جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

كلمة لوالدي رحمه الله عن خطر موت القلب

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الوالد الشيخ مقبل رحمه الله :لأن تمرض أجسامنا أهون من أن تموت قلوبنا .

حكم العدة لمن طُلقت قبل الدخول بها

امرأة تم العقد لها ولكن في الفترة الأخيرة حصل سوء تفاهم وزوجها قال لها عليك عدة بسبب إنه حصل بينهم خلوة وقال إن الخلوة توجب العدة .
فهل هذا الكلام صحيح؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الله عزوجل يقول { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا }.ودلت الآية أنه لا عدة على المرأة قبل الدخول إذا طلقها زوجها .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : هَذَا أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، فَتَذْهَبُ فَتَتَزَوَّجُ فِي فَوْرِهَا مَنْ شَاءَتْ، وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا إِلَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا بِالْإِجْمَاعِ أَيْضًا.اهـ

بقي إذا خلى بها وأغلق الباب وأرخى الستر كما يُقال فهذا فيه العدة عند بعض العلماء وهو قول الوالد الشيخ مقبل رحمه الله .

الجمعة، 23 أكتوبر 2015

حُكم استعمال رمز القلب علامة على المحبة


السلام عليكم..
ماحكم استعمال رمز القلب()؟.
بسم الله الرحمن الرحيم
فيه فتوى للجنة الدائمة (24/92)وعلى رأسهم الشيخ ابن باز رحمه الله والشيخ صالح الفوزان حفظه الله في سؤال قُدِّم لهم مع بعض المسائل الأُخرى وكانت الفتوى:
أن فيه تشبهاً بأهل الفسق الذين يتخذون مثل هذه الرموز دلالة على حبهم وعشقهم المحرم لغيرهم، ويتفانون فيه من غير التفات لحكم الشريعة المطهرة فيه اهـ المراد
وبعد ثبوت الحُكم عليه بأنه تشبه بأهل الفسق لا يخفى حديثُ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من تشبه بقوم فهو منهم .
ونصيحتي لنفسي وكلُ من يقرأ هذه الرسالة بالرجوع في إشكالاتنا إلى العلماء الراسخين لنكون على نور وبصيرة في أمور ديننا فإن الله عزوجل يقول { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } .

أم عبدالله بنت الشيخ مقبل رحمه الله الليلة العاشرة من شهر محرم 1437.

الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

درس عمدة الأحكام /"باب فضل صلاةالجماعة ووجوبها"

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام الحافظ عبدالغني بن عبد الواحد المقدسي
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)
الفذ/الفرد .
قوله  (بسبع وعشرين درجة) وفي رواية أبي هريرة الآتية (تضعَّف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا)
ولامنافاة بين الروايتين فالعدد لامفهوم له عند جمهور اﻷصوليين.
فلاتنافي بين رواية (خمس وعشرين )و(سبع وعشرين) اﻷقل ( بخمس وعشرين )يدخلُ في اﻷكثر .
*************************************
قال الإمام الحافظ عبدالغني بن عبدالواحد المقدسي .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال:رسول الله صلى الله عليه وسلم(صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لايخرجه إلاالصلاة لم يخط خطوة إلا رُفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة فإذا صلَّى لم تزل الملائكة تصلي عليه مادام في مصلاه :اللهم صل عليه اللهم اغفر له اللهم ارحمه ولايزال في صلاة ما انتظر الصلاة) .
ش
قوله (فأحسن الوضوء) الإحسان لغة:الإتقان .
والإحسان في الوضوء أن يتوضأ كما شرع الله
.
قوله (لم يخط خُطوة) قال ابن الأثير في النهاية : الْخُطْوَةُ بِالضَّمِّ: بُعْد مَا بَيْنَ القَدَمين فِي المشْي، وَبِالْفَتْحِ المَرَّةُ. وَجَمْعُ الْخُطْوَةِ فِي الكَثْرة خُطًا، وَفِي القلَّة خُطْوَات بِسُكُونِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا وَفَتْحِهَا.
قوله (لم تزل الملائكة تصلي عليه )أي تدعو له ما دام في مصلاه.
والدعاءمفَسَّربما بعده بقوله (اللهم صل عليه اللهم اغفر له اللهم ارحمه) فهذا فيه بيان دعاء الملائكة.
وفي هذين الحديثين –حديث ابن عمروحديث أبي هريرة- من الفوائد
1-فضل صلاة الجماعة.
 وهذا الفضل عام للرجال والنساء.
2-استُدل بهذين الحديثين على أن صلاة الجماعة سنة وليست بواجبة .
واختلف العلماء على أقوال في حكم صلاة الجماعة على الرجال الذين ليس لديهم عذر في التخلُّف .
-فمنهم من قال صلاة الجماعة واجبة .وهذا قول جماعة من التابعين -منهم عطاء ابن أبي رباح والحسن البصري .
وأخرج الإمام مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: « وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ» .وهذا نص من ابن مسعود على إجماع الصحابة رضوان الله عليهم في وجوب صلاة الجماعة وأن التخلف عنها من صفات المنافقين .
وممن ذهب إلى هذا القول الإمام أحمد في أشهر الرواية عنه واختاره ابن المنذر.
وعزاه ابن رجب في فتح الباري (5/ 450)إلى عامة فقهاء الحَدِيْث، منهم: ابن خزيمة وابن المنذر.
وهو قول الوالد الشيخ مقبل رحمهم الله .
ولهذا القول أدلة .
منها: قول الله تعالى {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰ أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا} [النساء : 102]
فإذا كانت الجماعة واجبة وقت الخوف وقتال اﻷعداء ففي حال اﻷمن من باب أولى .
-ومنها :قوله تعالى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة : 43]
قوله {مَعَ الرَّاكِعِينَ} مع تفيد المعية أي أن صلاة الفريضةتصلى مع جماعة المصلين .
-ومنها: حديث اﻷعمى في صحيح مسلم (653) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ، فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ، فَقَالَ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَجِبْ» .
فإذا كان اﻷعمى لايجد له رخصة فالبصير من باب أولى .
ومنها :حديث الباب الآتي عند المؤلف في هَمِّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يحرق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة .
وهمُّ الرسول صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوتهم دليل على الوجوب .
هذه بعض أدلة القائلين بالوجوب.
وهناك أدلة أخرى تراجع من (كتاب الصلاة) لابن القيم رحمه الله .
-ومنهم من قال :صلاة الجماعة سنة مؤكدة وهذا قول المالكيةوالحنفية .
ذكره ابن القيم رحمه الله صفحة(99) من كتابه الصلاة وقال : لكنهم يؤثِّمون تارك السنن المؤكدة ويصححون الصلاة بدونه.
قال  :والخلاف بينهم وبين من قال إنها واجبة لفظي وكذلك صرح بعضهم بالوجوب اهـ.
اﻵن هنا قول الحنفية والمالكية لكنهم يقولون الذي لم يصل الصلاة في جماعة آثمٌ .
ابن القيم يقول:الخلاف بين أهل هذا القول وبين الموجبين خلاف لفظي- أي في اللفظ  العبارات فقط مختلفة لأنهم يُؤثمون الذي لم يصل الصلاة الفريضة في جماعة .
ومن قال بالاستحباب فدليله حديث ابن عمر وأبي هريرة في الباب قالوا التفضيل يدل على الاستحباب .
وكان من أجوبتهم عن حديث أبي هريرة (لقد هممت أن آمر بحطب …) بأنه في التخلف عن صلاة الجمعة كما في صحيح مسلم (652) عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِقَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أُحَرِّقَ عَلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ».
ولكن يستفاد من مجموع الروايتين التحذير من التخلف عن صلاة الجماعة وعن صلاة الجمعة .
وقالوا إنما همَّ بإحراق بيوتهم لنفاقهم.  وليس كما ذكروا .
-ومنهم من قال: صلاة الجماعة شرط في صحة الصلاة وهذا هو القول الثالث في المسألة وهوقول أحمد في رواية عنه وقول الظاهرية .
وأدلة أهل هذا القول هي أدلة الموجبين لصلاة الجماعة .
وأيضاً ما رواه ابن ماجة (793 )من طريق هُشَيْمٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ، إِلَّا مِنْ عُذْرٍ» .
وهشيم صرَّح بالتحديث عند الحاكم في المستدرك .
وتابع هُشيماً قُراد وهوعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَزْوَانَ على رفعه  كما عند الحاكم في المستدرك(1/ 372) .
لكن قال الحاكم عقبه : هَذَا حَدِيثٌ قَدْ أَوْقَفَهُ غُنْدَرُ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ شُعْبَةَ .
وقال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري (5/ 449) ولكن وقفه هُوَ الصحيح عِنْدَ الإمام أحمد وغيره.
وهذا أيضاً ما استفدناه من الوالد رحمه الله أن الصحيح وقفه .
وهذا الحديث يستدل به من قال بوجوب صلاة الجماعة ومن قال بأنها شرط .
 و القول بالشرطية بعيد يرده اﻷدلة مثل: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة) فقوله (أفضل) أفعل التفضيل تدل على المشاركة والزيادة فتستوي صلاة الفرد والذي يصلي في جماعة في الصحَّة هذه صحيحة وهذه صحيحة إلا أن الصلاة في جماعة أفضل .
ولما  روى الترمذي في سننه (219)عن يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ رضي الله عنه  قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ  النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّتَهُ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ انْحَرَفَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ فِي أُخْرَى القَوْمِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ، فَقَالَ: «عَلَيَّ بِهِمَا» ، فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا، فَقَالَ: «مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا» ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا، قَالَ: «فَلَا تَفْعَلَا، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ».
الشاهد:أنه لو لم تكن اﻷولى صحيحة لماكانت الثانيه نافلة .
وقد ذكر ابن القيم في كتاب الصلاة هذه المسألة (حكم صلاة الجماعة )واﻷقوال فيها وناقش اﻷدلة فيستفاد مما أفاده رحمه الله .
مسألة :قلت للوالد الشيخ مقبل رحمه الله ألا يكون حديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَلَا تَفْعَلَا، إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ».دليل على أن صلاة الجماعة غير واجبة على الرجال ؟.
فأجابني : لا ، الحديث دليل على صحة صلاة المنفرد واﻷدلة اﻷخرى تبين وجوب صلاة الجماعة .
3-قوله :(ثم خرج إلى المسجد لايخرجه إلاالصلاة لم يخط خطوة إلا رُفعت له بها درجة وحُط عنه بها خطيئة).
فيه فضل الخطا إلى المساجد ، كل خطوة يرفع له بها درجة ويحط عنه بها خطيئة.
 وأخرج الإمام مسلم في صحيحه (665) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: خَلَتِ الْبِقَاعُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ، فَأَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ» ، قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ، فَقَالَ: «يَا بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ».
وأخرج مسلم رحمه الله (1009) من طريق هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ» قَالَ: «تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ» قَالَ: «وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ».
دلَّ هذا الحديث أن من جملة الصدقات الخُطَا إلى المساجد .
وقوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}.
هذا فيه قولان للمفسرين أن المراد آثارهم التي أورثوها أي سنوها من بعدهم سواء من خير أو شركما قال تعالى  { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } [ النحل : 25 ] الآية . وقوله تعالى : { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } [ العنكبوت : 13 ] .ولحديث جرير عند مسلم(1017)أن النبي  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ» .
وعلى أحد التفاسيرفي قوله تعالى : { يُنَبَّأُ الإنسان يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ }وقوله تعالى : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ }
أن المراد{ بما أخَّر} أعماله التي سنها بعده .
الثاني :آثار خُطاهم إلى الطاعة أو المعصية إلى المسجد أوغيره  فقد قال تعالى : { وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ } [ التوبة : 121 ] قال الشنقيطي في تفسير يس { وآثارهم }فإن ذلك يستلزم أن تكتب لهم خطاهم التي قطعوا بها الوادي في غزوهم .

الحافظ ابن كثيررحمه الله في تفسيره يبين أنه لا تنافي بين التفسيرين وأن الآية دليل للمسألتين يقول رحمه الله :وهذا القول-أي أن الآثار هي الخُطا- لا تنافي بينه وبين الأول، بل في هذا تنبيه ودلالة على ذلك  بطريق الأولى والأحرى، فإنه إذا كانت هذه الآثار تُكتَب، فلأن تُكْتَبَ تلك التي فيها قُدوة بهم من خير أو شر بطريق الأولى، والله أعلم.
4-قوله (فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه مادام في مصلاه)  . فيه فضل البقاء في مكان الصلاة عقب الصلاة .
الملائكة تصلي عليه فهذا وقت رحمة ووقت بركة فلاينبغي أن ينصرف المصلي مباشرة بعد الصلاة بل يبقى مبتغياً للخيرومحتسبا للأجر فيبقى يذكرالله ويقرأ اﻷذكار المشروعة بعدالصلوات .
فهذا من السنن التي ينبغي أن يحرِص عليها المصلي.
وبعض الناس ينصرف مباشرة بعد الصلاةلأنه يجهل هذا الفضل أو قد يتساهل .
5-الحديث هنا مختصرففيه زيادة عند البخاري بعد قوله (اللهم اغفر له اللهم ارحمه )(مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ)
 وهذا يفيد أن الملائكة تصلي عليه وتدعو له بشرط (مالم يؤذِ فيه مالم يحدث فيه) .
(مالم يؤذِ فيه)اﻷذى كالسب والكذب والغيبة .
ويشمل اﻷذى بالفعل أن يؤذي جليسَه بالمزاحمة أو ببعض التصرفات .
( مالم يحدثْ فيه)يشمل الحدَثَ الذي ينقض الطهارة .
ويشمل أيضا البدعة فإذا ابتدع في دين الله لاتدعو له الملائكة.
6-قوله:(ولا يزال في صلاة ماانتظرالصلاة) فيه فضل انتظار الصلاة بعد الصلاة.
قال ابن عبدالبر رحمه الله في التمهيد (19/ 26)فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فَضْلَ مُنْتَظَرِ الصَّلَاةِ كَفَضْلِ الْمُصَلِّي لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ لَمْ يُرِدْ به أن ينتظر الصلاة قائما وَلَا أَنَّهُ رَاكِعٌ وَسَاجِدٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ فَضْلَ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بِالْقَصْدِ إِلَى ذَلِكَ وَبِالنِّيَّةِ فِيهِ كَفَضْلِ الصَّلَاةِ وَأَنَّ مُنْتَظِرَهَا كَالْمُصَلِّي فِي الْفَضْلِ وَلِلَّهِ أَنْ يَتَفَضَّلَ بِمَا شَاءَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ فِيمَا شَاءَ مِنَ الْأَعْمَالِ لَا معقب لحكمه لا رَادَّ لِفَضْلِهِ .اهـ
وهذا من جملة الرباط أخرج مسلم في صحيحه (251) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» .
قال الشيخ ابن عُثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين: يعني المرابطة على الخير وهو داخل في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} اهـ.
7- كثرة طرق الخير .
 نفعنا الله عزوجل بذلك وأعاذنا جميعاً من فتنة المحيا والممات .

      ونكتفي بهذا القدر.

أريد أسألك عن حكم تشقير شعر الحواجب ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
تشقير الحاجبين منكر لا يجوز لأنه يؤدِّي معنى النمص.
فالنمص يُرادُ منه ترقيق الحاجبين وكذلك التشقير ولهذا يُستعمل بديلاً للنمص ،وقد يكون خطاً من أسفل الحاجب وخطاً من أعلاه .
وقد أفتت اللجنة الدائمة ومنهم الشيخ صالح الفوزان حفظهم الله بأنه لا يجوز لما في ذلك من تغيير خلق الله سبحانه، ولمشابهته للنمص المحرم شرعا، حيث إنه في معناه، ويزداد الأمر حرمة إذا كان ذلك الفعل تقليدا وتشبها بالكفار، أو كان في استعماله ضرر على الجسم أو الشعر، لقول الله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}  وقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار .
فتوى اللجنة الدائمة (24/ 104) .
وهناك مضار واضحة لدى من جرَّب ذلك فهو يجعل شعر الحاجبين كثيفاً فما تشعر إلا بتوسع الشعروكأنه عقوبة تُجازى بنقيض قصدها وما أحسن الاستسلام لأحكام الإسلام من َّ الله علينا جميعاً بالاستقامة على دينه .والله أعلم .

أم عبدالله بنت الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله مساء اليوم السابع من شهر محرم 1437.

السلام عليكم/ أخت تسأل ما سبب الكوابيس في أحلامها وأنها حينما تضع مصحف بجانبها عند النوم أنها ترتاح في نومه؟.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً الكوابيس جمع كابوس قال الخليل بن أحمد في كتاب العين (5/316)الكابوس: ما يقع على الإنسان بالليل، لا يقدر معه أن يتنفس.
وفي المعجم الوسيط : (الكابوس) ضغط يَقع على صدر النَّائِم لَا يقدر مَعَه أَن يَتَحَرَّك قيل لَيْسَ بعربي وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ الجاثوم والباروك والنئدلان اهـ
وقد يُطلقه بعضهم على الأحلام المفزعة .
تُنصح الأخت بالمحافظة على الأذكار وتقرأ آية الكرسي والآيتين من آخر سورة البقرة والمعوذات وغيرها من الأذكار المشروعة عند النوم  ولا يضرها إن شاء الله أخرج البخاري في صحيحه (6995)عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ عَنْ شِمَالِهِ ثَلاَثًا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَرَاءَى بِي».
وهذا قد يكون سببه الغفلة وعدم المحافظة على الأذكار .
وقد يكون سببه استعمال بعض العلاجات القوية .
والنوم على أَرَق واكتئاب .
أما وضع مصحف بجانب النائم لأنه يحس براحة فهذا بدعة .

والله عزوجل قد وصف القرآن أنه مبارك في عدة آيات كقوله تعالى {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } ولكن التبرك به يكون بقراءته وتدبره والعمل به والتأدب بآدابه وليس بهذه الطريقة المذكورة ولا بتعليقه على العنق وما أشبه ذلك .وفقنا الله وإياكم لكل خير .

السبت، 17 أكتوبر 2015

قول الوالد الشيخ مقبل رحمه الله / في حكم صيام شهرمحرم كله

   بسم الله الرحمن الرحيم
استفدنا من الوالد رحمه الله أنه لا يُصَام  شهر محرَّم  كله ولا غيره من الشهور غير شهر رمضان
لما رواه البخاري(1971)ومسلم (1157) عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «مَا صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا كَامِلًا قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ» .
وأخرج مسلم في صحيحه (1156)عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا مَعْلُومًا سِوَى رَمَضَانَ؟ قَالَتْ: «وَاللهِ، إِنْ صَامَ شَهْرًا مَعْلُومًا سِوَى رَمَضَانَ، حَتَّى مَضَى لِوَجْهِهِ، وَلَا أَفْطَرَهُ حَتَّى يُصِيبَ مِنْهُ» .
ولهذا كان إذا سُئِل هل يُستحب صيام شهر محرم كله يجيب بقوله :
لا يستحب لكن تصوم يوماً وتفطر يوماً  أو تصوم الثلاث البيض والخميس والاثنين .
قلت : روى الإمام مسلم في صحيحه (1134)عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ».وهذا يدل على أنه كان لايصوم التاسع من محرم وعزم أن يصومه من العام القابل .
وهذا يدل أنه لم يصم شهرمحرم كاملا مع ما تقدم من العمومات في عدم صيامه له كاملا .
وأما الحديث الذي أخرجه مسلم (1163)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، صَلَاةُ اللَّيْلِ».
ففيه الحث على الإكثار من الصيام في شهر محرَّم جمعاً بينه وبين الأدلة الأخرى في بيان أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يصم شهراًكاملا قط غير شهر رمضان لا شهر رجب ولا شعبان ولامحرم ولا غيرها .
وجمهور العلماء أخذوا بظاهرحديث أبي هريرة( أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ)وقالوا باستحباب صيام شهر محرم كله .
وبالله التوفيق
أم عبدالله بنت الشيخ مقبل رحمه الله 


من تزوج امرأة خامسة قبل انتهاء عدة الرابعةالمطلقة

بسم الله الرحمن الرحيم
الجواب على سؤالكم فيمن تزوج امرأة خامسة ولم تنته عدة الرابعة المطلقة .
إذا كان الطلاق رجعياً فهذا حرامٌ لا يجوز بإجماع العلماء .
والعقد باطل غير صحيح فيلزمه أن يعيد العقد .
والوطء وطء شبهة ليس فيه حدالزنا .
وترث منه المرأة الرابعة إذا مات قبل انتهاء العدة .
أما إذا كان الطلاق طلاقاً بائناً أي الطلقة الثالثة ثم تزوج بالخامسة قبل انتهاء عدة المطلقة  فهذا فيه خلاف بين العلماء .
وهذه فتوى شيخ الإسلام وابن باز رحمهما الله .
قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في مجموع الفتاوى(32/ 73)أَمَّا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا: فَهَلْ يَتَزَوَّجُ الْخَامِسَةَ فِي عِدَّةِ الرَّابِعَةِ؟ وَالْأُخْتَ فِي عِدَّةِ أُخْتِهَا؟ هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ. وَالْجَوَازُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. وَالتَّحْرِيمُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله في مجموع الفتاوى (22/ 178)لا يجوز له الزواج بامرأة رابعة قبل انتهاء عدة الزوجة الرابعة التي طلقها إذا كان الطلاق رجعيا بإجماع المسلمين؛ لأن المطلقة الرجعية لها حكم الزوجات.
 أما إذا كان الطلاق بائنا ففي جواز نكاح الخامسة خلاف بين العلماء والأحوط تركه حتى تنتهي عدة المطلقة اهـ

وبالله التوفيق .

بيان مكرالنسوة اللائي أنكرنَ على امرأة العزيزمن وجوه

قال تعالى { فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ }.
قال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (2/ 115)

فإن قيل: فما كان مكرُ النسوة اللاتى مكرن به، وسمعتْ به امرأةُ العزيز، فإن الله سبحانه لم يقصه فى كتابه؟.

قيل: بلى، قد أشار إليه بقوله: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِى المَدينَةِ اُمْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتَاهَا عَنْ 

نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبا إِنَّا لَنَرَاهَا فِى ضَلاَلٍ مُبِينٍ} [يوسف: 30] .

وهذا الكلام متضمِّن لوجوهٍ من المكر:

أحدها: قولُهن: {اُمْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِد فَتَاهَا} [يوسف: 30] .

ولم يسمُّوها باسمها، بل ذكروها بالوصف الذى يُنادى عليها بقبيح فعلها، بكونها ذات بَعْل. فصدور الفاحشة منها أقبح من صدورها ممن لا زوج لها.

الثانى، أن زوجها عزيزُ مصر ورئيسها وكبيرها، وذلك أقبح لوقوع الفاحشة منها.

الثالث: أن الذى تراوده مملوك لا حُر، وذلك أبلغ فى القبح.

الرابع: أنه فتاها الذى هو فى بيتها وتحت كنفِها، فحكمه حكم أهل البيت، بخلاف من طلب ذلك من الأجنبى البعيد.

الخامس: أنها هى المراودة الطالبة.

السادس: أنها قد بلغ بها عشقُها له كل مبلغ، حتى وصل حبها له إلى شغاف قلبها.

السابع: أن فى ضمن هذا أنه أعفُّ منها وأبرُّ، وأوفَى، حيث كانت هى المراودة 

الطالبة، وهو الممتنع، عفافاً وكرماً وحياء، وهذا غايةُ الذم لها.

الثامن: أنهن أتين بفعل المراودة بصيغة المستقبل الدالة على الاستمرار والوقوع، 

حالا واستقبالا: وأن هذا شأنها، ولم يقلن: راودت فتاها.

 وفرقٌ بين قولك: فلان أضاف ضيفا، وفلان يقرى الضيف، ويطعم الطعام، ويحمل 

الكل. فإن هذا يدل على أن هذا شأنه وعادته.

التاسع قولهن: {إِنَّا لَنَرَاهَا فِى ضَلاَلٍ مُبِينٍ} [يوسف: 30] .

أي إنا لنستقبح منها ذلك غاية الاستقباح فنسبن الاستقباح إليها.

 ومن شأنهن مساعدة بعضهن بعضا على الهوى، ولا يكدن يرين ذلك قبيحا .

كما يساعد الرجال بعضهم بعضا على ذلك .

 فحيث استقبحن منها ذلك كان هذا دليلا على أنه من أقبح الأمور، وأنه مما لا ينبغي 

أن تساعَد عليه، ولا يحسن معاونتها عليه.

العاشر: أنهن جمعنَ لها فى هذا الكلام واللوم بين العشق المفرط، والطلب المفرط.

 فلم تقتصد فى حبها، ولا فى طلبها.

أما العشق فقولهن: {قَدْ شَغَفَهَا حُباً} [يوسف: 30] .
أي وصل حبه إلى شغاف قلبها.

وأما الطلب المفرْط فقولهن: {تُرَاوِدُ فَتَاهَا} [يوسف: 30] .

والمراودة: الطلب مرة بعد مرة، فنسبوها إلى شدة العشق، وشدة الحرص على 

الفاحشة. فلما سمعت بهذا المكر منهن هيأت لهن مكرا أبلغ منه، فهيأت لهن متكأ، ثم 

أرسلت إليهن، فجمعتهن وخبأت يوسف عليه السلام عنهن.

وقيل: إنها جمَّلته وألبسته أحسنَ ما تقدر عليه، وأخرجته عليهن فجأة، فلم يَرعْهُنَّ 

إلا وأحسن خلق الله وأجملهم قد طلع عليهن بغتة، فراعهن ذلك المنظر البهى، وفى 


أيديهن مُدًى يقطِّعن بها ما يأكلنه فدهشن حتى قطعن أيديهن، وهن لا يشعرن.

 وقد قيل: إنهن أبنَّ أيديهن .

 والظاهر خلاف ذلك  .
 وإنما تقطيعهن أيديهن: جُرحُها وشقها بالمُدى لدَهَشِهنَّ بما رأين .

 فقابلت مكرَهن القولي بهذا المكرِ الفعلي، وكانت هذه فى النساء غاية فى المكر .اهـ