-رﻭَايةُ اﻟْﺒُﺨَﺎﺭِﻱِّ  (ﻣَﺎ ﺧَﻼ اﻟْﻘِﻴَﺎﻡَ ﻭَاﻟْﻘُﻌُﻮﺩَ ﻗَﺮِﻳﺒﺎً ﻣِﻦْ اﻟﺴَّﻮَاءِ) .
تكلم أهل العلم على الاستثناء في هذا والذي ذكره الحافظ في فتح الباري(800) أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَامِ الْمُسْتَثْنَى : الْقِيَامُ لِلْقِرَاءَةِ وَكَذَا الْقُعُودُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقُعُودُ لِلتَّشَهُّدِ .اهـ.
وقال صاحب عون المعبود(3/ 63):قُلْتُ الظَّاهِرُ هُوَ مَا قَالَ الْحَافِظُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ .وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وهذا يدلُّ على استثناء القيام للقراءة والجلوس للتشهد فالطول فيهما أكثر .
3-حرص البراء رضي الله عنه على العلم وتعلُّم الصلاة .
4- أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يبقى في مصلاه بعد السلام شيئًا .
وكان بعد صلاة الفجر يجلس في مصلاه حتى تطلع الشمس أخرج الإمام مسلم في صحيحه(670)من طريق سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ كَثِيرًا، «كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ، أَوِ الْغَدَاةَ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ».
قال القاضي رحمه الله في إكمال المعلم (3/359):وهذا من المستحبات والفضائل لزوم موضع صلاة الفجر والإقبال على الذكر والدعاء إلى وقت إباحة الصلاة وكراهية الحديث حينئذٍ .
وفيه دليلٌ على جواز التحدث بأخبار الزمان وأمور الأمم .
قال :وليس المعنى أنهم كانوا يتحدثون فى ذلك الوقت فإنه وقت الذكر والدعاء ، وإنما هو فصلٌ آخر وسيرة أخرى فى وقت آخر وصلَهما بالحديث الأَوَّل .اهـ.
وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يختم مجلسه بدعاء كفارة المجلس .
روى النسائي في عمل اليوم والليلة ص309عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا جلس مَجْلِسا أَو صلى صَلَاة تكلم بِكَلِمَات فَسَأَلت عَائِشَة عَن الْكَلِمَات فَقَالَ إِن تكلم بِخَير كَانَ طابعاً عَلَيْهِنَّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَإِن تكلم بِغَيْر ذَلِك كَانَ كَفَّارَة لَهُ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك .
***********************
<الحديث الثاني>
93 ﻋَﻦْ ﺛَﺎﺑِﺖٍ اﻟْﺒُﻨَﺎﻧِﻲِّ ﻋَﻦْ ﺃَﻧَﺲِ ﺑْﻦِ ﻣَﺎﻟِﻚٍ  ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ  ﻗَﺎﻝَ: (ﺇﻧِّﻲ ﻻ ﺁﻟُﻮ ﺃَﻥْ ﺃُﺻَﻠِّﻲَ ﺑِﻜُﻢْ ﻛَﻤَﺎ ﻛَﺎﻥَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ  ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ  ﻳُﺼَﻠِّﻲ ﺑِﻨَﺎ .ﻗَﺎﻝَ ﺛَﺎﺑِﺖٌ ﻓَﻜَﺎﻥَ ﺃَﻧَﺲٌ ﻳَﺼْﻨَﻊُ ﺷَﻴْﺌﺎً ﻻ ﺃَﺭَاﻛُﻢْ ﺗَﺼْﻨَﻌُﻮﻧَﻪُ. ﻛَﺎﻥَ ﺇﺫَا ﺭَﻓَﻊَ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻣِﻦْ اﻟﺮُّﻛُﻮﻉِ: اﻧْﺘَﺼَﺐَ ﻗَﺎﺋِﻤﺎً , ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﻘُﻮﻝَ اﻟْﻘَﺎﺋِﻞُ: ﻗَﺪْ ﻧَﺴِﻲَ , ﻭَﺇِﺫَا ﺭَﻓَﻊَ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻣِﻦْ اﻟﺴَّﺠْﺪَﺓِ: ﻣَﻜَﺚَ , ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﻘُﻮﻝَ اﻟْﻘَﺎﺋِﻞُ: ﻗَﺪْ ﻧَﺴِﻲَ).
  ﻻﺁﻟﻮ: أُقُصِّرُ .
***********************
عن ثابت البناني/هو ثابت بن أسلم من كبار تلاميذ أنس بن مالك رضي الله عنه.
وجاء عن أنس بن مالك أثرٌ في الثناءعليه  .
قال عبدالله بن أحمد في زوائد العلل (2/ 434 ) حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ :إِنَّ للخير مَفَاتِيح وَإِن ثَابتًا مِنْ مَفَاتِيحِ الْخَيْرِ .
محمد ابن أبي بكر :هو المقدَّمي ترجمته في تهذيب الكمال بروايته عن حماد بن زيد وعنه عبدالله بن أحمد بن حنبل .
وإسناده ضعيف. زيد هو ابن درهم  والد حماد: مقبول .
أنس بن مالك خادم رسول صلى الله عليه وسلم وهو أبو حمزة .
في هذا الحديث من الفوائد
1-الرفع من الركوع والاعتدال فيه .وفي حديث المسيء صلاته المتفق عليه(ثم ارفع حتى تعتدل قائما)وقد تقدم .
وهذا ركن وعليه جمهور العلماء .
قال ابن عبدالبرفي التمهيد(19/8): قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ صَارَ مِنَ الرُّكُوعِ إِلَى السُّجُودِ وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ إِنَّهُ يُجْزِئُهُ .
قال:وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَقَدَّمَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ غَيْرَ أَبِي حَنِيفَةَ .وَالْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ فِي هَذَا الْبَابِ تَرُدُّهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وفي المغني رقم (704)وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ: لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ بِهِ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ، فَلَا يَجِبُ غَيْرُهُ.اهـ.
هذا مذهب أبي حنيفة أنه له أن يركع ثم يسجد من دون أن يعتدل قائمًا من الركوع .وهذا مخالفٌ للدليل .
وقد ثبت الأمر به في حديث المسيء صلاته .
فالاعتدال فيه واجب ،وكذلك الطمأنينة فيه واجبة .وهذا عليه جمهور العلماء.
 وقد ثبت في سنن أبي داود (855)عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةُ الرَّجُلِ حَتَّى يُقِيمَ ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» .
2- استحباب إطالة الطمأنينة في الاعتدال بعد الركوع وفي الجلوس بين السجدتين.
3-قول ثابت (ﻓَﻜَﺎﻥَ ﺃَﻧَﺲٌ ﻳَﺼْﻨَﻊُ ﺷَﻴْﺌﺎً ﻻ ﺃَﺭَاﻛُﻢْ ﺗَﺼْﻨَﻌُﻮﻧَﻪُ) قال ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن (3/ 76):هذا يبين أن إطالة ركني الاعتدالين(أي الرفع من الركوع والرفع من السجود) مِمَّا ضُيِّعَ مِنْ عَهْدِ ثَابِتٍ وَلِهَذَا قَالَ فَكَانَ أَنَسٌ يَصْنَع شَيْئًا لَا أَرَاكُمْ تَفْعَلُونَهُ وأَنَّ تَقْصِير هَذَيْنَ الرُّكْنَيْنِ هُوَ مِمَّا أُحْدِثَ فِيهَا اهـ المراد.
وقوله :( ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﻘُﻮﻝَ اﻟْﻘَﺎﺋِﻞُ: ﻗَﺪْ ﻧَﺴِﻲَ)
أي قد نسي أنه في الصلاة للإطالة في الذكر بعدالرفع من الركوع وبين السجدتين .
ومن الأذكار التي كان يقولها صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد الرفع من الركوع مافي صحيح مسلم (476)عن عبدالله ابن أبي أوفى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السَّمَاءِ، وَمِلْءُ الْأَرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ اللهُمَّ طَهِّرْنِي بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَالْمَاءِ الْبَارِدِ اللهُمَّ طَهِّرْنِي مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْوَسَخِ»
وروى مسلم (477) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: " رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ: اللهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ "  .
ومن الأدعية التي كان يقولها بين السجدتين ما أخرج ابن ماجة (897) عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي».
 4 -حرص الصحابة رضوان الله عليهم على التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم .
وقد كانوا يمتثلون كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله أشد مما يمتثل المريض كلام الطبيب .
رضي الله عنهم كانوا في أشد الحرص على الخير وعلى المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم .
5-قال ابن دقيق العيد رحمه الله في شرح هذا الحديث : وَتَقْدِيمُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  لِهَذَا الْكَلَامِ أَمَامَ رِوَايَتِهِ: لِيَدُلَّ السَّامِعِينَ عَلَى التَّحَفُّظِ لِمَا يَأْتِي بِهِ وَيُحَقِّقُ عِنْدَهُمْ الْمُرَاقَبَةَ لِاتِّبَاعِ أَفْعَالِ رَسُولِ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
***********************
<الحديث الثالث>
94 (ﻋَﻦْ ﺃَﻧَﺲِ ﺑْﻦِ ﻣَﺎﻟِﻚٍ  ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ  ﻗَﺎﻝَ: (ﻣَﺎ ﺻَﻠَّﻴْﺖُ ﺧَﻠْﻒَ ﺇﻣَﺎﻡٍ ﻗَﻂُّ ﺃَﺧَﻒَّ ﺻَﻼﺓً ﻭَﻻ ﺃَﺗَﻢَّ ﺻّﻼﺓً ﻣِﻦَ اﻟﻨَّﺒﻲِّ  ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ) .
***********************
قط /أي أبدًا.
من فوائد الحديث
1-                        فيه التيسير على الناس والرحمة بهم وعدم تنفيرهم .
2-أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت خفيفة لاتشق على المأمومين .وظاهره عمومُ التخفيف في القراءة وغيرها .
وقد تكلم أهل العلم في الحث على التخفيف وضابط التخفيف المطلوب .
قال الحافظ في فتح الباري(706) مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِيجَازِ وَالْإِتْمَامِ لَا يُشْكَى مِنْهُ تَطْوِيلٌ .اهـ.
وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : قَالَ الْعُلَمَاءُ كَانَتْ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تَخْتَلِفُ فِي الْإِطَالَةِ وَالتَّخْفِيفِ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ فَإِذَا كَانَ الْمَأْمُومُونَ يُؤْثِرُونَ التَّطْوِيلَ وَلَا شُغْلَ هُنَاكَ لَهُ وَلَا لَهُمْ طَوَّلُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ خَفَّفَ.
قال: وَقَدْ يُرِيدُ الْإِطَالَةَ ثُمَّ يَعْرِضُ مَا يَقْتَضِي التَّخْفِيفَ كَبُكَاءِ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ .
وَيَنْضَمُّ إِلَى هَذَا: أَنَّهُ قَدْ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ فَيُخَفِّفُ .
وَقِيلَ :إِنَّمَا طَوَّلَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ الْأَقَلُّ وَخَفَّفَ فِي مُعْظَمِهَا فَالْإِطَالَةُ لِبَيَانِ جَوَازِهَا وَالتَّخْفِيفِ لِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ وَقَدْ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّخْفِيفِ وَقَالَ( إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمُ السَّقِيمَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ ).
وَقِيلَ :طَوَّلَ فِي وَقْتٍ وَخَفَّفَ فِي وَقْتٍ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَا تَقْدِيرَ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الِاشْتِرَاطِ بَلْ يَجُوزُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا وَإِنَّمَا الْمُشْتَرَطُ الْفَاتِحَةُ وَلِهَذَا اتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ عَلَيْهَا وَاخْتُلِفَ فِيمَا زَادَ .
وَعَلَى الْجُمْلَةِ :السُّنَّةُ التَّخْفِيفُ كَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعِلَّةِ الَّتِي بَيَّنَهَا وَإِنَّمَا طَوَّلَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لِتَحَقُّقِهِ انْتِفَاءَ الْعِلَّةِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَحَدٌ انْتِفَاءَ الْعِلَّةِ طَوَّلَ .اهـ.
ومما قرأ به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم به في الصلاة
ما أخرج البخاري (764) عن زيد بن ثابت سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ».أي سورة الأعراف .
وأخرج أحمد في مسنده(8/ 415)عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِالتَّخْفِيفِ، وَإِنْ كَانَ لَيَؤُمُّنَا بِالصَّافَّاتِ ".
وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه(1606) وبوب عليه بَابُ قَدْرِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ الَّذِي لَا يَكُونُ تَطْوِيلًا .
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه (880)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ: الم تَنْزِيلُ، وَهَلْ أَتَى ".
وعلَّق ابن حزم رحمه الله في المحلى مسألة  (444)على حديث عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنِي إمَامَ قَوْمِي، قَالَ: أَنْتَ إمَامُهُمْ، وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ، وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا .
وقَالَ : هَذَا حَدُّ التَّخْفِيفِ، وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ مَا يَحْتَمِلُ أَضْعَفُ مَنْ خَلْفَهُ وَأَمَسُّهُمْ حَاجَةً مِنْ الْوُقُوفِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ فَلْيُصَلِّ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ؟ .اهـ .
فالحاصل : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يأمر الأئمة بالتخفيف وكان أيضًا يُخَفِّف ، وأنه قد يخفف لعارضٍ كبكاء الصبي  أو خشيةَ المشقة على المأمومين .وأنه أحيانًا قد يطيل إذا علم من حال المأمومين الرغبة ،وعند عدم
 الا نشغال ،وقد يطيل إطالةً ليس فيها تنفير كقراءته في فجر الجمعة بسورة السجدة والإنسان .
وبيَّن حديث أنس المراد بالتخفيف: أنه تخفيف مع إتمام فهذا هو التخفيف المطلوب الموافق للسنة لا على ما يوافق هوى المأمومين .
وليس المراد بالتخفيف الإخلال بأركانها وواجباتها ومستحباتها.

***********************
<الحديث الرابع>
95 ((ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻗِﻼﺑَﺔَ ﻋَﺒْﺪِ اﻟﻠَّﻪِ ﺑْﻦِ ﺯَﻳْﺪٍ اﻟْﺠَﺮْﻣِﻲِّ اﻟْﺒَﺼْﺮِﻱِّ  ﻗَﺎﻝَ: (ﺟَﺎءَﻧَﺎ ﻣَﺎﻟِﻚُ ﺑْﻦُ اﻟْﺤُﻮَﻳْﺮِﺙِ ﻓِﻲ ﻣَﺴْﺠِﺪِﻧَﺎ ﻫَﺬَا , ﻓَﻘَﺎﻝَ: ﺇﻧِّﻲ ﻷُﺻَﻠِّﻲ ﺑِﻜُﻢْ , ﻭَﻣَﺎ ﺃُﺭِﻳﺪُ اﻟﺼَّﻼﺓَ , ﺃُﺻَﻠِّﻲ ﻛَﻴْﻒَ ﺭَﺃَﻳْﺖُ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ  ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳُﺼَﻠِّﻲ , ﻓَﻘُﻠْﺖُ ﻷَﺑِﻲ ﻗِﻼﺑَﺔَ: ﻛَﻴْﻒَ ﻛَﺎﻥَ ﻳُﺼَﻠِّﻲ؟ ﻓَﻘَﺎﻝَ: ﻣِﺜْﻞَ ﺻَﻼﺓِ ﺷَﻴْﺨِﻨَﺎ ﻫَﺬَا , ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻳَﺠْﻠِﺲُ ﺇﺫَا ﺭَﻓَﻊَ ﺭَﺃْﺳَﻪُ ﻣِﻦْ اﻟﺴُّﺠُﻮﺩِ ﻗَﺒْﻞَ ﺃَﻥْ ﻳَﻨْﻬَﺾَ).
 ﺃَﺭاﺩَ ﺑﺸﻴﺨِﻬﻢْ، ﺃَﺑﺎ ﻳﺰﻳﺪَ، ﻋَﻤﺮَﻭ ﺑﻦَ ﺳَﻠَﻤَﺔ اﻟﺠَﺮْﻣﻲَّ.
***********************
هذا الحديث انفرد به البخاري (677)عن مسلم .
أبو قلابة/ عبدالله بن زيد الجرمي (تابعي).
 وهوالقائل :لاتجالسوا أهل اﻷهواء ولاتجادلوهم فإني لاآمن أن يغمسوكم في ضلالهم ويلبسوا عليكم بعض ماتعرفون .
وأخرج الدارمي في سننه(100) والآجري في الشريعة (135) عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: «مَا ابْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً إِلَّا اسْتَحَلَّ السَّيْفَ» .والأثر صحيحٌ .
 أي الخروج على الحكام الظلمة .
فلايخرج على ولاة اﻷمور إلامن كان على بدعة أما من كان على سنة فإنه أبعد الناس عن الخروج على الحكام .
وكل من خرج على الحاكم الظالم فعنده نزعةٌ خارجية معتزلية  .سواء من الشيعة أو من الإخوان المسلمين أو غيرهم .
وهذه طريقة من أبرز صفات أهل البدع أ    أاالذميمة الخروج على الحكام الظلمة وحث الناس على ذلك وهذا مخالف للشرع ،ومخالف للعقيدة الصحيحة . 
النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسمع والطاعة للإمام وحذَّر من الخروج عليه وأمر بالصبر على جوره وضرب عنق من خرج عليه .
روى البخاري(3793) عن أنس بن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ: «إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي وَمَوْعِدُكُمُ الحَوْضُ».
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه (1846)عن وائل بن حجر الحضرمي رضي الله عنه قَالَ: سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَقَالَ: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ».
وما خرج أحد على إمامه إلاوفتح  باب  فساد وشر أكثر وأعظم مما كانت عليه البلاد من قبل ،سفك دماء، وزعزعة أمن ،وتعطيل المساجد وتعطيل إقامة شعائر الله، وتعطيل المصالح الدينية والدنيوية .
وأهل البدع شؤم على العبادوالبلاد في دعوتهم وفي تعليمهم وفي ثوراتهم وإبعاد الناس عن التمسك بدينهم وصدق الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الْأَئِمَّةُ الْمُضِلِّينَ.أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (456)عن ثوبان بسندٍ حسن .
في هذا الحديث من الفوائد
 1-بيان كيف كانت مجالس السلف، وأنها كانت عامرة بالعلم والتعليم .
2 - التعليم بالفعل .

3-دليل على استحباب جِلْسَةِ الاستراحة .
وجاء الحديث عند  البخاري (823 )عن مالك بن الحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيّ،بلفظ: «رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلاَتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا» .
وأخرجه الترمذي في سننه (287) وقال عقبه : العَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ، وَبِهِ يَقُولُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا اهـ.
وإذا قال الترمذي (وَبِهِ يَقُولُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا) أو (وهو قول أصحابنا) . فالمراد أصحاب الحديث كما أفاده المباركفوري في شرح هذا الحديث في تحفة الأحوذي . وذكر أنه قد نبَّه على هذا في المقدمة .
قال الحافظ في الفتح في فوائد الحديث  : فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَأَخَذَ بِهَا الشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ . وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَذَكَرَ الْخَلَّالُ أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ إِلَى الْقَوْلِ بِهَا .
قال :وَلَمْ يَسْتَحِبَّهَا الْأَكْثَرُ .
وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ بِخُلُوِّ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْهَا فَإِنَّهُ سَاقَهُ بِلَفْظِ فَقَامَ وَلَمْ يَتَوَرَّكْ . وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا كَذَلِكَ قَالَ فَلَمَّا تَخَالَفَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَا فَعَلَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِ فَقَعَدَ لِأَجْلِهَا لَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ. ثُمَّ قَوَّى ذَلِكَ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَقْصُودَةً لَشُرِعَ لَهَا ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ . وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلَّةِ وَبِأَنَّ مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ هُوَ رَاوِي حَدِيثِ (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي )فَحِكَايَتُهُ لِصِفَاتِ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ هَذَا الْأَمْرِ. وَيُسْتَدَلُّ بِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ الْمَذْكُورِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا فَكَأَنَّهُ تَرَكَهَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ.
قال : وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ كَانَتْ سُنَّةً لَذَكَرَهَا كُلُّ مَنْ وَصَفَ صَلَاتَهُ فَيُقَوِّي أَنَّهُ فَعَلَهَا لِلْحَاجَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ السُّنَنَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَسْتَوْعِبْهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ وَصَفَ وَإِنَّمَا أُخِذَ مَجْمُوعُهَا عَنْ مجموعهم .اهـ .
وجاء ذِكْرُ جِلْسَةِ الاستراحة عن أبي هريرة في حديث المسيء صلاته عند البخاري (6251) ...ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا» .
وقد أشار البخاري إلى إعلالها فإنه قال عقب ذلك : وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، فِي الأَخِيرِ: «حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا» .
قال الحافظ في الفتح : قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ فِي الْأَخِيرِ (حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا) وَصَلَ الْمُصَنِّفُ رِوَايَةَ أَبِي أُسَامَةَ هَذِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ النُّكْتَةَ فِي اقْتِصَارِ الْبُخَارِيِّ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا فِي الْأَخِيرِ (ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا) فَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ رَاوِيَهَا خُولِفَ فَذَكَرَ رِوَايَةَ أَبِي أُسَامَةَ مُشِيرًا إِلَى تَرْجِيحِهَا ثم ذكر الحافظ بعض المناقشة ثم قال :وَفِي الْجُمْلَة الْمُعْتَمد للترجيح كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ .وَاللَّهُ أَعْلَمُ اهـ .
جِلْسةُ الاستراحة تكون عند القيام للركعة الثانية وللقيام للركعة الرابعة  ،وهي جِلسة خفيفة وليس فيها طمأنينة وليس فيها ذكر أيضا.
***********************
<الحديث الخامس >
96  ﻋَﻦْ ﻋَﺒْﺪِ اﻟﻠَّﻪِ ﺑْﻦِ ﻣَﺎﻟِﻚٍ اﺑْﻦِ ﺑُﺤَﻴْﻨَﺔَ  ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ  (ﺃَﻥَّ اﻟﻨَّﺒِﻲَّ  ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛَﺎﻥَ ﺇﺫَا ﺻَﻠَّﻰ ﻓَﺮَّﺝَ ﺑَﻴْﻦَ ﻳَﺪَﻳْﻪِ , ﺣَﺘَّﻰ ﻳَﺒْﺪُﻭَ ﺑَﻴَﺎﺽُ ﺇﺑْﻄَﻴْﻪِ) .
***********************
عبد الله بن مالك: بن القِشْب .
وبحينة : أم عبدالله بن مالك.
وقد بيَّن الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم تحت رقم (95) السبب في الجمع بين الأب والأم وقال : وَمُرَادُهُمْ فِي هَذَا كُلِّهِ تَعْرِيفُ الشَّخْصِ بِوَصْفَيْهِ لِيَكْمُلَ تَعْرِيفُهُ فَقَدْ يَكُونُ الْإِنْسَانُ عَارِفًا بِأَحَدِ وَصْفَيْهِ دُونَ الْآخَرِ فَيَجْمَعُونَ بَيْنَهُمَا لِيَتِمَّ التَّعْرِيفُ لِكُلِّ أَحَدٍ .
 في هذا الحديث من الفوائد
استحباب تفريج اليدين عن الجنبين في السجود. فلايضم يديه إلى جنبيه هذا ليس من السنة .وهو عام للرجل وللمرأة إذِاﻷصل عموم التشريع إلاما خصه الدليل .
وأخرج النسائي في سُننه(1105) بسندٍ صحيح من طريق  أَبِي إِسْحَقَ، عَنْ الْبَرَاءِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى جَخَّى» .
(جَخَّى )قال في النهاية :أَيْ فتَح عَضُدَيه عَنْ جَنْبَيْه، وجَافاهُما عَنْهُمَا.
وأخرج النسائي (2/186 ) وأحمد (28/311)من طريق زَائِدَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو: أَلَا أُرِيكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: " فَقَامَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَافَى يَدَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ مِنْ وَرَاءِ رُكْبَتَيْهِ، حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَامَ، حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ، ثُمَّ سَجَدَ فَجَافَى حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ ". قَالَ: فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي أَوْ هَكَذَا كَانَ يُصَلِّي بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وهذا إسنادٌ حسن   . وعطاء بن السائب مختلط ولكن رواية زائدة عنه قبل الاختلاط كما قال الطبراني كما في تهذيب التهذيب  .
وسالم أبوعبدالله هو البراد ثقة .
قال الترمذي في سننه  تحت رقم (260) هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَهْلُ العِلْمِ: أَنْ يُجَافِيَ الرَّجُلُ يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ .
وقال النووي في المجموع (3/367)وَالْحِكْمَةُ فِي اسْتِحْبَابِ مُجَافَاةِ الرَّجُلِ مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَنَّهَا أَكْمَلُ فِي هَيْئَةِ الصَّلَاةِ وَصُورَتِهَا .
قال :وَلَا أَعْلَمُ فِي اسْتِحْبَابِهَا خِلَافًا لِأَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ اهـ .
وقد قال جمهورُ الفقهاء :الْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي الصلاة سواء إلَّا أَنَّهَا تَجْمَعُ نَفْسَهَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الصَّلَاةِ . قال المَرداوي في الإنصاف (2/ 90 )  بِلَا نِزَاعٍ .
قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (1/250): الْفُقَهَاءُ خَصُّوا ذَلِكَ بِالرِّجَالِ، وَقَالُوا: الْمَرْأَةُ تَضُمُّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا التَّصَوُّنُ وَالتَّجَمُّعُ وَالتَّسَتُّرُ. وَتِلْكَ الْحَالَةُ أَقْرَبُ إلَى هَذَا الْمَقْصُودِ اهـ   .
قلت: حجة هذا القول أن المرأة لا تجافي يديها عن جنبيها في الركوع والسجود قالوا :لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ وذلك أسترُ لها اهـ
ولكن الأصل عمومُ التشريع للرجال والنساء قال تعالى { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } .
وروى الإمامُ البخاري في صحيحه عن مالك بن الحُويرث رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي .
 وقد نصَّ على ذلكَ ابنُ حزم رحمه الله في المحلَّى مسألة (453) وقال : الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ سَوَاءٌ .
وهو قول الشيخ الألباني رحمه الله فقد قال في آخر صفة صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الخاتمة:
كل ما تقدم من صفة صلاته صلى الله عليه وسلم يستوي فيه الرجال والنساء ولم يرد في السنة ما يقتضي استثناء النساء من بعض ذلك بل إن عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) يشملهن .
قال :وهو قول إبراهيم النخعي قال:
(تفعل المرأة في الصلاة كما يفعل الرجل)
أخرجه ابن أبي شيبة (1 / 75 / 2) بسند صحيح عنه.
وحديث انضمام المرأة في السجود وأنها ليست في ذلك كالرجل مرسل لا حجة فيه. رواه أبو داود في (المراسيل) (117 / 87) عن يزيد بن أبي حبيب وهو مخرج في (الضعيفة) (2652) .اهـ .
وهذا ما استفدناه من والدي الشيخ مقبل رحمه الله أن الحكمَ عامٌ للرجل والمرأة لأن الأصل عموم التشريع .
ونصَّ عليه الشيخُ ابنُ عُثيمين رحمه الله في الشرح الممتع( 3/ 219) وقال:  القول الرَّاجح: أن المرأة تصنعُ كما يصنعُ الرَّجُلُ في كلِّ شيء، فترفَعُ يديها وتجافِي، وتمدُّ الظَّهرَ في حال الرُّكوعِ، وترفعُ بطنَها عن الفخذين، والفخذين عن الساقين في حال السُّجود.
وذكر الشيخُ ابنُ عثيمين رحمه الله  أنَّ قولهم ينتقض فيما لو صَلَّت وحدَها، والغالبُ والمشروعُ للمرأة أن تُصلِّي وحدها في بيتها بدون حضرة الرِّجال، وحينئذٍ لا حاجة إلى الانضمام ما دام لا يشهدها رِجَال.
وأنه ينتقض قولُهم إنها ترفع يديها، في مواضع الرَّفْعِ، ورَفْعُ  اليدين أقربُ إلى التكشُّف مِن المجافاة، ومع ذلك يقولون: يُسَنُّ لها رَفْعُ اليدين؛ لأن الأصل تساوي الرِّجَال والنِّساء في الأحكام .اهـ.
تبيَّن لنا مما تقدَّم على ضوء الأدلة أنَّ المرأة تُصلِّي كما يُصلي
 الرجل لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي)  .
 أم الدرداء الصُغرى اسمها هُجيمة وقيل جُهيمة تابعية علّق 
البخاري لها أثراً في صحيحه وقال:
وَكَانَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ: «تَجْلِسُ فِي صَلاَتِهَا جِلْسَةَ الرَّجُلِ وَكَانَتْ فقِيهَةً» .
والأصل هو عموم التشريع فالمرأة تصلي كما يصلي الرجل (صلوا كما رأيتموني أصلي) .ومن فرَّق بين صلاة الرجل وصلاة المرأة وقال : المرأةُ تضُمُّ نفسها إنما هو اجتهاد مخالِفٌ  للدليل .

**********************
<الحديث السادس>
97 ((ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻣَﺴْﻠَﻤَﺔَ ﺳَﻌِﻴﺪِ ﺑْﻦِ ﻳَﺰِﻳﺪَ ﻗَﺎﻝَ: (ﺳَﺄَﻟْﺖُ ﺃَﻧَﺲَ ﺑْﻦَ ﻣَﺎﻟِﻚٍ: ﺃَﻛَﺎﻥَ اﻟﻨَّﺒِﻲُّ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ  ﻳُﺼَﻠِّﻲ ﻓِﻲ ﻧَﻌْﻠَﻴْﻪِ؟ ﻗَﺎﻝَ: ﻧَﻌَﻢْ) .
***********************
 في هذا الحديث من الفوائد
1-حرص السلف على العلم، وأنَّ أسئلتهم كانت أسئلة علمية فقهية، ولم تكن أسئلتهم للثقافة ،كانت أسئلتهم للعمل بها .
2-                        استحباب الصلاة في النعال .
وروى أبو داود (652)عن ﺷَﺪَّاﺩِ ﺑْﻦِ ﺃَﻭْﺱٍ ، ﻗَﺎﻝَ: ﻗَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ: «ﺧَﺎﻟِﻔُﻮا اﻟْﻴَﻬُﻮﺩَ ﻓَﺈِﻧَّﻬُﻢْ ﻻَ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻓِﻲ ﻧِﻌَﺎﻟِﻬِﻢْ، ﻭَﻻَ ﺧِﻔَﺎﻓِﻬِﻢْ».
وأخرجه ابن حبان كما في موارد الظمآن (1/107) بلفظ "خَالِفُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي خِفَافِهِمْ وَلا فِي نعَالهمْ".
وهذا فيه الحكمة من الصلاة في النعلين وهو مخالفةُ اليهود والنصارى .
وهذا ليس بواجب ولكن فيه الترغيب ﻷن النبي صلى الله عليه وسلم صلى حافيا ومنتعلا.
روى أبوداود في سننه (1038)بسند حسن ﻋَﻦْ ﻋَﻤْﺮِﻭ ﺑْﻦِ ﺷُﻌَﻴْﺐٍ، ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻴﻪِ، ﻋَﻦْ ﺟَﺪِّﻩِ، ﻗَﺎﻝَ: «ﺭَﺃَﻳْﺖُ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻳُﺼَﻠِّﻲ ﺣَﺎﻓِﻴًﺎ ﻭَﻣُﻨْﺘَﻌِﻼً».
ومن اﻷدلة على صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في نعليه
حديث أبي سعيد الخدري عند أبي داود(650)ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﺳَﻌِﻴﺪٍ اﻟْﺨُﺪْﺭِﻱِّ، ﻗَﺎﻝَ: ﺑَﻴْﻨَﻤَﺎ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻳُﺼَﻠِّﻲ ﺑِﺄَﺻْﺤَﺎﺑِﻪِ ﺇِﺫْ ﺧَﻠَﻊَ ﻧَﻌْﻠَﻴْﻪِ ﻓَﻮَﺿَﻌَﻬُﻤَﺎ ﻋَﻦْ ﻳَﺴَﺎﺭِﻩِ، ﻓَﻠَﻤَّﺎ ﺭَﺃَﻯ ﺫَﻟِﻚَ اﻟْﻘَﻮْﻡُ ﺃَﻟْﻘَﻮْا ﻧِﻌَﺎﻟَﻬُﻢْ، ﻓَﻠَﻤَّﺎ ﻗَﻀَﻰ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﺻَﻼَﺗَﻪُ، ﻗَﺎﻝَ: «ﻣَﺎ ﺣَﻤَﻠَﻜُﻢْ ﻋَﻠَﻰ ﺇِﻟْﻘَﺎءِ ﻧِﻌَﺎﻟِﻜُﻢْ»، ﻗَﺎﻟُﻮا: ﺭَﺃَﻳْﻨَﺎﻙَ ﺃَﻟْﻘَﻴْﺖَ ﻧَﻌْﻠَﻴْﻚَ ﻓَﺄَﻟْﻘَﻴْﻨَﺎ ﻧِﻌَﺎﻟَﻨَﺎ، ﻓَﻘَﺎﻝَ ﺭَﺳُﻮﻝُ اﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ: " ﺇِﻥَّ ﺟِﺒْﺮِﻳﻞَ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﺃَﺗَﺎﻧِﻲ ﻓَﺄَﺧْﺒَﺮَﻧِﻲ ﺃَﻥَّ ﻓِﻴﻬِﻤَﺎ ﻗَﺬَﺭًا  ﺃَﻭْ ﻗَﺎﻝَ: ﺃَﺫًﻯ  " ﻭَﻗَﺎﻝَ: " ﺇِﺫَا ﺟَﺎءَ ﺃَﺣَﺪُﻛُﻢْ ﺇِﻟَﻰ اﻟْﻤَﺴْﺠِﺪِ ﻓَﻠْﻴَﻨْﻈُﺮْ: ﻓَﺈِﻥْ ﺭَﺃَﻯ ﻓِﻲ ﻧَﻌْﻠَﻴْﻪِ ﻗَﺬَﺭًا ﺃَﻭْ ﺃَﺫًﻯ ﻓَﻠْﻴَﻤْﺴَﺤْﻪُ ﻭَﻟْﻴُﺼَﻞِّ ﻓِﻴﻬِﻤَﺎ ".
 وحديث أبي سعيدٍ الخدري فيه دليل على استسلام واستجابة الصحابة رضوان الله عليهم ،وسرعة امتثالهم للشرع رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة خلع نعليه فبادروا  إلى خلع نعالهم ولم يترددوا طرفةَ عين .
 وسيرة الصحابة رضوان الله عليهم فيها سرعة الامتثال رجالا ونساء .
وفي الصحيحين ﻋَﻦْ ﻋَﺒْﺪِ اﻟﻠَّﻪِ ﺑْﻦِ ﻋُﻤَﺮَ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗَﺎﻝَ: (ﺑَﻴْﻨَﻤَﺎ اﻟﻨَّﺎﺱُ ﺑِﻘُﺒَﺎءَ ﻓِﻲ ﺻَﻼﺓِ اﻟﺼُّﺒْﺢِ ﺇﺫْ ﺟَﺎءَﻫُﻢْ ﺁﺕٍ , ﻓَﻘَﺎﻝَ: ﺇﻥَّ اﻟﻨَّﺒِﻲَّ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗَﺪْ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﻋَﻠَﻴْﻪِ اﻟﻠَّﻴْﻠَﺔَ ﻗُﺮْﺁﻥٌ , ﻭَﻗَﺪْ ﺃُﻣِﺮَ ﺃَﻥْ ﻳَﺴْﺘَﻘْﺒِﻞَ اﻟْﻘِﺒْﻠَﺔَ , ﻓَﺎﺳْﺘَﻘْﺒِﻠُﻮﻫَﺎ. ﻭَﻛَﺎﻧَﺖْ ﻭُﺟُﻮﻫُﻬُﻢْ ﺇﻟَﻰ اﻟﺸَّﺎﻡِ , ﻓَﺎﺳْﺘَﺪَاﺭُﻭا ﺇﻟَﻰ اﻟْﻜَﻌْﺒَﺔِ) .
وأخرج البخاري(4758) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا ".
 في غاية الامتثال .وهذا من أعظم صفات المسابقين إلى الخير سرعة الاستجابة والمبادرة إلى العمل بالدليل .
الصلاة في النعال سنة ولكن إذا كان الصلاة في النعال سيؤدي إلى فتنة فيجتنب.
 وقد كان والدي رحمه الله ينبه الطلاب على هذا وأنه يكون الداعي إلى الله حكيما فلايصلي في نعليه قبل توعية الناس وتعليمهم ماينفعهم ويقول هذا سنة .
فكان ينبه على هذا أن الطالب لايحدث فتنة في اﻷمور التي اﻷمر فيها واسع فإن الصلاة بدون نعال جائزةٌ.
وكان يحثُّ الطلاب على الصلاة في نعالهم .وقال ذات مرة(إلا يوم الجمعة وأستغفر الله) .
استثنى يوم الجمعة ﻷنه يحضر يوم الجمعة جمعٌ كبير وفيهم العوام والجهال وقد يكون في الصلاة في النعال فتنة .
فإذا كان فيه فتنة لايصلي فيهافأكثر الناس على جهل والدعوة تقوم على الحكمة. والله المستعان .
هناك رسالة للوالد رحمه الله (شرعية الصلاة في النعال).
ومرَّةً كان رجل من العوام من أقربائنا ينكرهذا لكن عنده استسلام فقال للوالد: هاتِ دليلًا من القرآن على الصلاة في النعلين ونحن نسكت فسكت الوالد قليلًا وكان واقفًا ثم قال :{ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى }.فقال: أما الآن صلوا كيفما شئتم .اهـ.
لا إله إلا الله ،العوام ما يفهمون الدليل ،وكان هذا قديمًا.
وقد ذهب إلى استحباب الصلاة في النعال الشوكاني في نيل الأوطار (2/153) فقد ذكر الأقوال وناقش المسألة ثم قال : وَهَذَا أَعْدَلُ الْمَذَاهِبِ وَأَقْوَاهَا عِنْدِي.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (1/109) عن حديث أبي سعيد  في الباب:قال الشيخ أحمد الطحطاوي في" حاشيته على مراقي الفلاح " (1/93) :
" فيه دليل على استحباب الصلاة في النعال الطاهرة، وهو منصوص عليه في
المذهب ". اهـ.
وقال رحمه الله عن حديث خالفوا اليهود ..وهذا الحديث يفيد استحباب الصلاة في النعال؛ لأنه أمر بذلك، وعلَّله
بمخالفة اليهود.
رحم الله علماءنا وحفظ أحياءهم .

ومن آداب الصلاة في النعال ما روى أبوداود (650) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أن النبي صلى الله عليه وسلم ﻗَﺎﻝَ: " ﺇِﺫَا ﺟَﺎءَ ﺃَﺣَﺪُﻛُﻢْ ﺇِﻟَﻰ اﻟْﻤَﺴْﺠِﺪِ ﻓَﻠْﻴَﻨْﻈُﺮْ: ﻓَﺈِﻥْ ﺭَﺃَﻯ ﻓِﻲ ﻧَﻌْﻠَﻴْﻪِ ﻗَﺬَﺭًا ﺃَﻭْ ﺃَﺫًﻯ ﻓَﻠْﻴَﻤْﺴَﺤْﻪُ ﻭَﻟْﻴُﺼَﻞِّ ﻓِﻴﻬِﻤَﺎ " .
فهذا من الآداب ومن المحافظةِ على المساجد واحترامها.
والله يقول ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾.[النور : 36].
***********************
<الحديث السابع>
98 ( ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻲ ﻗَﺘَﺎﺩَﺓَ اﻷَﻧْﺼَﺎﺭِﻱِّ  ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ : (ﺃَﻥَّ ﺭَﺳُﻮﻝَ اﻟﻠَّﻪِ  ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ  ﻛَﺎﻥَ ﻳُﺼَﻠِّﻲ ﻭَﻫُﻮَ ﺣَﺎﻣِﻞٌ ﺃُﻣَﺎﻣَﺔَ ﺑِﻨْﺖَ ﺯَﻳْﻨَﺐَ ﺑِﻨْﺖِ ﺭَﺳُﻮﻝِ اﻟﻠَّﻪِ  ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ   .
 99( ﻭَﻷَﺑِﻲ اﻟْﻌَﺎﺹِ ﺑْﻦِ اﻟﺮَّﺑِﻴﻊِ ﺑْﻦِ ﻋَﺒْﺪِ ﺷَﻤْﺲٍ , ﻓَﺈِﺫَا ﺳَﺠَﺪَ ﻭَﺿَﻌَﻬَﺎ , ﻭَﺇِﺫَا ﻗَﺎﻡَ ﺣَﻤَﻠَﻬَﺎ).
***********************
أبو قتادة الأنصاري /الحارث بن ربعي .
في هذا الحديث من الفوائد
جواز إدخال الصبيان المساجد.
وأما حديث ﻭَاﺛِﻠَﺔَ بنِ اﻷَْﺳْﻘَﻊِ، ﺃَﻥَّ اﻟﻨَّﺒِﻲَّ ﺻَﻠَّﻰ اﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻗَﺎﻝَ: «ﺟَﻨِّﺒُﻮا ﻣَﺴَﺎﺟِﺪَﻛُﻢْ ﺻِﺒْﻴَﺎﻧَﻜُﻢْ، ﻭَﻣَﺠَﺎﻧِﻴﻨَﻜُﻢْ».
فهو حديث ضعيف جدًا .فيه الحارث بن نبهان متروك.
2- جواز حمل المصلي الصبي  الصغير .
3-شفقةُ النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته فهو يحمل أمامة بنت بنته زينب وهو يصلي.
 4-( ﻓَﺈِﺫَا ﺳَﺠَﺪ ﻭَﺿَﻌَﻬَﺎ , ﻭَﺇِﺫَا ﻗَﺎﻡَ ﺣَﻤَﻠَﻬَﺎ)وفي رواية أخرى في مسلم (543/ 42)  (فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا) دليلٌ أن المصلي يضع الصبيَّ في اﻷرض من أجل أن يتمكن من الركوع والسجود .
4-خصَّ بعض العلماء هذا بالنافلة  دون الفريضة  ولكن قد ثبت في  صحيح مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا». وهذا دليلٌ على أنه كان في فريضة.
5 - طهارة ثياب الصغير ،فاﻷصل الطهارة.
***********************
<الحديث الثامن>
100 (ﻋَﻦْ ﺃَﻧَﺲِ ﺑْﻦِ ﻣَﺎﻟِﻚٍ  ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ  ﻋَﻦْ اﻟﻨَّﺒِﻲِّ  ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗَﺎﻝَ: (اﻋْﺘَﺪِﻟُﻮا ﻓِﻲ اﻟﺴُّﺠُﻮﺩِ ﻭَﻻ ﻳَﺒْﺴُﻂْ ﺃَﺣَﺪُﻛُﻢْ ﺫِﺭَاﻋَﻴْﻪِ اﻧْﺒِﺴَﺎﻁَ اﻟْﻜَﻠْﺐِ) .
***********************
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم عن هذا الحديث وما في معناه: مَقْصُودُ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلسَّاجِدِ أَنْ يَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيَرْفَعَ مِرْفَقَيْهِ عَنِ الْأَرْضِ وَعَنْ جَنْبَيْهِ رَفْعًا بَلِيغًا بِحَيْثُ يَظْهَرُ بَاطِنُ إِبْطَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَسْتُورًا .
وَهَذَا أَدَبٌ مُتَّفَقٌ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ فَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ مُسِيئًا مُرْتَكِبًا وَالنَّهْي لِلتَّنْزِيهِ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .اهـ.
وقال الشيخ ابنُ عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع (3/ 121)أي: اجعلوه سجوداً معتدلاً، لا تهصِرون فينزل البطنُ على الفخذ، والفخذ على السَّاق، ولا تمتدُّون أيضاً؛ كما يفعل بعضُ الناس إذا سجد يمتدُّ حتى يَقْرُبَ من الانبطاح، فهذا لا شَكَّ أنه من البدع، وليس بسُنَّة، فما ثَبَتَ عن النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، ولا عن الصَّحابةِ ـ فيما نعلم ـ أن الإنسان يمدُّ ظهره في السُّجود، إنما مدُّ الظَّهر في حال الرُّكوع. أما السجود فإنه يرتفع ببطنه ولا يمدُّه.اهـ.
استفدنا مما تقدم من كلام أهل العلم أن الاعتدال في السجود رفع البطن عن الفخذين ورفع الذراعين والمرفقين عن الأرض .
وتنبيه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن مدَّ الظَّهر في السجود لا دليل عليه. وهذا بخلاف الركوع فمدُّ الظَّهر مستحبٌ فيه .
الحكمة من الاعتدال في السجود
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم
 قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي هَذَا أَنَّهُ أَشْبَهُ بِالتَّوَاضُعِ وَأَبْلَغُ فِي تَمْكِينِ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ مِنَ الْأَرْضِ وَأَبْعَدُ مِنْ هَيْئَاتِ الْكَسَالَى فَإِنَّ الْمُتَبَسِّطَ كَشَبَهِ الْكَلْبِ وَيُشْعِرُ حَالُهُ بِالتَّهَاوُنِ بِالصَّلَاةِ وَقِلَّةِ الِاعْتِنَاءِ بِهَا وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .اهـ.
في هذا الحديث من الفوائد
1-الاعتدال في السجود .
2- عدم مشابهة الحيوان .
نكون انتهينا بحمد ربي سبحانه وفضله من باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
ونسألُ اللهَ التوفيق .

ويتلوه إن شاء الله (باب وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود )فما زِلْنا في كتاب الصلاة من عمدة الأحكام .